مساعدة بـ50 أورو للفلسطينيين تتسبب في اعتقال شاب من أصل مغربي شرعت مصالح الأمن الفرنسية، فجر أمس الجمعة، في حملة اعتقالات ضد من تصفهم بالمتشددين الإسلاميين، حيث تم توقيف 19 شخصا في عدد من المدن الفرنسية.
تأتي هذه العملية الأمنية ساعات قليلة بعد دفن جثة محمد مراح أول أمس الخميس، في مقبرة كورنوباريو بتولوز. وفي سياق الضغط الحاصل، حاصرت قوات مكافحة الشغب الأحياء العربية في تولوز، أبرزها حي ''لارينيري'' الشعبي، خوفا من أعمال شغب احتجاجا على اعتقال عناصر من الحي.
وتسود أجواء كراهية وعنصرية ضد المسلمين والعرب، وبشكل أخص الجزائريين، هذه الأيام بفرنسا، بسبب تداعيات قضية الشاب محمد مراح، حيث كثفت مصالح الأمن الفرنسية من حملات التفتيش والاعتقال في حق من تشتبه بانتمائهم لتنظيمات متشددة. ويعيش المهاجرون في الأحياء العربية في فرنسا، خصوصا مدينة تولوز، ظروفا صعبة يميزها الخوف قبيل الانتخابات الرئاسية التي يريد من خلالها ساركوزي الفوز بعهدة ثانية. ويرى بعض من التقتهم ''الخبر'' في أحياء ''باغاتال'' وبال فونتان'' أن ''الحملة الانتخابية الاستباقية تمر قاسية جدا عليهم، فقد جرى تشويه صورتهم بسبب قضية مراح، من طرف اليمين الفرنسي بقيادة ساركوزي، واليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان''.
وفي مدينة تولوز، التي شهدت أول أمس دفن جثمان الشاب محمد مراح، أوقفت مصالح الأمن فجر الجمعة شخصين بتهمة الانتماء لجماعات متشددة، ويتعلق الأمر بشاب يقيم في حي ''سان سيمون''، وشاب آخر يقيم في حي ''راينيري'' في منطقة ''ميراي الكبرى''. ونشرت وسائل الإعلام الفرنسية أن الشرطة تدخلت في نانت مستهدفة منزلا في منطقة كويرون، وجرت مداهمات أخرى في نانت والمنطقة الباريسية ومرسيليا وليون ونيس، وتتحدث الشرطة الفرنسية عن اكتشاف جماعة اسمها ''فرسان العزة''، يقيم زعماؤها في مدينة نانت.
وفي هذا السياق قالت عائلة الشاب إدريس، وهو من أصول مغربية، يقيم في ''راينيري'' منذ سنة ونصف، في تصريح لـ''الخبر'' أن ''مصالح الأمن اقتحمت الشقة بعنف وكسرت الباب على الساعة الرابعة فجرا، وقامت بتقييد الوالد ثم أوقفت الشاب إدريس''. وسألت ''الخبر'' بالمناسبة شقيق إدريس عن السبب، فنفى علاقة أخيه بأي جماعة متشددة على الإطلاق، وأوضح أن الشرطة تتهم إدريس ''بدفع 50 أورو كمساعدة لأطفال فلسطين في إحدى المرات، وبالدخول إلى موقع دعوي، وتقول الشرطة إنه موقع جهادي''. بينما تتحدث جهات أخرى أن ''الشاب الموقوف يشتبه بانتمائه لجمعية دعوية تدعو لتدريب شباب على رياضات قتالية بهدف حماية الأخوات اللواتي يتعرضن للاعتداء بسبب التزامهن''.
وتعيش العاصمة باريس أيضا أجواء مشحونة، حيث تجري أطوار محاكمة عدلان هيشور، المعروف باسم ''الجهادي المثقف''، فهو حامل لشهادة عليا في الكيمياء، وتتابعه العدالة الفرنسية بتهمة التخطيط لهجمات إرهابية.
وبالعودة إلى قضية الشاب محمد مراح، فقد تم دفنه في قبر دون اسم، خوفا من انتقام المتطرفين اليهود من قبره، أو تحوله إلى مزار من قبل المتشددين الإسلاميين، وتحيط مصالح الأمن محيط مقبرة ''كورنوباريو'' بإجراءات أمنية مشددة لهذا الغرض.
يحدث هذا في وقت عمدت السلطات الفرنسية إلى حجب مواقع إلكترونية وصفحات لشيوخ ودعاة مسلمين، بحسب شكاوى عدد من مستخدمي الأنترنت تحدثت إليهم ''الخبر''، أوضحوا أنه ''دون سابق إنذار أصبح مستحيلا الدخول إلى مواقع دينية لدعاة وشيوخ معتدلين، وقد حدث هذا الأمر هذه الأيام فقط''.
