الجزائر

محمد ساري ''الثورة الجزائرية ليس لها أدب يرقى إليها''



 قال الروائي محمد ساري، ردا على سؤال الخبر : هل للثورة التحريرية أدبها؟: إن السؤال يتكرّر كل سنة عند ذكرى نوفمبر. وفي كل مرّة يتكرّر جواب يكاد يتفق على أن ثورتنا ليس لها أدب يرقى إلى عظمتها، رغم كثـرة النصوص التي تعرّضت لها. ويزداد السؤال إلحاحا علينا باقتراب الذكرى الخمسين للاستقلال. وحرب التحرير لا تعني الجزائريين وحدهم، بل تعني الفرنسيين أيضا، حيث لا يخلو موسم دون أن تصدر رواية تستحضر تلك الفترة .
وأضاف ساري أن الجراح عميقة، لا تزال تنزف. كما أن كثـيرا من الفاعلين لازالوا على قيد الحياة، وهم يراقبون كل كلمة تكتب عنهم وعن عهدهم. مضيفا: فكيف يمكن لكاتب أن يتعرّض لتناقضات قادة الثورة والتصفيات الجسدية والمؤامرات، دون أن يثير سخط وغضب أباطرة هذه الثورة الأحياء أو حراس إرثهم. أوّلا، ما هو نوع الأدب الذي ينبغي إبداعه؟ أهو الأدب المادح الذي يجعل من رجال حملوا السلاح ضد الظلم (وهو ما يحدث في كل بقاع العالم منذ فجر التاريخ) إلى أنبياء مثلما فعل شعراء الثورة ؟ أم روايات تكرّس الأكذوبة الكبرى بأن الشعب الجزائري برمّته كان بطلا ومساندا فاعلا للثورة، في الوقت الذي نعرف أن شريحة كبرى لم تكتشف الثورة إلا في حفلات الاستقلال، وكانت تقضي أياما هانئة مثلها مثل الفرنسيين؟ .
وتساءل محمد ساري: هل نريد الروايات التي تقسّم من جهة الشخصيات إلى جزائريين ملائكة يحبون وطنهم ويضحون بأرواحهم من أجل الوطن، ومن جهة أخرى شياطين من المعمرين وبعض الحركى الضالين الذين لا همّ لهم إلا مص دماء الجزائريين والتنكيل بهم وسفك دمائهم؟ علما بأن واقع الثورة مثلما تكشفه لنا كتب التاريخ وكثـير من الشهادات يكذّب هذه الثنائية الساذجة . مضيفا: كيف تكون صورة المجاهد في أدب الثورة إذن؟ إنّ الصورة القريبة من الحقيقة الطبيعية للإنسان تجعل منه حتما إنسانا تتجاذبه نوازع الخير والشر، يحب ذاته ويحب السلطة والتسلط مثل جميع البشر، وليس نبيا وشبه إله. وهل نعتبر جميع المجاهدين مؤمنين حقا بالثورة وأهدافها، أم أنّ أغلبهم وجدوا أنفسهم يحملون السلاح بالصدفة والظروف القاهرة، وأحيانا لأسباب صراعات قبلية وعائلية وخلافات شخصية؟ وماذا نقول عن الذين التحقوا بالثورة في السنوات القليلة الأخيرة، بل في الأشهر والأسابيع القليلة السابقة لوقف إطلاق النار؟ .
ويعتقد ذات المتحدث أنه توجد أسئلة كثـيرة حرجة تُطرح على هذه الفترة، لكشف حقائقها واستجلاء تناقضاتها، وهو ما يفعله التاريخ والمؤرخون باستمرار. ليتساءل مجددا: ما هو دور الأدب إذن؟ هل يستطيع أن يعلو فوق التاريخ، بل ويزيّف التاريخ مثلما فعلت نصوص كثـيرة، عن حسن نية وجهل، فأغراها الاندفاع والخيال، وجعلها تحيد عن الأدب والثورة معا، أم أنّه يتريّث ويتأمل ويجمع شتات أدواته لينتج نصوصا تعكس هذه الثورة على حقائقها المتعدّدة والمتباينة، لأنها قبل كل شيء ثورة قادها بشر، بما لهم وما عليهم .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)