الجزائر

مستهلكون يقتحمون الأسواق و يتبضّعون على عجل



مستهلكون يقتحمون الأسواق و يتبضّعون على عجل
حلّ شهر رمضان و بدأت حمّى الأسعار تربك المواطن و تخيف أصحاب الدخل المحدود فأسعار المواد الغذائية باختلاف أنواعها تسير نحو الأعلى و من يتجوّل بالأسواق سيلاحظ الغلاء الفاحش و السّبب هو حلول الشّهر الفضيل الذي أصبح حجّة عند أغلب التّجار فيقولون أنّه مع اقتراب هذه المناسبة الدينية يكثر الطّلب على كل المواد الغذائية و خاصّة منها اللّحوم و الأسماك و الخضر و الفواكه و غيرها ما يؤدّي إلى وقوع خلل في ميزان العرض و الطّلب و بالتالي ترتفع الأسعارو من حسن حظّ الفئات البسيطة و الهشّة أن تظل بعض المواد الغذائية المستوردة و ذات الاستهلاك الواسع مدعّمة مثل الحليب و السّكر و القمح و إلاّ كان سيصيبها ما يصيب العديد من المواد الأخرى التي أسقطتها جل العائلات من حساباتها فلا تقبل عليها إلاّ في رمضان كاللّحوم و الأسماكو في كل سنة يعود حديث النّاس عن غلاء المعيشة و تدني قدرتهم الشرائية و تحاول بعض الجهات كمصالح التّجارة أو ممثلي التجار تفسير ظاهرة غلاء المواد الغذائية في هذه الفترة بالذّات فإمّا أن ترجعها إلى تضاعف حجم الاستهلاك أو إلى الجشع و المضاربة و استغلال ضعف أرباب الأسر بين ما يعرض من خيرات بالأسواق و طلبات عيالهم و مع اقتراب الشهر الكريم تعدّ مصالح التجارة و مختلف الجهات المعنية العدّة لاستقباله فتسعى إلى توفير كميّات كبيرة جدّا من المواد التي يكثر عليها الطّلب من لحوم و قمح و حليب و خضر و فواكه و غيرها و تبادر إلى فتح أسواق جوارية لتكريس مبدأ المنافسة و الوفرة اللّذان من المفروض أن يساهما في خفض الأسعار لا في رفعها لكن مع بداية العدّ التنازلي غلت معظم المنتجات و في مقدّمتها اللحوم الحمراء و البيضاء و السّبب يؤكّد باعة التجزئة هو رمضان .فشهر رمضان أصبح المتهم الرئيسي و التاجر و المستهلك ضحاياه ،فعندما نسأل المستهلك فإنه يتهم بائع التجزئة كونه يزيد في الأرباح ،أما هو فيتهم بطبيعة الحال بائع الجملة و هذا الأخير يتهم الفلاّح أو المستورد أو المربّي و هؤلاء يتحجّجون بالوسطاء و الدّخلاء ممّن نسمع عنهم و لا نعرفهم لكنّهم حسبما يشاع عنهم يتحكمون في الأسواق و يتلاعبون بأحوالها و أسعارها و يساهمون في حالة عدم الاستقرار ،حتى أصبح المستهلك يستيقظ في كل يوم على حال مختلف و سعر أعلىو الدّليل على ذلك أنّ أسعار الخضر و الفواكه زادت هذا الأسبوع بحوالي 20 دج إلى 25 دج في الكيلوغرام فأسعار التجزئة أصبحت هي أسعار الجملة منذ أوّل أمس و تهافت التجار على سوق الكرمة ساهم في حدوث الغلاء رغم الكميات الإضافية التي دخلت السّوق تحسّبا للشّهر الفضيلو مهما كانت الأسباب فإن النتيجة واحدة و لا مفرّ للصّائم منها قبل و خلال هذا الشّهر و كل المبادرات التي اتخذت لمواجهة المضاربة في رمضان لا تأتي أكلها و يصطدم المواطن بلهيب الأسعار و خاصّة في الأيام الأولى"التطمينات لم تأت أكلها"و شتّان بين ما تعد به هذه المصالح من رفع عدد الأسواق و وفرة السّلع و تكثيف عمليات المراقبة و التفتيش و حماية المستهلك و بين ما