يرى محند برقوق أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الجزائر (3)، أن العملية المرتبطة بصياغة الدستور الجديد في مصر ومن ثم الاستفتاء عليه هي عملية “قليلة المصداقية"، مؤكدا في هذا الحوار أن أكبر المآخذ المسجلة في هذا الإطار ترتبط بكون الهيئة التأسيسية التي أوكلت لها مهمة صياغة الدستور المصري الجديد، لم تكن ممثلة من خلال مشاركة كل أطياف المجتمع. وبعد أن أشار ذات المتحدث إلى كون هذا الدستور ليس مقبولا من طرف كل المصريين، فإنه يؤكد، من جانب آخر، أن ضعف التوافق سيدفع الى إعادة النظر في هذا الدستور مع نهاية عهدة الرئيس المصري محمد مرسي.
من الملاحظ أن صياغة مسودة الدستور الجديد في مصر، لم تشارك فيها كل القوى الوطنية في هذا البلد على اعتبار أن صياغته تمت من طرف هيئة تأسيسية لا تضم كل الأحزاب والفعاليات، على غرار ما يعرف بالأحزاب المدنية؟
دعني أشير الى أن من انتخب على الدستور الجديد في مصر ب “نعم" هم أقل من 20٪ من إجمالي الهيئة الناخبة في هذا البلد، فضلا عن كون هؤلاء المصوتين ب “نعم" هم أقل من ثلثي إجمالي عدد الأصوات المعبر عنها في استفتاء الدستور. إن أكبر المآخذ في العملية ككل يتمثل في كون الهيئة التأسيسية التي أوكلت إليها مهمة صياغة الدستور الجديد لم تكن ممثلة من ناحية عدم مشاركة كل الأطياف في المجتمع، والعملية برمتها تعتبر قليلة المصداقية وهي لن تدوم.. هذا الدستور ليس مقبولا من طرف كل المصريين. إن ضعف التوافق سيدفع إلى إعادة النظر في هذا الدستور مع نهاية عهدة الرئيس المصري محمد مرسي، لاسيما وأن نسبة المشاركة في الاستفتاء كانت ضعيفة.
لقد بلغت نسبة المشاركة في هذا الاستفتاء حدود 32% فقط من إجمالي الهيئة الناخبة في مصر، إلى أي مدى يعكس ذلك عدم وجود إجماع لدى الشعب المصري بخصوص الدستور الجديد، علما أن 63% من المصوتين وافقوا عليه وهو رقم يمثل 17% فقط من إجمالي الهيئة الناخبة المصرية؟
يبلغ تعداد الهيئة الناخبة المصرية 51 مليون، والذين أدلوا بأصواتهم هم في حدود 16 مليون ناخب، حيث تم إلغاء 300 ألف صوت أيضا، وهذا ما يجعل أقل من 20٪ من إجمالي الهيئة الانتخابية فقط قد قبلوا بهذا الدستور.
أول أمر ينبغي الإشارة إليه هو كون المجتمع المصري ثنائي الديانة على اعتبار أن الأقباط المسيحيين في مصر يشكلون 11 مليون مواطن، إلى جانب الغالبية المسلمة، والمادة الثانية من الدستور المصري وبعض المواد الأخرى تجعل من الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع في هذا البلد، وفي ظل وجود تيارات إسلامية، نجد أنفسنا أمام ثنائية سياسية قد تخلق شرخا في البناء السياسي للمجتمع، وهو الشرخ الذي قد يتمأسس في الإنتخابات التشريعية بعد 60 يوما، وهذا ما قد يخلق أيضا عدم استقرار داخل السلطة التشريعية واضطراب بين هذه الأخيرة وبين السلطة التنفيذية في هذا البلد.
خلال آخر استحقاق انتخابي في مصر، قبل الإستفتاء على الدستور، ومنذ حوالي 6 أشهر، شارك 30 مليون ناخب مصري في الإنتخابات الرئاسية المصرية، في حين أن قرابة 17 مليون مصري فقط انتخبوا خلال الإستفتاء الأخير، من خلال هذه المقارنة يمكن القول أن حوالي 50% من المشاركين في آخر انتخابات لم تشارك في هذا الإستفتاء.. كيف يمكن تفسير ذلك؟
يمكن تفسير ذلك بأربعة متغيرات، أولا أن الإنقسامية الثنائية بين أنصار أحمد شفيق وبين أنصار محمد مرسي، قد توسعت مما جعل هذا الإنقسام متعددا، وثانيا فإن الأداء السياسي لمرسي خاصة مع اعتماده للإعلان الدستوري في نوفمبر الماضي، قد خلق نوعا من الصورة السلبية في الرئيس “الإخواني"، وجعل الإعلام منه مرادفا للدكتاتور، وبالتالي تراجع الثقة في عملية صياغة الدستور.
أما المتغير الثالث فيتعلق بعدم مشاركة كل الأطياف السياسية في الجمعية التأسيسية وهذا كان السبب في المقاطعة، في حين أن المتغير الرابع يرتبط بوجود حملة مركزة للمعارضة من خلال إنشاء جبهة الإنقاذ الوطني قد حسمت الموقف ضد المشاركة في الإستفتاء.
هل يمثل هذا الدستور الجديد عموم المصريين، أستاذ برقوق؟
من الناحية الديمقراطية، وبالنظر إلى العدد الكبير من المصريين الذين لم ينتخبوا، فإن هذه النتائج ضعيفة المصداقية الديمقراطية ومن حيث مدى الممارسة السياسية، أما إجرائيا فإن 63٪ من المصوتين قالوا نعم، وبالتالي فإن الدستور الجديد تم اعتماده كدستور لجمهورية مصر العربية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/12/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عزيز ل
المصدر : www.djazairnews.info