وفي تداعيات مقتل محمد مراح، كان قد رفض وزير الداخلية كلود غيون ونظيره في الخارجية آلان جوبي دخول أربعة دعاة وشيوخ إلى فرنسا، ويتعلق الأمر بكل من مفتي القدس عكرمة صبري، والداعية السعودي عائض بن عبد الله القرني، والإمام المصري صفوت الحجازي، والإمام السعودي عبد الله باصفر.
وقبل ذلك، تراجع الشيخ يوسف القرضاوي والداعية محمود المصري عن زيارة فرنسا لحضور مؤتمر عالمي، بعدما أعلن نيكولا ساركوزي أنهما ''شخصان غير مرغوب فيهما في فرنسا''.
تولوز: مبعوث ''الخبر'' رمضان بلعمري
الخبير المغربي في الجماعات الإسلامية محمد ظريف لـ''الخبر''
''الأمن الفرنسي يريد الاستدراك بعد صفعة مراح''
لا توجد تنظيمات متطرفة مهيكلة في فرنسا ولكن أفرادا يحملون أفكارا متطرفة
اعتبر الخبير في الجماعات الإسلامية، الدكتور محمد ظريف، الذي يشتغل أستاذا للعلوم السياسية بجامعة محمد السادس، أن الاعتقالات التي شنتها مصالح الأمن الفرنسية صباح أمس، تدخل في إطار رد الاعتبار للمؤسسة الأمنية الفرنسية التي تلقت صفعة قوية في قضية مراح، حيث أظهرت قصورا في الأداء، واستطاع مراح أن ينتصر عليها في المعركة الإعلامية. واستبعد أن يكون في فرنسا تنظيمات تحمل فكرا جهاديا مهيكلة تتبع القاعدة، وإنما مجرد أفراد يحملون فكرا متطرفا.
وقال الدكتور محمد ظريف، في اتصال مع ''الخبر''، ردا على سؤال حول حقيقة تواجد تنظيمات جهادية في فرنسا على خلفية اعتقال 19 إسلاميا في عدد من المدن الفرنسية :''إن وجود فكر متطرف لدى مجموعة من الأشخاص لهم تصورات يعتبرها الغرب أفكارا متطرفة، وينتقل حاملها إلى الفعل مثل ما جرى مع محمد مراح، هذا أمر موجود على الواقع، ولا يمكن تجاهله، لكن وجود تنظيمات متطرفة لديها بنيات ومهيكلة فهذا أمر مبالغ فيه، لأن من الصعب عدم رصد مثل هذه التنظيمات في الدول الأوروبية، وهو ما أدركته القاعدة، حيث لا تعتمد على تنظيمات فرعية في هذه المنطقة لأنها قد تعرض نفسها للخطر''. وأشار إلى أن محمد مراح خير دليل على ذلك حين كان ينسق مع أخيه، دون أن يثير أي شك.
ويرى الخبير في الجماعات الإسلامية أن سلسلة توقيفات أمس مرتبطة ''بعمليات تولوز التي كانت بمثابة صفعة قوية للأجهزة الأمنية الفرنسية، التي لم تستطع رصد محمد مراح، رغم أنه كان يملك كمية من الأسلحة، ما وضع السلطات الفرنسية أمام تحد جديد''، ويضيف ''أعتقد بأنها حملة استباقية تحاول من خلالها أجهزة الأمن تدارك ما وقع لها مع محمد مراح، حيث تحاول مداهمة وتفتيش كل الأشخاص الذين لديهم ملفات خاصة ممن يحملون الفكر المتطرف، ربما سيساعدها ذلك في التعرف على ما جرى في تولوز''. وعن توقيت هذه العمليات وعلاقتها بسباق الرئاسة في فرنسا يقول المتحدث ''نعم هناك من يركز على توقيت العملية، وهناك من يقف عند الدلالات التي أدار بها محمد مراح العملية، وهنا يمكن أن نقول إن محمد مراح ربح المعركة إعلاميا، فخلال 30 ساعة جعل كل الوسائل الإعلامية في فرنسا وخارجها تتحدث عنه، فهو أدار معركة إعلامية وربحها''. ويضيف'' هناك من يعتقد أن عملية تولوز كانت موجهة ضد ساركوزي، لأنه لو لم يتم التعرف على هوية مراح لكانت ستطرح العديد من الأسئلة حول ضبط الأمن، في وقت أن ساركوزي يوظف الورقة الأمنية. لكن يبدو أن الأمر أصبح في صالح ساركوزي، وسيزيد من تعزيز رصيده السياسي، وسيظهر بأنه قادر على حماية الفرنسيين من الإسلاميين المتطرفين''.
وفي قراءته لعمليات تولوز ومقتل مراح بتلك الطريقة، قال المختص في الجماعات الإسلامية ''قضية مراح كشفت أوجه قصور الأجهزة الأمنية الفرنسية، كون مراح أدار عمليات وأظهر تمرسه على استعمال السلاح، إضافة إلى أنه كانت لديه أسلحة، وأدار الحصار الذي فرض عليه بشكل جيد، واستطاع أن يواجه نخبة من المتمرنين في الأجهزة الأمنية الفرنسية''.
