سجّل سعر برميل البترول تراجعا آخر، أمس، إلى أقل من 60 دولارا بسوق لندن، مسجلا في حدود منتصف النهار (59.3 دولارا)، وهذا لأول مرة منذ السنوات الخمس الأخيرة، فاقدا نسبة 15 من المائة منذ شهر نوفمبر الفارط، في وقت لم تتخلص فيه منظمة البلدان المصدرة للبترول من خلافات أعضائها الذين يدفعون فاتورة انهيار الأسعار، مما يفرض على البلدان الأعضاء مراجعة ورقة الطريق على أساس مصلحة مشتركة وإطلاق حوار مع البلدان المنتجة الأخرى من منطلق حماية الاقتصاد العالمي من هزات قد تضر باستقرار المجموعة الدولية. ويمكن لحوار من هذا القبيل أن يسمح بإيجاد توازن بين السعر والإنتاج بما يساعد الاقتصاد العالمي على استرجاع النمو. ومن الطبيعي أن يتسرب القلق وتترجم المخاوف جراء استمرار انخفاض أسعار المحروقات، ومن ثمة ينبغي تركيز مراقبة الأسواق وتدقيق مؤشراتها لاتخاذ ما يتطلبه الموقف في الوقت اللازم، ولذلك لم يستبعد رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي مؤخرا، اللجوء، عند الضرورة القصوى، لاتخاذ الترتيبات الواجبة لمراجعة صياغة السياسات العمومية، لكن ليس على حساب الفئات الهشة ودون المساس بها، دون أن يقدم تفاصيل لذلك.وهي نفس المخاوف التي سبق لمحافظ بنك الجزائر أن أعلنها أمام المجلس الشعبي الوطني من خلال تقديم أرقام تثير القلق، منها تراجع احتياطي الصرف بالعملة الصعبة إلى حدود 193,269 مليار دولار، وهي موارد تكفي لتغطية استيراد السلع والخدمات لمدة 35 شهرا، محذرا من استمرار هذا المنحى التنازلي وخطورته على الموارد المالية للبلاد وقدرتها على مواجهة أي صدمة محتملة أو يستنزفه التآكل. لكن لا داعي للهلع المبكر تحت وقع خطاب يحمل بذور اليأس والإحباط، في وقت تتوفر فيه البلاد حقيقة على عناصر تشكل قوة ولو ظرفية لمقاومة التقلبات المالية نحو إحداث وثبة اقتصادية تحقق البديل لما تخسره الدولة من احتياطات ريعية. وسجل لكصاصي على هذا النحو تسجيل أضعف نسبة للديون العمومية لا تتعدى 8 من المائة من الناتج الداخلي الخام وهي أضعف نسبة عالميا، مع إرادة لإعادة تمويل البنوك الوطنية بالسيولة في 2015 ومراقبة نسبة التضخم في مستوى مقبول والانتقال إلى مكافحة الأسواق الموازية، خاصة تلك التي تنشط في تجارة العملة الصعبة بإدخالها في الشفافية بما يمنع التلاعب بالعملات على حساب الدينار الجزائري. وبالموازاة، تكون المؤسسة الاقتصادية الجزائرية على نفس درجة المسؤولية في التعاطي مع الظرف الجديد والمزعج من خلال التركيز على تنمية الإنتاجية والتحكم في معايير الجودة وكذا التقليص من كلفة الإنتاج والتقليل من فاتورة الاستيراد باللجوء إلى ما توفره السوق المحلية إلا عند الضرورة من خلال الرفع من وتيرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص الاحترافي بالدرجة الأولى.من جانبها مصالح الجمارك يمكنها التحسين من ادعائها في مكافحة التهريب وقمع الغش والتهرب الجمركي والتصدي لكافة أشكال التقليد وإخضاع الاستيراد لمعادلة المعايير الجزائرية في كافة المواد والمنتجات خاصة الاستهلاكية والتي يمكن بعث صناعتها محليا. ولعل من أبرز ما يستوجب القيام به للوقاية من أي صدمة مالية خارجية، فإلى جانب تنمية مصادر الطاقات الجديدة غير التقليدية وإدماجها في الاستثمار واضح المعالم ودقيق الأهداف ذات الطابع الاستراتيجي، ينتظر أن تبادر إدارة الضرائب بترتيبات فيها من المرونة والتحفيز على دفع الضريبة من خلال إعادة صياغة آلياتها بالتقليص من النسب، الأمر الذي يجلب المؤسسات الصغيرة وصغار المقاولين والتجار على أدائها طواعية وبدون تحايل يكون أحيانا مضطرا بفعل ارتفاع النسب وإرهاقها. كما تكون الإدارات العمومية والجماعات المحلية على خط المواجهة مبكرا، بإعادة ضبط المصاريف وترشيد استعمال المال العام، بالتخلي عن ثقافة البحبوحة الزائدة عن اللزوم والتلاعب بالصفقات والضغط على نفقات التسيير اليومي إلى أقصى حد ولكن الأهم تفعيل كافة الموارد المحلية وتثمينها، بما في ذلك أن تتحول إلى القيام بدور استثماري واقتصادي في بعض فروع الخدمات لضمان تمويل ذاتي يكون من خلال برامج مشاريع مختلطة وشفافة.
تاريخ الإضافة : 16/12/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : سعيد بن عياد
المصدر : www.ech-chaab.net