الجزائر

مشروع ملعب تيزي وزو كلف 300 مليون دولار و لاشيء على الواقع



يعتبر ملعب عبد القادر خالف بتيزي وزو، من بين المشاريع الكبرى التي سطّرتها وزارة الشبيبة والرياضة وتسعى لإنجازها في أقرب الآجال، على غرار ملعب بن عبد المالك بقسنطينة وملعب وهران الجديد الذي يتسع ل40 ألف متفرج. وحمل الملعب إسم المجاهد عبد القادر خالف، المعروف في منطقة القبائل والذي ترأس جهاز الأمن العسكري طيلة حكم هواري بومدين، قبل أن يشغل عدة مناصب حكومية في عهد الشاذلي بن جديد.هذا المشروع كلّف الدولة 300 مليون دولار، وهو ملعب عصري بمواصفات القرن 21، يحتوي على طابقين علوي وسفلي، ومدرجات قريبة من الأرضية على الطريقة الانجليزية. كما يحتوي على مراكز تجارية ومواقف سيارات ومسبح وقاعات رياضية بجانبه، ويتسع الملعب لحوالي 50 ألف متفرج.
لكن الملاحظ أن مشروع الملعب سجّل تأخرا كبيرا في استلامه لمدة تزيد على سبعة عشر
شهرا وقد حاولنا من خلال هذا التحقيق، الكشف عن الأسباب الرئيسة لهذا التأخر، إلا أن مهمتنا اعترضتها عراقيل جمة في ظل البيروقراطية التي تعاني منها الإدارة المسؤولة "مديرية الشبيبة والرياضة لتيزي وزو"، بالإضافة إلى التحفظ الكبير الذي لاذ به مسؤولو الملعب للتهرب من الكشف عن المعلومة.
بناء ثم هدم لثلاث مرات منذ بداية المشروع
من الأسباب الرئيسية للتأخر الكبير الذي يشهده مشروع ملعب عبد القادر خالف، هو هدم المنشأ لأكثر من مرتين منذ بدايته بسبب الأخطاء الفادحة التي شهدها المجسم والتي يكتشفها المهندسون دائما في النهاية، حيث عبّر لنا أحد العاملين الذين كانوا حاضرين عن تعجبه الكبير من عمليات الهدم التي شهدها المشروع، وهذا ناتج عن التسرع الكبير والضغط الذي يشهده المسؤولون وكذا نقص الإمكانيات المادية والبشرية لبناء ملعب وفقا للمعايير المطلوبة، وأضاف لنا نفس العامل أن عملية الترميم التي تأتي بعد الهدم تستغرق مدة أطول، الأمر الذي جعله سببا رئيسيا في عرقلة تقدم المشروع وانتهائه في آجاله المحددة سنة 2012. والجدير بالذكر أن من بين الشركات المعتمدة في بناء ملعب عبد القادر خالف توجد شركة "نوفو لاري" الاسبانية المتخصصة في "الصندقة" coffrage"، وشركتي "أبسال" و«كواصال" المتخصصتين في تعزيز الجدران " ferraillage" وهي شركات إسبانية وبرتغالية.
عمال متوقفون لأكثر من شهرين وآخرون لأزيد من 6 أشهر بسبب نقص مواد البناء
من بين الأسباب الرئيسية التي جعلت مشروع ملعب عبد القادر خالف، الذي يسع ل 50 ألف مقعد يتأخر لأكثر من 17 شهرا، هو النقص الكبير في مواد البناء والمدة الطويلة التي ينتظرها العاملون لتسلمها، حيث يضطر العاملون أحيانا إلى انتظار من ثلاث إلى ستة أشهر لاستئناف العمل واستلام المادة، ناهيك عن أيام فصل الشتاء التي يتوقف فيها العمال لأكثر من ثلاث مرات في الشهر، الأمر الذي عطل كثيرا السير الحسن لتقدم المشروع. وكان "عمر، أ« من بين الضحايا الذين توقفوا عن العمل بسبب نقص المادة لقرابة شهرين، ولم يتم حتى إبلاغه بتاريخ استئناف العمل، الأمر الذي دفعه للبحث عن وظيفة أخرى داخل مؤسسة أخرى من المؤسسات المكلفة ببناء الملعب. ويعد "عمر، أ« عينة من العينات الكثيرة التي توقفت عن العمل لمدة طويلة، وعلّق مستقبلها المهني لإشعار آخر، أما الكارثة الأخرى في الموضوع، فإن الأشهر التي لا يعمل فيها أمثال عمر، هي أشهر غير مدفوعة الأجر، بالرغم من ارتباطاتهم بعقود عمل رسمية لم يستلم العاملون نسخة منها، في الوقت الذي ينص فيه القانون على ضرورة استلام العامل نسخة من عقد عمله.
