يعتقد مصطفى ماضي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر والمستشار بمنشورات القصبة، أن المذكرات التي نشرت خلال السنوات الأخيرة وكتبها عدد من الفاعلين التاريخيين، ساهمت في تخليص تاريخ الثورة من تشويه الكتابات التاريخية الفرنسية.
ماذا قدمت المذكرات في كتابة تاريخ حرب التحرير؟
أعتقد أن مذكرات الفاعلين التاريخيين قدمت الكثير، وتعتبر اليوم السند الداعم في كتابة تاريخ حرب التحرير. يحتوي أغلبها على الكثير من المعلومات التاريخية التي يستفيد منها المؤرخ. لكن، على هذا الأخير أن يأخذها بحذر، ويتناولها بالتحليل والتمحيص.
العرب لم يعرفوا سابقا ما نسميه اليوم بالمذكرات، كانوا يكتبون السيرة فقط، وهي غير المذكرات بالمفهوم العصري. وحتى السيرة اختفت، نتيجة الدولة العربية التسلطية والظالمة التي تمنع كل من يحاول كتابة الحقيقة. وبناء عليه، تمنع من يحاول الكشف ليس فقط عن الذاكرة الذاتية، بل حتى عن الوثائق والأرشيف.
لهذه الأسباب جميعها، أعتقد أن كتابة المذكرات ساهمت وتساهم كثيرا في كتابة تاريخ الثورة. خذ مثلا قضية لابلويت ، فلولا مذكرات الفاعلين والذين عايشوها في الولاية الثالثة، لما تمكنّا من معرفة الحقيقة، وما عرفنا شيئا عن قضية تصفية المثقفين خلال الثورة. وتم ذلك بفضل ما كتبه بلعيد عبد السلام، وعلي كافي، وعبد الحفيظ أمقران وغيرهم. لقد عرفنا حقيقة التسميم الإعلامي الذي دسته المخابرات الفرنسية للتخلص من المثقفين والجامعيين داخل صفوف الثورة من قبل الثورة نفسها.
لماذا لم يساير المؤرخ هذه الحركة؟
لا بد من تفادي التعميم. هناك المؤرخ الذي ساير هذه الحركة وشجعها، وهناك شبه المؤرخ الذي يخاف على وظيفته ومركزه. إنها السلطة الرمزية للكثير من الجامعيين الذين يحتقرون ويهمشون الفاعلين في حرب التحرير. فعوض أن يكوّنوا طلبة أو صحافيين محترفين لكتابة مذكرات الفاعلين، نجدهم يتكالبون اليوم للاتصال بالفاعلين للاستحواذ على وثائقهم وأرشيفهم لكتابة تاريخ حرب التحرير حسب رغباتهم. هل تعرف أن بنجامين سطورا يشرف منذ سنوات على فرق من الطلبة لتسجيل المعلومات التاريخية وجمع المعطيات من قبل جيل الثورة قبل انقراضه. ماذا فعلنا نحن؟ المؤسسة الوحيدة التي شجعت وتشجع كتابة المذكرات هي المركز الوطني للبحوث والدراسات في الحركة الوطنية وثورة 1954 بفضل نشاط مديرها الحالي الذي نشر وترجم المئات من المذكرات إلى اللغة العربية.
هل بإمكان هذه المذكرات أن تساهم في تجاوز القراءة الفرنسية لحرب التحرير؟
القراءة الفرنسية ليست واحدة أو أحادية التناول والاتجاه. خذ على سبيل المثال مذكرات هنري علاق مذكرات جزائرية ، إنها كتابة منصفة. وهناك أيضا كتاب حول سيرة فرانسيس جانسون الفيلسوف المناضل . وأنت تعرف جيدا ما كتبه أوليفيي لوكور غرانميزون الاستعمار الإبادة وكتاب الجمهورية الإمبراطورية.. في الدولة الفرنسية العنصرية . هذا الأستاذ المختص في فلسفة التاريخ والممنوع من الظهور في القنوات الفرنسية لأنه فضح السياسة الاستعمارية. وبالرغم من هذا، أقول إن المذكرات تساهم كثيرا في تخليص التاريخ من الاستعمار .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/10/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: حاوره ح. عبد القادر
المصدر : www.elkhabar.com