إنّ الإسلام لم ينظر إلى الرجل أو إلى المرأة نظرة امتياز أو ازدراء لأيّ منهما، بل المقياس عند الله هو التّقوى والعمل الصالح. قال سبحانه وتعالى: {يا أيُّها النّاس إنّا خلقناكم مِن ذكر وأنثـى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارَفوا إنّ أكرَمَكُم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير} الحجرات .13
إنّ الأولاد هبة وعطية من الله جلّ وعلا، يهبُ عباده وفق حكمته وعدله وفضله، والساخط على زوجته التي تلد له البنات فقط ساخط على الله تعالى الّذي رزقه إيّاهن. قال تعالى: {لله مُلك السّموات والأرض يخلُقُ ما يشاء يهَبُ لمَن يشاء إناثًـا ويهب لمن يشاء الذُّكور أو يُزوِّجُهم ذُكرانًا وإناثًـا ويجعل مَن يشاء عقيمًا إنّه عليم قدير} الشورى .71
والتسخط بالإناث من أخلاق الجاهلية الّتي ذمّها الله سبحانه وتعالى في قوله: {وإذا بُشِّرَ أحدُهم بالأنثـى ظَلَّ وجهُه مُسْوَدًّا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بُشِّرَ به أَيُمْسِكُه على هونٍ أو يَدُسُّهُ في التُّراب ألاَ ساءَ ما يحكُمون} النحل 58 ـ .59
فليحذر الرجل العاقل المؤمن بقدر الله أن يكون فيه خلق من أخلاق الجاهلية، يغضب الربّ جلّ وعلا، ثـم إنّ المرء لا يعلم الغيب. قال تعالى: {قُل لا يعلَم مَن في السّموات والأرض الغيبَ إلاّ الله وما يشعرون أيّان يُبعثـون} النمل .65 فربّما كان الخير والسعادة في البنات، وكان الولد سببًا لشقائه بالعقوق وفساد الأخلاق، وقال العليم الحكيم: {وعسَى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبُّوا شيئًا وهو شَرٌّ لكم واللهُ يعلَم وأنتم لا تعلمون} البقرة .216 وقال في حقّ النساء: {فإن كرِهتموهُنَّ فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعَل اللهُ فيه خيرًا كثـيرًا} النساء .19
وهكذا البنات أيضًا، قد يكون للعبد فيهنّ خير في الدنيا والآخرة، ويكفيه خيرًا ما أعدّهُ الله لمَن رزق البنات فأحسن تربيتهنّ. فعن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقول: ''مَن كان له ثـلاث بنات يؤدِّبهنّ ويرحمهنّ ويكملهنّ ويزوّجهنّ، وجبت له الجنّة البتة''. قيل: يا رسول الله، فإن كانتا اثـنتين؟ قال: ''وإن كانتا اثـنتين''. قال: فرأى بعض القوم أن لو قالوا: واحدة؟ لقال: واحدة'' أخرجه البخاري وأحمد.
وعن أنس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم ''مَن عال جاريتين حتّى تبلغَا جاء يوم القيامة أنا وهو، وضَمَّ أصابعه'' رواه البخاري ومسلم. وقوله: ''عال جاريتين'' أي ابنتين.
قال القرطبي في تفسيره لهذا الحديث: ويعني ببلوغهما وصولهما إلى حال يستقلان بأنفسهما، وذلك إنما يكون في النساء إلى أن يدخل بهنّ أزواجهنّ، فلا يعني بلوغهنّ الحيض وتكلّف، إذ قد تتزوّج قبل ذلك، فتستغني بالزوج عن قيام الكافل، وقد تحيض وهي غير مستقلة بشيء من مصالحها. ولو تركت، لضاعت وفسدت أحوالها، بل هي في هذه الحالة أحق بالصيانة والحفظ، والقائم على صيانتها فيرغب في تزويجها. وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن كانت له أنثـى فلم يئذها ولم يهنها، ولم يؤثـر ولده عليها ـ يعين الذكور ـ أدخله الله الجنّة'' أخرجه أبو داود. ثـمّ ما ذنب الأم المسكينة تعامل مثـل هذه المعاملة القاسية من أجل أنها ولدت البنات؟ فلو كان الأمر بيدها، لولدت لك الذكور. فلتكن عاقلاً، ولتحسن إلى زوجتك وإلى بناتك، ولتحسن تربيتهنّ حتّى يكن صالحات، يطعنك، ويكنّ سببًا في دخولك الجنّة وحصنًا لك من النّار بإذن الله تعالى.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/05/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : يعدها الشيخ ابو عبد السلام
المصدر : www.elkhabar.com