لم يعد بالإمكان إخفاء الفساد في الجزائر. الظاهرة أخذت أبعادا مأساوية. النهب على كل المستويات، من قابض البريد في قرية نائية، إلى أعلى المسؤوليات في المؤسسات الاقتصادية والمالية المركزية. ولما انتشرت الرائحة في كل مكان، ما كان على الحكومة إلا الإقرار باستشراء المرض.
لكن الاعتراف بالمرض وتشخيصه شيء، وعلاجه للشفاء النهائي منه مسألة أخرى. فالحكومة فكرت في الأمر ودبرت، واهتدت إلى تشكيل ''هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته''. هذه الهيئة تتكون من سبعة أعضاء، وهم موظفون في الدولة، نفترض فيهم النزاهة التامة والكفاءة العالية.
مهمة ''السبعة'' إعداد تقارير سنوية عن وضعية الفساد، تقدم لرئيس الجمهورية. تماما مثلما تفعل هيئة فاروق قسنطيني مع حقوق الإنسان. هكذا سينتهي الفساد في الجزائر. سيخاف مهربو المليارات، وكبار اللصوص، الذين ينهبون الاقتصاد الوطني والخزينة العمومية، من تقارير الهيئة الوطنية، فيتوقفون عن السرقة. هكذا، بكل بساطة.
ثم هناك الديوان المركزي لقمع الفساد، وهو هيئة مهمتها أيضا القضاء على الفساد. ولا ندري العلاقة بين الهيئة الوطنية والديوان المركزي. والفرق بين مكافحة الفساد وقمعه. وأي الجهازين أعلى سلطة من الآخر. وما هو اختصاص كل منهما، من الناحية العملية، إذا تقاطعت مهامهما في الميدان.
الواقع أن كل هذه الأسئلة تافهة، ولا مجال لطرحها، لأن الحكومة تعرف جيدا أن الهيئات واللجان لا تقمع ولا تكافح. والتقارير الإحصائية لا تفيد. الفساد ظاهرة عالمية. لم نخترعه نحن، وإن تفوقنا فيه تفوقا باهرا. ومكافحة الفساد، في كل العالم المتحضّر، إنما هي عمل جهاز واحد ووحيد، ألا وهو العدالة.
ماذا يفعل المدعي العام والقاضي، وماذا يفعل مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية، إذا لم يكافحوا الفساد ويقمعوه؟ إذا عجزت العدالة، وهي سلطة دستورية، عن التصدي للجرائم الاقتصادية، وإذا لم تقدر على توقيف نهب المال العام، فلا يمكن لموظفين، تعيّنهم الحكومة، أن يحلوا محلها.
rouaba@hotmail.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/01/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : حميد روابة
المصدر : www.elkhabar.com