محمد عمارة
في مقدمة القضايا التي تشغلني هذه الأيام بل منذ أعوام مخطط إعادة التفتيت لأقطار الأمة الإسلامية. حيث بدأ الاستعمار تفتيت العالم الإسلامي باتفاقية سايكس بيكو 1916م التي كان تنفيذها المقدمة لإسقاط الخلافة الإسلامية 1924م وإزالة رمز الوحدة الذي ظل قائمًا منذ ظهور الإسلام وحتى ذلك التاريخ.
ومنذ سقوط الخلافة الإسلامية تبعثر العالم الإسلامي إلى كيانات قطرية هزيلة يقترب عددها من الستين لكن قيام الكيان الصهيوني في قلب العالم العربي 1948م قد فتح الباب لمرحة أكبر وأخطر في تفتيت عالم الإسلام فالمستشرق الصهيوني برنارد لويس قد دعا -منذ قيام إسرائيل- إلى إعادة تفتيت بلاد المسلمين على أسس دينية وعرقية ومذهبية وذلك بإضافة أكثر من ثلاثين كيانًا سياسيًّا جديدًا حتى يقترب عالم الإسلام إلى تسعين كيانًا وذلك لضمان أمن إسرائيل !!
لقد بدأ تنفيذ هذا المخطط منذ خمسينيات القرن العشرين -وكتب عنه موشيه شاريت- رئيس وزراء إسرائيل في مذكراته 1954م يقول: إن تقوية الميول الانعزالية للأقليات في العالم العربي وإذكاء النار في مشاعرها وتوجيهها للمطالبة بالاستقلال والتحرر من الاضطهاد الإسلامي هو عمل إيجابي يدمر الاستقرار في تلك المجتمعات .
وفي ثمانينيات القرن العشرين نشرت المنظمة الصهيونية العالمية استراتيجية إسرائيل في الثمانينيات وفيها تفصيل لمخطط هذا التفتيت ولقد جاء في هذه الاستراتيجية -عن العراق مثلاً-: إن العراق أقوى من سوريا وخطره العاجل على إسرائيل أكبر ولذلك فإن تفتيت العراق أكثر أهمية من تفتيت سوريا .
أما مصر فقالوا عنها: إنه إذا تفتتت مصر تفتت الباقون وهذا هو الضمان الحقيقي لبقاء إسرائيل . وفي 1992م عُقدت ندوة متخصصة في إسرائيل حول الأقليات في العالم العربي وجاء في توصياتها: إن هذه الأقليات هي شريكة إسرائيل في المصير وهي حليف لإسرائيل في مراجعة الإسلام والقومية العربية .
وطوال هذه العقود الستة نشأت مؤسسات لإحياء لغات ميتة كي تحل محل اللغة القومية -كما صنع اليهود!- وتحركت مؤسسات كهنوتية لتتحول إلى مشاريع دول وكيانات سياسية -كما صنعت الحركة الصهيونية!- وانخرطت لوبيات طائفية وعرقية في نشاط محموم وتحالف استراتيجي مع دوائر الاستعمار الغربي -والأمريكي بوجه خاص- كما سبق وصنعت الصهيونية وذلك لتغيير خريطة وطن العروبة وعالم الإسلام.
إن المخطط مكتوب ومنشور بكل اللغات وتنفيذه قائم على قدم وساق أمام أسماعنا وأبصارنا ونحن طوال هذه العقود نكتب ونخطب ونحاضر لننبه قومنا إلى خطره المدمر لنهضتها بل لوجودنا ومع هذا يتهمنا عملاء الغرب -من الصهاينة العرب والمتأمركين- بأننا ضحايا نظرية المؤامرة !
فهل نفيق قبل أن نفاجأ بالكيانات الطائفية والعرقية فهي تطالب -في ظلال حراب الاستعمار- بحق تقرير المصير لتغيير خرائط وطن العروبة وعالم الإسلام كما سبق وفوجئنا بمخطط إقامة الكيان الصهيوني الذي لم ننتبه له إلا بعد فوات الأوان؟!
تلك هي القضية الكبرى التي تشغلني هذه الأيام.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/06/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com