ما بين تلمسان و الأندلس....
(جزء من المقال مقتبس من الدكتور فوزي سعد الله المتخصص بشؤون الأندلسين الجزائريين)..
تلمسان التي جمعت في أزقتها قرطبة , اشبيلية و غرناطة .....اشبيلية التي اهدت الى تلمسان قاضيها الشوذي سيدي الحلوي المدفون في الضريح المطل على مسجده في طرف المدينة حيث التقى "بن سهلة" احد شيوخ الأندلسي التلمساني و سليل احدى اعرق الاسر الاندلسية بالمدينة بمحبوبته "فاطمة الهمية" و التي وصفها بأجمل ما يكون في قصيدته الشهيرة "يوم الخميس واش داني حتى لقيتها فاطمة مصبوغة الاشفار .."
اشبيلية ايضا أهدت الينا اشهر شخصية أندلسية تلمسانية متمثلة في الشيخ ابي مدين شعيب الاشبيلي الأندلسي التلمساني قائد فرقة المغاربة التي فتحت بيت المقدس مع صلاح الدين الايوبي و الذي اشتهر بعلمه و فقهه و ايضا الاشعار الكثيرة التي نظمها من اشهرها :
مَتَى يَا عُرَيْبَ الْحَيٍّ عَيْنِي تَرَاكُمُ **** وَأَسْمَعُ مِنْ تِلْكَ الدِّيَارِ نِدَاكُمُ
وَيَجْمَعُنَا الدَّهْرُ الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا **** وَيَحْظَى بِكُمْ قَلْبِي وَعَيْنِي تَرَاكُمُ
أَمُرُّ عَلَى الأَبْوَابِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ **** لَعَلِّي أَرَاكُمْ أَوْ أَرَى مَنْ يَرَاكُمُ
.. أما قرطبة بعد سقوطها فقد وصل من أهلها الى تلمسان خمسون ألفا و هو عدد ضخم مهول و اشتهرت الجالية القرطبية و شغلت المناصب الرفيعة في البلاط الزياني مثل بني الوضاح في الوزارة و بني الملاح في القضاء و الكتابة و غيرهم و انتشرت الجاليات الأندلسية من المدن الأخرى من بلنسية و مرسية و جيان و غيرها في عاصمة الزيانيين و أحوازها فبنوا الدور و القصور الرفيعة كما وصفها ابن خلدون و أدخلوا طرقهم في الزراعة و الصناعة و انتشرت على ضفاف نهر الوريط قرى صغيرة أشبه ما تكون بجنان صغيرة على الأرض قطع حقيقية من الفردوس عمرها هؤلاء الأندلسيون و ظلت تلمسان واجهة خلفية للأندلس كلما سقطت مدينة أو بلدة من البلدات الأندلسية إلا و تجد شطرا كبيرا من أهلها ييمم وجه عاصمة بني زيان التليدة ..
..أما غرناطة التي أعطت تلمسان لقبها فصارت تلقب غرناطة افريقيا فقد هاجرت كثرة كثيرة من سكانها قدر عددهم بعشرات بل بمئات الألاف الى تلمسان و قد سبقهم في هذا أهل مالقة و ملك غرناطة و مالقة أبو عبد الله الزغل "الشجاع" و الذي استقر بتلمسان مع كثير من اهل غرناطة و مالقة و ألمرية و وافته المنية هناك و ظل نسله فيها يعرفون ببني سلطان الأندلس .. لم تسجل هجرة أكثف من هجرة الغرناطيين الى تلمسان حتى أنهم و إلى يومنا هذا غلبو على المدينة و ذاب بقية السكان من الجداريين و الأندلسيين السابقين في الاغلبية الغرناطية و لا تزال عائلات تلمسان تفتخر الى يومنا هذا بأصلها الأندلسي المتجذر و كان للموريسكيين أيضا نصيب فقد وصل منهم ما يقدر ب 135 ألفا الى تلمسان و ندرومة قادمين من ميناء وهران بعد قرار الطرد الأخير ..كما أن أكبر مصدر للهجرات المورسكية كان من انشاء الكاتب و المؤرخ "المقري التلمساني" صاحب كتاب نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب ..
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 06/01/2018
مضاف من طرف : Loca13
صاحب المقال : فوزي سعد الله