الشطر الأول من المشروع لم ينته بعد والسلطات تمنيّ النفس باستلامه بعد 10 أشهر
بناء على التصريحات التي أدلى بها العاملون في المشروع بالإضافة إلى الصور التي تحصلنا عليها بخصوص الأعمال الجارية الآن في الملعب، فإن هذا الأخير لم يبلغ شطره الأول لحد الآن بسبب السير البطيء جدا للأعمال خاصة في شهر رمضان، في حين أصر الوزير الأول عبد المالك سلال، على استلام المشروع في أفريل 2014، وعلى هذا سيدخل المسؤولون في سباق ضد الزمن من أجل تجهيزه في موعده المحدد، ولكن إذا ما استمرت الأوضاع على هذا النحو، فلن يرى المشروع النور قبل عامين من الآن على حسب ما كشف عنه أحد العاملين، وعلى هذا قد يخلق ضغط السلطات المعنية نوعا من التسرع في إنهاء المشروع في موعده المحدد، الأمر الذي قد تكون له نتائج لا يحمد عقباها، وفي نفس السياق فعلى السلطات المعنية أن تسعى جاهدة للبحث عن المسؤولين الحقيقيين وراء هذا التأخر الكبير في المشروع، ومعاقبة الأشخاص الذين كانوا سببا مباشرا أو غير مباشر في إعاقة السير الحسن للمشروع.
المسؤول الإسباني يتحجّج بنقص اليد العاملة المؤهلة
دعا المسؤول الأول على شركة "fcc" الاسبانية المكلفة ببناء ملعب عبد القادر خالف بتيزي وزو، على ضرورة توظيف اليد العاملة المؤهلة، وكذا تعزيز الإمكانيات البشرية والمادية من أجل إنهاء المشروع في آجاله المحددة، هذا الأمر كشفه المسؤول للوزير الأول عندما قام بزيارة تفقدية بحر الشهر الجاري، حيث كشف المسؤول الاسباني أن المشروع يفتقد إلى كفاءات على أعلى المستويات وزيادة الإمكانيات المادية والبشرية من أجل بناء الملعب الذي استمد مجسمه من الملاعب الانجليزية ويحتوى على عدة مرافق ضخمة من مسابح ومنشآت رياضية أخرى لا يمكن إنشاؤها بالإمكانيات المتوفرة حاليا، ولكن الوزير الأول قاطعه قائلا :«أريد استلام المشروع في أفريل 2014"، الأمر الذي أثار استغراب الحاضرين والمسؤولين القائمين على بناء الملعب.
تخصيص ميزانية لتوظيف مترجمين ونقص الاتصال بين العمال يعيق تقدم المشروع
نقص الاتصال بين العاملين الجزائريين للمشروع والمسؤولين الأجنبيين من برتغال واسبان من بين الأسباب الأخرى التي أعاقت كثيرا تقدم المشروع، فبالرغم من الميزانية المخصصة لتوظيف مترجمين يسهلون عملية الاتصال، إلا أن أحد العاملين بالملعب أكد لنا أنه يعاني مشكلا كبيرا في الاتصال مع المسؤولين الأجنبيين وفهمهم بشكل جيد، مما يضطر العامل أحيانا إلى التنقل لمسافة طويلة من أجل ترجمة الأقوال والتعليمات التي يعطيها له المهندس الأجنبي، نفس القول ينطبق مع الإدارة المسيرة للمشروع، حيث فقد "هشام، و« فرصة العمل ك«سمكري" في المشروع بسبب النقص الكبير في الاتصال الموجود، حيث طلبت أحد المؤسسات التابعة لبناء الملعب سمكري لديه خبرة 4 سنوات، كل هذه المواصفات تنطبق على هشام الذي وجدناه بعين المكان لطلب العمل بعدما تحصل على رخصة من مديرية تشغيل الشباب التابعة لولاية تيزي وزو تقضي بتأهيله كسمكري في المؤسسة، ولكنه فوجئ بالرفض بعدما لم يجد مترجما ولم يستطع فهم الأجانب المكلفين بالتوظيف.