ويرى الخبير المغربي بأن فرنسا في وضع حرج، وعلى أجهزتها إعادة النظر في عملها، واستدراك هذا القصور، لأن ''محمد مراح سيصبح مغريا للشباب الحامل للأفكار الجهادية، وهو في نظرهم قد أصبح بطلا''.
وعن حقيقة انتماء محمد مراح لجماعة متطرفة أم أن الأجهزة الأمنية أرادت التخلص منه لسبب ما، بعدما كان عميلا لها، وفق بعض التصريحات، أجاب محمد ظريف: ''بعد مقتل مراح لا أحد يمكن أن يؤكد أنه كان تابعا للقاعدة أم لا. لكن أنا أرجح رواية أنه كان تابعا لأحد فروع القاعدة، لأن أجهزة الأمن وجدت نفسها مضطرة للتدخل أمام شخص رفض الاستسلام، وأثبت تمرسه على استعمال السلاح، إضافة إلى أنه استعمل نفس أساليب القاعدة، حين فضل الموت على الاستسلام والسقوط في أيدي قوات الأمن، وهو شكل من أشكال الانتحاريين الذي تبحث عنهم القاعدة وتوظفهم.
الجزائر: رضا شنوف
في تقرير للجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان
الجالية المغاربية الضحية الرئيسية لأعمال العنصرية في فرنسا
أصبح المجتمع الفرنسي أقل تفتحا على الأجانب إذ أصبحت مسائل العنصرية، وكره الأجانب، والتمييز، مواضيع أساسية في بلد حيث مبدأ المساواة والأخوة بات منبوذا، حسب تقرير اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان لسنة .2011
ولدى تطرقها إلى مسألة العنصرية بالأرقام أشارت اللجنة إلى أنه حتى وإن عرف عدد الأعمال العنصرية والمعادية للسامية وللأجانب التي سجلتها مصالح الشرطة والدرك تراجعا طفيفا، فإن حركة الانفتاح البطيء والمتواصل للمجتمع الفرنسي على الآخر، أي الأجنبي أو المهاجر توقفت.
وجاء في التقرير أنه ''للمرة الثانية على التوالي تراجع التسامح وانتشرت مشاعر كره الأجانب. إذ يدعو استمرار هذه الظاهرة في سياق الأزمة الاقتصادية التي تثير المخاوف والشكوك إلى توخي الحذر''.
وحسب الوثيقة أصبح المغاربيون الضحايا الرئيسيين للعنصرية في فرنسا، وتتمثل المناطق الفرنسية التي تعاني من هذه الظاهرة في ليل دو فرانس ومنطقة باكا ورون ألب.
وزادت العنصرية ضد المسلمين بنسبة 6,33 بالمائة ما بين 2010 و2011، حيث بلغت الأعمال المعادية للمسلمين 38 عملا سنة 2011، بينما قدرت التهديدات ضد المسلمين بـ117 خلال السنة الماضية.
ودعت اللجنة السلطات العمومية الفرنسية إلى التحلي باليقظة فيما يخص هذا ''العنف''، متسائلة حول أثر بعض الخطابات السياسية أو النقاشات الوطنية على سلوك بعض الفرنسيين تجاه المسلمين. لذا من الضروري السهر على تفادي أن تساهم هذه النقاشات في إثارة مشاعر الحذر تجاه هذه الديانة.
وأج
مارين لوبان تطالب بحل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا
طالبت مرشحة اليمن المتطرف لانتخابات الرئاسة الفرنسية مارين لوبان أمس بحل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، وهو منظمة فرنسية قريبة من جماعة الإخوان المسلمين.
وقالت لوبان إن ''مسؤولي بلدنا يعتبرون فعلا أن اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا قريب من الإسلاميين إن لم يكن من الإرهابيين''. وأضافت في بيان لها ''يجب أن نتخذ في الحال ودون ضعف إجراءات قاسية ضد الإسلام المتشدد''، واعدة بـ''اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية الفرنسيين من التهديد الإسلامي. وأوضح البيان أن ''مارين لوبن ستساعد الفرنسيين المسلمين على التخلص من هيمنة هؤلاء المتعصبين الذين يعيثون فسادا في الأحياء ويقمعون النساء بتحريف تعاليم الدين''. يشار إلى أن اتحاد المنظمات الإسلامية يعد من أكبر التنظيمات الإسلامية في فرنسا التي تضم أكبر جالية إسلامية في أوروبا بأكثـر من أربعة ملايين مسلم. وسيعقد مؤتمره في السادس أفريل المقبل.
واف
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : elkhabar
المصدر : www.elkhabar.com