محمد بن حواء المستغانمي

الإمام و القدوة الهمام من ألقت إليه العلوم العربية زمامها و نشرت عليه المعارف القدسية أعلامها حتى تضلع من عذب مواردها وارتوى، الولي الشهير سيدي محمد بن حواء هكذا شهر بأمه، و إلا فهو سيدي محمد بن قدار بن الجيلاني بن عبد الله بن أحمد التوجيني نسبا المستغانمي منشأ و دارا.
كان رحمه الله و رضي الله عنه ممن جمع الله له بين العلم والعمل، فنال بذلك عند الله الرتبة العليا و القيام الأمثل، وله يد طولى و ولوع بالمنظوم، فإذا نظم غخل عنك اللالي وزهر النجوم، فمن منظومته الشهيرة البديعة غوثيته الكبرى التي هي في الشدائد حصن منيع، وهي تحتوي، من البيات على أربع مئة أولها:
يقـــول راجي ربه العفو
محــمد الشهير بابن حوا
الحمد لله الــعظيم الطول
الواسع الجود العميم الفضل
الصادق الوعد اللـطيف البر
المستجيـب دعوة المضطر
إلى أن قال:
ثمت أهدي للرسول الخاتم
أزكى الصلاة و السلام الدائم
محمد المحمود ماحي الكفر
سبب كل منحة و خـــير
سلطان أهل حضرة القدوس
الرافع المسخ و كل بــوس
روح الوجود باذل الموجود
أسنى القصود كعبة الـوفود
و مطلع الأنوار و المعارف
و منبع الأسرار و اللطـائف
و عنصر العلوم و العرفان
و قدوة الأقطاب و الأعيـان
إلى أن قال:
و بعد فالدعا سلاح المؤمن
و جنة حصنية للــمؤمن
لا سيما إن حصل اختلال
في الدين و الفتن و الأهوال
إلى أن قال:
يا سامع الدعاء يا قدير
يا من إليه ترجع الأمور
يا مالك الملوك يا جبار
انصر دليلا ما له أنصار
إلى آخره
و له منظومة عجيبة سماها "سبيكة العقيان فيمن في مستغانم و أحوازها من العلماء الأعيان" لكنها لم تحضرني و لا استحضرت طالعتها الآن، وذكر لي بعضهم أن له تاليفا في فن الحكمة لم اقف عليه، كان رحمه الله تعالى من أعيان أواخر القرن الثاني عشر، كما يعلم من تاريخه لفراغة من الغوثية المذكورة بأواخر جمادى الثنية عام سبعة و ستين و مئة وألف (1167).
و أما تاريخ وفاته فلم اقف عليه، و مدفنه بفحص البلد خارج السور بمستغانم، و عليه قبة مشهورة، و يتبرك بقبره و يزار، و صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه و سلم تسليما.