مخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار

دخل قرار وقف إطلاق النار المتوصل إليه بمدينة منسك عاصمة بيلوروسيا بين طرفي الحرب الأهلية في أوكرانيا حيز التطبيق ليلة أمس وببدء سريانه طرح الأوكرانيون سؤالا واحدا هل سيلتزم الفرقاء باحترامه أم انه اتفاق وقع ليتم خرقه ساعات بعد ذلك؟وتنبع هذه الشكوك من تجربة اتفاقات مماثلة سبق وان تم التوصل اليها ولكنها سقطت جميعها في الماء ولم تصمد سوى لساعات قبل أن يندلع الاقتتال بأكثر ضراوة بين الجيش النظامي الأوكراني والمتمردين الانفصاليين في شرق أوكرانيا.وزادت المخاوف من احتمال انهيار هذا الاتفاق كما حدث لسابقيه في ظل المعارك الضارية التي اندلعت أمس في المدن الإستراتيجية في شرق البلاد بين الانفصاليين الموالين لروسيا والقوات الأوكرانية.وما عزز هذه المخاوف الأخبار التي نقلتها مصادر حكومية باندلاع معارك طاحنة تدور رحاها منذ صباح أمس في محيط مدينة ديبالتسيف الإستراتيجية الواقعة على مسافة في منتصف المسافة بين عاصمتي منطقتي دونتسك ولوغانسك الانفصاليتين.وأكدت هذه المصادر أن المتمردين استخدموا مدفعية الميدان لدك عمارات سكنية ومباني إدارية عن قصد لتفريغها من سكانها حتى يسهل لهم بسط سيطرتهم عليها. وأكدت أن المدينة تحولت الى لهب من النيران ولم يجد سكانها سوى الفرار الى أقبية مستشفى المدينة هربا من موت محقق يتربص بهم.وبالموازاة مع ما يجري في هذه المدينة فقد زادت حدة المواجهات في ميناء ماريوبول الاستراتيجي على ضفاف نهر ازوف في وقت كانت فيه طائرات غير مأهولة تابعة للمتمردين تحلق في سماء المدينة.وتكتسي مدينة ماريوبول أهمية إستراتيجية بالنسبة لطرفي الحرب في هذا البلد على اعتبار أن السيطرة عليها يعد مرحلة حاسمة لإقامة جسر جوي بين روسيا وشبه جزيرة القرم التي استقلت شهر مارس من العام الماضي وأعلنت انضمامها الى فيدرالية روسيا.وبنظر متتبعين فان الأحداث الدامية في هاتين المدينتين يعتبر بمثابة اكبر امتحان للفرقاء لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعوه نهاية الأسبوع.وهو ما جعل الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو يؤكد أمس، أن مسار السلام يبقى وبعد عشرة أشهر من المواجهات الدامية أصبح في خطر حقيقي متهما موسكو بالوقوف وراء التصعيد الجديد.وهي اتهامات يمكن أن تعكر الأجواء الدبلوماسية التي سبقت توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.وجاءت هذه التصريحات بعد أن طالبت مجموعة السبعة التي تضم دول كندا وفرنسا وألمانيا وايطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة باحترام صارم لاتفاق وقف إطلاق النار وحذرت باتخاذ عقوبات اقتصادية ضد كل من يتسبب في خرق هذا الاتفاق.والتلميح واضح باتجاه روسيا بعد أن اتهمت جنيفر بساكي الناطقة باسم وزيرة الخارجية الأمريكية التي اتهمت موسكو بمواصلة عمليات نشر أسلحة ثقيلة في شرق أوكرانيا.وعبرت بساكي عن قلق أمريكي متزايد من أخبار أكدت وصول دبابات وأنظمة صاروخية وصلت من روسيا مؤخرا الى مدن شرق أوكرانيا". ولم تنتظر السلطات الروسية من جهتها طويلا لتوجيه اتهامات باتجاه سلطات كييف والدول الغربية بالبدء في تحريف مضمون اتفاق منسك. وأكدت الخارجية الروسية أن قيام المسؤولين الأوكرانيين وبعض الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة أبدوا تحيزا واضحا للقوميين المتطرفين في "فيرخوفنا رادا" او البرلمان الاوكراني وبدأوا فعلا في تحريف مضمون اتفاق وقف إطلاق النار وهو ما يثير المخاوف من احتمالات انهياره. وأعابت السلطات الروسية على الدول الغربية تشكيكهم في إمكانية تطبيق الاتفاق رغم أن مسؤولي المناطق المتمردة أكدوا على مسؤوليتهم الأخلاقية لاحترام تعهداتهم". ويبدو أن المخاوف زادت حول حظوظ سريان العمل باتفاق وقف إطلاق النار وهو الأمر الذي دفع بالأمين العام الاممي بان كي مون يؤكد انه سيلجأ الى مجلس الأمن الدولي للمصادقة على لائحة جديدة تدعو الى تطبيق صارم لكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار.يذكر ان اتفاق "منسك 2" الموقع بين المتمردين و الحكومة الأوكرانية تضمن 13 بندا معظمها استمدت من اتفاق "منسك 1 " في الخامس سبتمبر الماضي الذي لم يكتب له النجاح من أهمها سحب الجانبين المتحاربين كل أسلحتهما الثقيلة من جبهات القتال وإقامة منطقة منزوعة السلاح تمتد على عمق يتراوح ما بين 50 و140 كلم وانسحاب القوات الى المواقع التي كانوا يحتلونها شهر سبتمبر الماضي. بالإضافة الى بند بإطلاق سراح أسرى الجانبين ضمن إجراءات تهدئة متبادلة للبدء في حوار مباشر بين الفرقاء قبل تنظيم انتخابات محلية وفق القوانين الأوكرانية وكذا التوصل الى اتفاق بخصوص الوضع القانوني لمدينة دونتسك ولوغانسك.