قدم أستاذ التعليم العالي بجامعة غرداية مصطفى باجو خلال الأسبوع الوطني الرابع عشر للقرآن الكريم الذي نظم تحت عنوان" القرآن الكريم دعوة إلى الاجتهاد والإبداع " محاضرة حملت عنوان "القرآن الكريم أساس التجديد والاجتهاد ،الشيخ بيوض نموذجا " تطرق فيها في البداية إلى معنى التجديد في المصطلح وفي الشرع فهو في اللغة بمعنى جعل الشيء جديدا أوحديثا ،والجديد مقابل للقديم ،وأشار إلى المصطلح الشرعي الذي ورد به الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يبعث لهذه الأمة على راس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها "،فقال بأن الحديث يتمركزعن التجديد مفهوما وممارسة وآثارا،تطرق بعدها إلى أن القرآن هو مصدر التجديد ومنهجه،فقد تجلت في صدر الإسلام الأول معالم التجديد بارزة في ثنايا السور والآيات،بما بث فيها من توجيهات للإنسان أن يقلب النظر في الكون والأنفس،ويستجلي الأسرار، ويكتشف السنن،ويوازن ويقارن،ويقيم على الحقيقة والحجة علمه،ويصل بالخيروالمصلحة سلوكه،ويوظف الموازين القسط ليضبط بها مسيره ويحدد هدفه،ويدفع مركبه في الاتجاه الصحيح ،وأضاف مصطفى باجو"قد كانت وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم تجديد حياة الناس بإقامة حقائق القرآن،وعلى نهجه سارالصحابة الكرام ومن بعدهم من الأئمة الأعلام"وقال أيضا بأن "تاريخ الإسلام حافل برجال أفذاذ سخرهم الله للوفاء بمهمة التجديد والاضطلاع بأعباء البعث والإحياء، في مواقع شتى من أرض الإسلام " فذكر من باب التمثيل أسماء لامعة في حركات الإصلاح الحديثة والمعاصرة أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعددا من أعضاء جمعية العلماء المسلمين،والنورسي في تركيا وغيره في كل بقاع الأرض.
تحدث مصطفى باجوعن جدلية التجديد بين الفرض والرفض ،فمن قابلٍ له باعتباره غذاء للروح وضرورة للحياة إلى رافض ومعارض لدعاة التجديد ،ويرى أن التجديد يمكن حوصلته في تحديد المفاهيم ،ترشيد السلوك،إقامة القدوة الصحيحة .
تعرض المحاضر في معرض حديثه عن القرآن والتجديد عند الشيخ بيوض ، استعرض حياة هذا الرجل الذي نشأ كسائر الطلبة تتلمذ على شيخ البلدة رفقة زملاء متعددي المواهب ،بيد أن حاسة الإنعتاق من قيود الوعاء الحضاري كانت فيه على درجة عالية أهلته - مثلما قال-لينطلق في مشروع التجديد الذي خطط له ورسم معالمه وأهدافه،ثم جسده عمليا رفقة ثلة من رفاقه وتلاميذه وبلغ به غاية عالية وان لم تكن مثالية ونهائية ،رأى بيوض –يضيف باجو- بأن الصلة الظاهرية بين الناس وقرآنهم موجودة ،والتواصل بينهم وبين كتاب ربهم قائم،ولكنه أدرك ببصيرته أن القطيعة كانت بين المعاني والحقائق التي تحملها هذه النصوص ،ورأى بأن الجهل والاستعمارسببا لتنكب الناس عن سبيل القرآن . وقد اتضح -حسب مصطفى- باجو من عرض تجربة الشيخ بيوض أنه كان مجددا استوفى شروط القيام بمهمة التجديد ، وأنه كان مستوعبا لمفهوم التجديد واعيا بمنهجه،وسبل تحقيقه ،واتخذ من القرآن منطلقا وعدة ومنهجا ،ومن الفرد والمجتمع ميدانا وغاية،ومن التربية وسيلة ،وأنه نجح في إعادة بناء الإنسان وإحياء الدين في النفوس،فانطلقت تجسد معانيه سلوكا وأخلاقا ،وعمارة ومنهج حياة،ويفيد الإطلاع على هذه التجربة معرفة بطرق معالجة الواقع ،بتجديد معاني القرآن في النفوس،وتجسيدها في الواقع المعيش ،وكذا العمل على توفير شروط فقه القرآن ودرك مقاصده ،والإطلاع على السنة باعتبارها جزء أساسيا لفهم القرآن ،والإفادة من العلوم الحديثة في تحقيق هداية القرآن .
كما يرى مصطفى باجو أن من أهم عناصرالتجديد كما أفادته تجربة الشيخ بيوض ،توجيه النص القرآني للعلاج ومداواة علل النفس والمجتمع، بأن نبني بالقرآن الإيمان في القلوب،والأخلاق في النفوس،والاستقامة في السلوك ،وبالتعاون على البر والتقوى ،ورصف الصف،وتوحيد الجهود والتكامل لإصلاح الأوضاع والسعي لنيل مرضاة الله.
عدة خليل
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 06/02/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الجزائر الجديدة
المصدر : www.eldjazaireldjadida.dz