ما هو التصوف ؟ !!!

وجدت كثير من الشباب يجهلون التصوف جهلا مُطبقًا ويربطونه رأسًا بالقباب والزوايا والطرق الصوفية ، والمسائل الخلافية بين جمهور العلماء وأمثال هذا الحديث المكرور الذي تعود الوهابية المتمسلفة على إعادته ...التصوف هو المرتبة الثالثة في شعب الإيمان التي تبدأ بالاسلام ثم الإيمان ثم الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ... وهل يَصِل المسلم إلى هذه المرتبة من الترقي في درجات الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان من غير عِلم ... التصوف هو العلم التخصصي الذي يبحث في هذا الجانب ... التصوف لا يُعَلّمُك الصلاة ..التصوف يعلمك الخشوع في الصلاة. ...التصوف لا يعلمك كيف تغسل وجهك في الوضوء ... التصوف يعلمك كيف تغسل قلبك من الكبر والمكابرة ... من الرياء والنفاق ... من العُجب والغرور ... من النفاق والحسد ... التصوف لا يُعلمك إطالة اللحية وتقصير القميص ... التصوف يعلمك إطالة حضور القلب أثناء الذكر ، وتقصير الخواطر والأفكار عن ما سوى الله ... التصوف يعلمك البحث عن النوايا والمقاصد من الأقول والأفعال التي تجترحها في كل وقت وحين ... وقس على ذلك ...التصوف مَظلومٌ من قوم يُرَكّزون في عباداتهم على الظاهر ، بينما الباطن خَوَاءٌ ، خَلاَءٌ ، هَوَاء ...التصوف هو ذوق حلاوة ثمار العبادة ... " ومَن ذاق عرف ، ومَن عرف اغترف " .. التصوف فهو فقه الباطن ، في مقابل فقه الظاهر ... التصوف هو فقه أعمال القلوب ، في مقابل فقه أعمال الجوارح ... وفي هذه الدقائق ، والرقائق ، والحقائق تَحَدَّثَ الجنيد سيد الطائفة ، وتحدث الحسن البصري ، والفضيل بن عياض ، وبشر الحافي ، وابراهيم بن أدهم ، وحاتم الأصم ، والسري سقطي وذو النون المصري ، ورابعة العدوية ، أبو العباس المرسي ، أبو الحسن الشاذلي ، عبد القادر الجيلاني ، وأبو حامد الغزالي ... و...و ... غيرهم من السادة الفضلاء الأجلاء ... واستمر هذا العلم يتوارثه مشايخ التربية كابر عن كابر ... هذا هو التصوف السني المرتبط بكتاب الله وسنة رسوله ، التصوف ليس مذهبًا إسلاميا ، وليس مذهبًا عقائديًا ، فالمذاهب الفقهية لأهل السنة والجماعة أربعة هي " المذهب المالكي ، والشافعي ، والحنفي ، والحنبلي " والمذاهب العقائدية لأهل السنة والجماعة ثلاثة " الأشاعرة ، والماتردية ، وفضلاء أهل الحديث " .. أما التصوف فهو سلوك وخُلق وأدب .. [ ومَن زاد عليك في السلوك زاد عليك في التصوف] ... وأفضل مَن ألَّف في التصوف " الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري " والتي قام بشرحها عشرات العلماء ، وأتحدى مَن يأتي لي بعالم واحد من علماء المسلمين انتقد أو طعن في " الحكم العطائية " وهي من المناهج التعليمية والمقررات الدراسية المعتمدة في الزوايا العاملة في الجزائر... أما الرقص والصياح ، والقصبة والبدنير ، والشخير والنحير... فلا علاقة لهذا الخبل والهبل بالتصوف ، والوهابية المتمسلفة يربطون بين هذا وذاك ، وهذا تشويه متعمد لصورة التصوف والمتصوفة ، لا يختلف عن تشويه أفلام هوليود لصورة الإسلام والمسلمين بأنهم إرهابيون يسفكون الدماء ، ويعشقون مضاجعة النساء ، ويرتكبون كل أفعال القبح والشقاء... بينما الحقيقة أن المسلمين ليسوا كذلك ، وليست هذه هي صورة الإسلام المشرقة الناصعة البياض .... أما المتمسلفون والوهابيون فكثير منهم لا يعرف التصوف ، وكثير منهم إمَعِّيُون سَمِعُوا الطَّعْنَ فَطَعَنُوا ، وسَمِعُوا النقد فانتقدوا ... بعضهم يحسب التصوف من المذاهب الفقهية ، وبعضهم يُدرجه في المذاهب العقائدية ... وهذا غبش في الفهم ... التصوف سلوك وخُلق ، وهل ينتقد عاقل " علم يهتم بتحسين سلوك الناس وأخلاقهم ؟ !!! ... قَالَ سيد الطائفة الإمام الجنيد ـ والذي أثنى عليه بن تيمية وجل علماء المسلمين الثناء الحسن ـ قال : " من لَمْ يحفظ الْقُرْآن ، وَلَمْ يكتب الْحَدِيث لا يُقتدى بِهِ فِي هَذَا الأمر " والقدوة لا تكون إلا بالسلوك .. والتصوف هو السلوك .