الجزائر

مخيم "كاليه" يدخل تاريخ فرنسا



مخيم
نجح الآلاف من المهاجرين، منذ العام 2000، في الوصول إلى بريطانيا، قادمين من مخيّم "الغابة" بمدينة "كاليه" شمالي فرنسا، وهو المخيم الذي بدأت عملية إخلائه اليوم الإثنين.نهاية سعيدة بالنسبة إلى هؤلاء اللاجئين الذين استطاعوا العبور نحو المملكة المتحدة، مخلّفين وراءهم أكبر تجمّع للملاجئ المؤقتة في فرنسا؛ غير أن النهاية بالنسبة إلى الكثير من المهاجرين الآخرين ارتسمت في المقبرة الإسلامية التابعة للمخيّم هناك، حيث قدّر لهم أن يكتبوا آخر سطر في رحلة معاناتهم.مقبرة "كاليه"، وخصوصا في الجزء المخصّص منها للمسلمين، تضمّ حاليا نحو 20 قبرا لأفغان وسودانيين وسوريين وماليين وإريتريين وباكستانيين، ممن قضوا على بعد الآلاف من الكيلومترات عن بلدانهم الأصلية.قبور تنتصب عليها شواهد دوّنت اسم المهاجر وتاريخ وفاته، ويعتلي الأحرف المكتوبة رسم هلال.. لم تكن الكتابات منتظمة، فالأحرف بدت متداخلة والأرقام كذلك؛ حتى أن الخلط غالبا ما يحدث عند أوّل محاولة للحصول على بعض المعلومات عن هؤلاء الأشخاص الذين يرقدون تحت التراب.خلط ما كان بأي حال ليحجب ذلك الهدوء المخيّم على المكان، ولا على الرمزية اللافتة والرسائل الضمنية التي يرسلها شاب أفغاني في ال15 من عمره وهو يرقد بجانب سوداني تجاوز سنواته ال40.فهؤلاء المهاجرون الذين تقاسموا ظروف الحياة نفسها لمدّة من الزمن، واختبروا محنة اللجوء في أدقّ تفاصيلها، انتهت بهم الرحلة إلى تلك المقبرة الهادئة، هناك حيث يرقدون بسلام ودّعوه منذ عبثت الأزمات ببلدانهم وتملّكهم حلم الهجرة بحثا عن غد أفضل في القارة الأوروبية.قصص بترها الموت، لتكتب نهايتها في تلك المقبرة.. في الزاوية قبر يلفت الانتباه بصغر أبعاده، قال فارس إبراهيم، المكلّف بدفن مهاجري "كاليه"، من جمعية "باب الجنّة"، إنه ليوسف، وهو ابن زوجين قادمين من مالي، "وقد ولد ميّتا"، تماما كحلم والديه والمهاجرين.الجمعية تكفّلت بدفن الرضيع يوسف، كما فعلت مع غيره من الذين قضوا في مخيّم "كاليه".. مغامرته التي بدأت حتى قبل ولادته، في رحم والدته، انتهت بصلاة جنازة أقيمت بصمت قبيل مواراة جثمانه الصغير التراب.اتّفق المهاجرون والمتطوّعون على أداء صلاة الجنازة على جثمان الرضيع يوسف، بمسجد "عمر" بمدينة "كاليه"، والذي شيّد بمبادرة من جمال.المسجد بطاقة استيعاب تقدّر بنحو 200 مصلّ، يقول جمال. ويعتبر الوحيد في فرنسا، حيث يقام الأذان باستخدام مكبّر للصوت، مع ما يكتسيه مثل هذا التفرّد من أهمية بالنسبة إلى مهاجرين يشكّل المسلمون سوادهم الأعظم."صوت الأذان وهو يصدح عاليا منح اللاجئين سببا للبقاء"، يتابع جمال، ووجود المسجد في حدّ ذاته قلّل من منسوب التشاؤم الطاغي على نفوسهم قبل عام، أي قبل أن اتّخذ قرار الإقامة في مخيّم الغابة.. لقد كانوا بحاجة إلى شيء ما يعيد إليهم رغبتهم في التشبّث بالحياة".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)