مشروب الجور يكتسح مقاهي جبل أمساعد

لا تزال المشروبات التقليدية التي تنبعث رائحتها من إرث الحضارة، تفرض وجودها في المقاهي والبيوت بدائرة جبل أمساعد جنوب المسيلة، حيث يعتبر مشروب الجور أحد المشروبات الهامة المتواجدة بمقاهي بلدية جبل أمساعد، إذ تجده المشروب الوحيد الذي يقدم للسياح بالمقهى الواقعة عند مدخل البلدية، نظرا للإقبال الكبير عليه من طرف الزيار الذين يقصدون المنطقة للاستمتاع بجمال الغابة الخلاب.كما أن انفراد المقاهي بهذا المشروب يعكس ذلك المحيط الذي يحضر فيه، فهو مستحضر لعدة أعشاب غابية ليس لها وقت معين تنبت فيه بل موجودة في كل الفصول ولكنها تتجدد فقط مع نزول الأمطار، ومن أهم الأعشاب التي يصنع منها هذا المشروب: الإكليل، الدقفت، التصلاحين، الضرو، أوراق الصنوبر، الشليدة، يتم ذلك بجمع هذه الأعشاب في إناء مع كمية من الماء تحت نار هادئة ليشرع بعدها في الغليان حتى تلاحظ احمرار الماء بقوة وهذا الاحمرار ناتج عن نبتة الشليدة، ومن ثم يصبح لونه أحمر قاتما، نقوم بتصفيته ويضاف إليه السكر ويقدم ساخنا، وكم في هذه الأعشاب من فوائد صحية أشار إليها الطب فنبتة التصلاحين تستعمل لتصفية الدم خصوصا المصابين باليرقان أو ما يسمى بالصفير، أما نبتة الدقفت فهي للمصابين بأمراض المعدة والمعي الغليظ، ناهيك عن الدور الذي يلعبه نبات الإكليل في معالجة أمراض الإسهال، إضافة إلى عدة أدوار تؤديها هذه الأعشاب من أمراض الزكام والسعال وحتى الأمراض المزمنة كالضغط الدموي والسكر والربو. ولقد ذاع صيت مشروب الجور فقد انتشر بسرعة بين السكان والزائرين على حد سواء، لأنه يلامس الأصالة عن بعد، فهو يعود إلى سنين ماضية لكن ما تواترته الروايات الشفهية تنم على أن الاهتداء إلى صنعه كان مجرد نوعا من التجربة أوجدها أصحاب الجيل القديم فكانت فكرتهم صالحة في زماننا هذا، حتى أصبح ينافس المشروبات الأخرى الموجودة بمقاهي جبل أمساعد إذ أن العائلات أصبحت تحضره في البيوت سواء في المناسبات أو في ليالي السمر، كونه يحمل بعدا أصيلا متجذرا من غياهب الزمن الماضي، الذي لا تزال أسراره محفوظة لدى أناسه الذين عايشوه وقتئذ، ولم تكن لهم حيلة في البحث عن حقيقة الشيء إلا ما وصل إليهم بنواياهم الحسنة.