الجزائر

محمد بن عبد الرحمن الإمام الجزائري



العالم التقي السني العابد الزاهد الورع محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الأمين.
كان رضي الله عنه و نفعنا ببركته إماما في الجامع الكبير بالجزائر، و انتقل من الإمامة إلى صريح القطب سيدي عبد الرحمن الثعالبي، قدس الله سره و نور ضريحه، و بقي فيه قيما صالحا إلى أن توفي و عمره 73 سنة عام وفاة العلامة المفتي ابن الحفاف، وهو عام 1307، و كانت وفاة أبيه سيدي عبد الرحمن الإمام عام 1293 بعد وفاة العلامة المفتي حميدة العمالي بثلاث سنوات إمام الجامع الكبير في الوقت الحاضر هو الشيخ قدور، ولد صاحب الترجمة، خلفا لشيخنا البركة سيدي محمد القزداري رحمه الله، و كان الشيخ القزداري ممن يضرب به المثل في الجزائر بالرزانة و العقل و اتباع السلف الصالحن و لما توفي أسف عليهالغريب و القريب لمكارم أخلاقه و لا سيما تلامذته في المدرسة الثعالبية قبل تسميتها بهذا الإسم و تجديدهان و من تلامذته فيها العبد الفقير.
قرأت عليه فيها نقيا مأخوذا عن أطواده في مدينة الجزائر، كما سمعت فيها من المرحوم سيدي علي العمالي نصيبا من نحو الأجرومية و أوائل الألفية، لأن مدني فيها لم تزد على شهرين أو ثلاثةن و كان يؤنسني في ما يحكيه لي عن المتقدمين و المتأخرين من علماء الجزائرن و من جملة ما حكاه لي أن والده كان إمام بجامع ركروك الذي كان في البازار الموجود الآن، عند اتصال زقاق شارتر باخير نهج باب عزون، و لما ختم فيه السنوسية دراية، كان ممن حضرختمته شيخاه بالكبابطي و محمدابن الشاهد الصغير، و بعد الفراغ من الختم قال له بالكباطي إني لفي سرور اليوم بأكلي ثمرة غرسي ودعا له بخيرا اهـ.
و حكى لي أن والده اجتمع في المدينة بالشيخ محمد وبن عبد القادر المدني، و سمعه يقول: مدحت شريف مكة سيدي محمد بن عون بقولي:
طب ابن عون فلا تبرح معنا لمن
يرجو الندى منك ياذا الجود و الكرم
محمد خـــاتم للرسل قاطبة
و أنت جئت لختم الجـود و الكرم
هكذا يرويه سيدي علي العمالي و لا يبالي بما فيه، و يقول قال المادح، و لما سمعها مني الشيخ العطار المصري قال: الله أكبر إن الشعر أعذبه أكذب، و أنشد الراوي للشيخ العطار:
ولما رشفت الريق منها تمنعت
و قالت أما تخشى و أنت إمام
أتزعم أن الريــق من محلل
وريقي مــدام و المدام حرام
و حكى لي سيدي العماليأن والده كان في الجامع الكبير يدرس مختصر السعدن و لما كان في باب الفصل و الوصل حضر الدرس أجنبي وراء القائمة المقابلة للشيخ، و جعل يتقدم شيئا إلى أن قرب منه منصتا غليه باصغاء تام، و بعد الدرس دخل مقصورة الشيخ إذ ذاك و سأله أن يذكر له المحل الذي أخذ منه الجمع بين عبد الحكيم و غيره في مسألة من مسائل الباب، فقال له الشيخ العمالي: هو مذكور قبل المسألة بثلاث أو أربع ورقاتن و لما طالع الرجل بين يده و جد الجمع سهلا، و كان من اصعب ما يكون عليه فقال له: كنت مع شيخي بسمرقند تحاول هذا الجمع و لم نجد له مسلكا، و إني أكاتبه اليوم لأخبره بأني وجدته في الجزائرن و هذا الرجل هو العلامة سيدي عبد الرحمن النابلسي اهـ.
و حكى لي أن والده قرأ القرآن على سيدي عمر تلميذ سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري، و بوصية منه دفنه في عتبة الضريح قائلا له: لكون كذلك بين يدي شيخي بن عبد الرحمن موتي.
و من تلامذة العمالي العظام سيدي محمد بن عيسى مؤلف رسالة "الألماس" و غيرها، و أحد كتاب الوزارة التونسية في حياته و ذكر الثقات أن سيدي محمد بن عيسى هذا كان ملازما لثلاثة كتب: المصحف، و الإبريز في مناقب سيدي عبد العزيز، الدباغ و "دلائل الخيرات" و الحق أن رسائله تدل على أنه في طبقة عليا من الفهم و العلم.
و من تلامذة العمالي سيدي علي عبد الرحمن مفتي وهران المتوفي سنة 1925الماضيةن و هو أصحاب "الفتوحات المكية" و جواهر المعاني، حضرنا مجلسه مرارا فسمعنا منه ما رق وراق، مما دخلت منه الأوراق و وتشتاقه الأذواق، و الفضل في ذلك كله للمحب المحبوب سيدي علي بن الحدا، متعه الله بطيب الحياة و طولها و قر عينه بولده العزيز.
و من تلامذة العمالي سيدي علي بن الفخار مفتي المدينة و سيدي محمد القزادرين و سيدي حسن بريهماتن و سيدي محمد بن العطار إمام سيدي رمضان في حياته، و سيدي محمد بن عبد المؤمن و سيدي محمد بن زاكور.
قال: و للشيخ العمالي فتاوي مجموعة و محاورات فقيهة تزيد مسائلها على الثلاث مئة، وقعت بينه و بين سيدي محمد بن سيدي علي مبارك الولي المشهور، دفين القليعة، و له رسالة في ترتيب محاكم القضاء و أخرى في أحكام مياه البادية، و كان يجري على لسانه قبل وفاته بأيام قول القائل:
سيفقدني قومي إذا جن ليلهم
و في الليلة الظلماء يفتقد البدر
كان الشيخ العمالي خلوتي الطريقة رحمانيها، أخذها عن أبيه عن سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري و دفن قرب الخروبة التي كان تحتها مجلس سيدي عبد الرحمن الثعالبي، و التقى عندها بصاحب الصغرى سيدي محمد بن يوسف السنوسي، و أخيه سيدي علي التالوتي، رضي الله عنهم و جمععنا بهم في الدار السلام، بفضل الله الملك العلام أمين.
ولد الشيخ العمالي سنة 1227، و تولى الفتوى سنة 1273و توفي سنة 1290، و لما كانت الترجمة للشيخ محمد بن عبد الرحمن المشهور بالإمام فالأنسب أن نختمها بأبيات له، نقلتها من خطه مادحا بها محكمة القضاء الملكي الملاصقة للجامع الكبير في الجزائر، لما تم بناؤها في ربيع الثاني عام 1266، و تولى قضاءها الشيخ العمالي، وهي قوله
أحسن بمحكمة قدر اق قد راق منظرها
أبــــدت محاسنها شكرا لباريها
يحـــق حســن الثنا للآمرين بها
مع الذيــــن سعوا كذلك بانيا
للحكم قد نصبت أركــانها رفعت
لشرعة المصطــــفى الله يبقيها
لا تعجبن أما يكيفيك نسبتـــها
لمالك شيدت ضاحكة تزهو لرائبـها
يا قاصـدا ربعها لا تخش مضيعة
الله للــحق يهدي كل من فيها



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)