يحدث في الواقع من تضخّم طيلة أيّام الشهر الفضيل فلا التّجار يتّقون اللّه في أرزاقهم و لا المواطن يكفّ عن الشراء فيسرف و يبذّر و يخزّن ما استطاع من أكل و من الطبيعي أن يفرض شهر رمضان المبارك نوعا من التسابق للشّراء عند الكثيرين و هذا ما أصبحنا نلاحظه بالأسواق و المساحات التجارية المعروفة ب" السوبيريت" تسابق على السّلع و تزاحم أمام شبابيك الدّفع و لعلّ من أهم أسباب هذا التزاحم على الشراء قبل و خلال رمضان ارتباطه الوثيق بالعادات و التقاليد ،حيث اعتادت كل العائلات الجزائرية على تنويع المأكولات و الأطباق من مختلف الأشكال و الأصناف في إعداد وجبة الإفطار و هي في الحقيقة مجموعة من الوجبات التي تتطلب مشتريات كثيرة و ميزانية كبيرة تعادل ما تصرفه العائلة في 3 شهورفتنظّم في هذه المناسبة الولائم بدعوة الأهل و الأقارب و الأصدقاء لمائدة رمضان ذات الأطعمة المتنوعة و رغم أن هذا الشّهر هو مناسبة للتّراحم و التعاون و التسامح و التقرّب إلى اللّه بما يرضيه إلاّ أننا و مع الأسف نرى من النّاس لاسيما التجار ممّن ينتظرون هذا الشهر المبارك بفارغ الصّبر لتحقيق الأرباح من خلال الزيادة في الأسعار،فجشعهم يجعلهم يستغلّون حمّى الشراء التي ترتفع في رمضان لتحقيق أرباح كثيرة و في فترة زمنية قصيرة قد تساوي ما يتم جمعه طوال السّنة ،و هذا الأمر أصبح يلقي بالمزيد من الأعباء على كاهل المسلمين "حمّى الشّراء تزيد في رمضان"إنّ التضخم يحدث لدى المستهلكين تخوفا من حدوث ارتفاع مفاجىء في الأسعار و توقّعات غير عقلانية ما يدفعهم إلى شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية في وقت واحد فترجح كفّة الطّلب رغم العرض و الوفرة ،و هذه ظاهرة غالبة ما تغذّيها الإشاعات في غياب المعلومات الصحيحة و تذبذب أحوال السّوق بين ليلة و ضحاها و كذلك بسبب عدم ثقة المواطن في التّجار و تفاقمت هذه الظاهرة منذ سنوات بسبب الغلاء الفاحش الذي يحدث في كل رمضان بدليل أنّه في إحدى الأعوام تجاوز سعر البطاطا 120 دج للكلغ و لمثل هذه الأسباب تعدّت ظاهرة حمّى الشراء الحدود و أصبحت عالية الضرر على العائلات و على الإقتصاد الوطني و هو ما يطلق عليه في عليم الاقتصاد مصطلح شراء الهلع كما أنّ الإسراف في تناول الطّعام و الميول للاستهلاك أصبح مرتبطا بالشهر الفضيل بخلاف المنظور الدّيني الحقيقي له ،يضاف إلى ذلك دور الغريزة التجميعية عند الإنسان ،فهو بطبعه يميل لتجميع المال و الزّاد استجابة لرغبة نفسية محضة يغذّيها في شهر الصّيام الجوع و عدم الثقة بتوفّر الغذاء لدى الحاجة إليه .ثم بعد ذلك يأتي دور جشع التجار من خلال الرّغبة في جمع المال الكثير في وقت قصيرو كل ذلك لا يتنافى و تعاليم ديننا الحنيف و حسب و إنّما يتعارض مع الأخلاق و العرف الاجتماعي ،فرفع أسعار المواد الغذائية الرئيسية للإنسان و للصّائم غشّ و احتيال لما له من آثار ضارة و مرهقة على فئات كثيرة من المجتمع فهو كقطع الأرزاق بشاعة .و كل هذه العوامل توفّر بيئة ملائمة تماما لحدوث الغلاء و التضخّم في شهر رمضان المبارك .




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)