مسؤول الأمن استفزنا وحاول جاهدا منعنا من تصوير جانب من الأشغال
عندما تنقلنا إلى ملعب عبد القادر خالف بتيزي وزو، من أجل القيام بعملنا كصحفيين وتصوير جانب من العمل الذي يقوم به المكلفون، فوجئنا بالعراقيل الكبيرة التي خلقها لنا المكلفون بالأمن، فبمجرد سماعهم بأن الزائر صحفي حضر المسؤول عن الأمن شخصيا ومنعنا من الدخول بالرغم من امتلاكنا لتكليف بمهمة القيام بعملنا كصحفيين داخل الورشة، ولا يدل ذلك على شيء إلا على التعتيم المعتمد من طرف مسؤولي المشروع لإخفاء الكوارث التي أعاقت بشكل مباشر وغير مباشر السيرورة الحسنة للمشروع، والتي لا يريد أي أحد الكشف عنها لوسائل الإعلام بما أنهم المسؤولون عن ذلك، هذا ما أكده لنا أحد المهندسين المعماريين، الذي كشف لنا أن بعض القائمين على المشروع يعانون حساسية كبيرة تجاه الإعلام.
شركة "حداد" تتحمّل جزءا كبيرا من المسؤولية في تأخر إنجاز الملعب
تتحمّل شركة أشغال الطرقات والري والبناء -حداد- تبعات التأخر الحاصل في الأشغال، الذي يشهده ملعب عبد القادر بشكل أساسي، باعتبارها المؤسسة الأم المسند لها إنجاز الملعب، وما المؤسسات البرتغالية والاسبانية إلا مؤسسات تابعة لها، وحاولنا مرارا وتكرارا الاتصال بالمسؤول الأول عن المؤسسة ولكن ذلك تعذّر علينا بسبب ارتباطاته الكثيرة، وسبق وأن صرّح المكلف بالاتصال بمؤسسة حداد، أن هذه الأخيرة على قدم وساق من أجل إنهاء إنجاز ملعب عبد القادر خالف الذي تأخّر 17 شهرا، ولكن الوضع الحالي والواقع الذي يشهده الملعب يسير عكس التصريحات المطمئنة التي أطلقتها جميع الأطراف القائمة على المشروع.
عكروم : "لا أستطيع الإدلاء بأي تصريح إلا بموافقة من الديجياس"
رفض محمد عكروم مدير مشروع ملعب عبد القادر خالف بتيزي وزو، الإدلاء بأي تصريح بخصوص الأسباب الحقيقية وراء التأخر الحاصل في إنهاء إنجاز الملعب، حيث أكد المدير أن الأمر خارج عن نطاقه، وتلقى تعليمات صارمة بعدم الإدلاء بأي تصريح إعلامي بخصوص المشروع إلا بموافقة رئيس مديرية الشباب والرياضة لتيزي وزو "أولتاش"، حيث قال: "لا أستطيع أن أدلي بأي تصريح بخصوص الملعب، لأننا تلقينا تعليمات صارمة من مديرية الشباب والرياضة تقضي بعدم الإدلاء بتصريحات إعلامية في الوقت الحالي"، وباءت كل محاولاتنا بالفشل في الاتصال بهذا الأخير، بالرغم من تنقلنا إلى مقر المديرية أكثر من ثلاثة مرات، وأكد لنا أحد العاملين بمديرية الشباب والرياضة أن الاستقبال من طرف أولتاش يُعد من سابع المستحيلات، مضيفا أن جميع المسؤولين القائمين على بناء الملعب لديهم حساسية كبيرة تجاه الإعلام بخصوص المشروع الذي تأخر وقد لا يرى النور قبل عامين من الآن.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)