الجزائر

مسلسل "فصول الحياة"... كيف تعذب المشاهد الجزائري طيلة شهر كامل



مسلسل
إذا أردت أن تعذب شخصا ما لا تدخله إلى السجن، ولكن احبسه مقابل شاشة تلفاز ويشاهد أكثر من 35 دقيقة يوميا من مسلسل ”فصول الحياة” الذي يعرض على التلفزيون الجزائري تحت خانة الدراما، ولكن عن أي دراما نتحدث.الممثل الناجح هو الذي يبرع في أداء دوره ولا يغفل أدق التفاصيل، وليس أن تكون فلاحا أنت لا تعرف عن الفلاحة والزراعة شيئا، ولا حتى هيئتك توحي بأنك فلاح، هذا مشكل حقيقي ويدعونا لطرح التساؤل عن كيفية اختيار الأبطال لتأدية أدوار يصعب عليهم تقمصها.سرقة صندوق نحل بدون ملابس خاصة بذلك ولا يلسعك النحل، فجأة صاحب العمل يرفع من أجرة العاملين عنده في المستثمرة الفلاحية، يركب مع صديقته على الحصان، يكفي أن تتابع المشاهد الأولى من مسلسل ”فصول الحياة” حتى تتنبأ بباقي السيناريو، لسبب واضح وهو أن فكرة السيناريو غير أصلية ويظهر جليا أنها مستنسخة وبعيدة عن الواقع الجزائري رغم محاولة السيناريست إدخال بعض الإفيهات عبر إعطائها صبغة محلية. يوحي إليك مسلسل ”فصول الحياة” إخراج عمر شوشان، سيناريو سفيان دحماني، تمثيل محمد بونوغاز، محمد بن داود، مصطفى عياد، سالي بن ناصر، نورة بن زيراري، سميرة صحراوي وغيرهم، أنك تعيش قصة في مسلسل مكسيكي، وفي مستثمرة فلاحية والابن ”أحمد” يتحدث بلغة المدينة وليس بلغة الريف، ولا شيء يوحي بأنه فلاح، يقع الأخير في غرام جارته ”سارة”، ويقف المشكل الحاصل بين والديهما حائلا لإتمام حبهما، وفي الجهة الأخرى نجد شقيقه الأصغر الذي يؤدي دوره محمد بن دواد، يحب السهر ويكره العمل في المستثمرة ويسخر من شقيقه ”محمد” الذي بقي حبيس الفلاحة.عملية كتابة السيناريو والحوار هي عملية تحتاج إلى تركيز كبير، وعصف ذهنيّ لإخراجه بأفضل صورة ممكنة، ليكون بعد ذلك جاهزاً لتحويله إلى صوت وصورة، ولكن في مسلسل ”فصول الحياة” تتابع جملا حوارية غارقة في السذاجة، يخاطب ”أحمد” صديقته فيقول لها: ”هل نسيني والدك”، فتقول له نعم نساك كليا، فيرد عليها بأنه لا يحتمله، فتردف قائلة ربما لأنه يعلم بأن ابنته تحب واحدا أكثر منه، حوار يصيبك بدوار ويدفعك لعدم مشاهدة الدراما الجزائرية من جديد”.قبل كتابة سيناريو معين يجب الارتكاز على فرضية، وهذه الفرضية يجب أن تكون مدروسة جيدا، وتحتوي على وجهة نظر الكاتب بما هو صحيح تجاه الموضوع أو الفكرة، وهناك فرضية أخرى وهي مدى تقبل المجتمع لهذا السيناريو، ولكن كيف للجمهور أن يتقبل سيناريو مكتوب على الطريقة المكسيكية ولكن أحداثه في الجزائر، فلا تستغرب إن رأيت بطل المسلسل يصفر للحصان فيأتي، وهو مشهد يذكرك بفيلم ”زورو” للمثل أنطونيو بونديراس، ليأخذ حبيبته للتنزه على أطراف الوادي، وهنا نتحدث عن ”فصول الحياة” وليس ”زورو”.بالحديث عن الإخراج ومدة اللقطات، والمؤثرات الصوتية والصورية في المسلسل فحدث ولا حرج، فالإخراج كما نقول بالدارجة محدود جدا فلا تنتظر لمسة إبداع مثلا، فالكاميرا ترتكز على زاويتين فقط، وأما عن الموسيقى فيمكن الجزم بأن الموسيقى غلبت الحوار وفي كل لقطة تقريبا يقحم الموسيقى وفي الكثير من الأحيان لا علاقة لها بالصورة، فممكن أن تشاهد في لقطة رومانسية موسيقى عالية الريتم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)