الجزائر

ليس في العرب ذو جلالة



ليس في العرب ذو جلالة
ذكر الأستاذ موساوي زرّوق، المحامي حاليا بمدينة باتنة، أحد طلبة معهد الإمام ابن باديس الذين بعثتهم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين للدراسة في العراق؛ ذكر في مذكراته التي سماها "مسيرة مقاوم من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" أن العالم العراقي محمد محمود الصوّاف أخبره أن اجتماعا عقد في القدس الشريف، وكان مما عقد لأجله جمع الأموال لترميم قبة الصخرة وتذهيبها..كان الإمام محمد البشير الإبراهيمي ممن قدّر الله لهم أن يحضروا ذلك اللقاء، وقد تنبأ الإمام فيه أن ينتهي الأمر إلى استيلاء الصهاينة على قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وفلسطين "غنيمة باردة"، مثل العرب في ذلك كمثل قدماء المصريين، الذين كانوا يلبسون إحدى جميلاتهم أجمل الحلل، ثم يقذفونها في اليمّ قربانا.لم يكن الإمام الإبراهيمي "يضرب خط الرّمل" أو "يعزّم" رغم أنه كتب سلسلة من المقالات الرائعة سماها "سجع الكهّان"؛ ولكنه كان يلاحظ، ويحلل، ويقارن، فانتهى - بعد ذلك - إلى أن ما هو قادم في القضية الفلسطينية خاصة والعربية عامة لا يسر الناظرين، ولا يبهج السامعين.عقد ذلك الاجتماع بحضور الملك حسين، ولما أعطيت الكلمة للإمام محمد البشير الإبراهيمي اعتلى المنصة، وقال ما لا يستطيع غيره قوله فهو ممن لا يخشون في الله لومة لائم، ولا سطوة حاكم..وجّه الإمام كلامه "للملك" حسين قائلا: "يا صاحب الجلالة، وليس في العرب ذو جلالة وإسرائيل تحت فلسطين، يا صاحب الجلالة فلا تخدع بالإنجليز، فهم كحلقة الشر المفرغة لا يدرى أين طرفاها كما خدع جدك الحسين، ولا تخدع كما خدع جدك عبد الله، ولا تخدع كما خدع أبو طلال..." (موساوي: مسيرة مقاوم في جمعية العلماء.. ص36).إن محل الشاهد في كلام الإمام الإبراهيمي هو في قوله أمام "الملك" حسين: "ليس في العرب ذو جلالة"، فالجلالة تعني العزة والسيادة والمهابة، ولكن لا أحد من "ملوك" العرب من يستحق وصف الجلالة.. إلا أن تكون الجلالة عندهم العلو في الأرض بغير الحق، والبطش بعباد الله، والعيش للشهوة والنشوة والسطوة..ويمكن تعميم هذا الحكم على من يسمون "رؤساء" العرب و"أمراءهم"، إذ ليس فيهم ذو فخامة وذو سمو، وأصدق وصف يوصفون به هو ما وصف به نفسه ملك العراق، فيصل الأول حيث قال: "أنا موظف لدى حكومة بريطانيا بدرجة ملك". (محمد جابر الأنصاري: العرب والسياسة. ص24)، فكل واحد منهم موظف عند دولة من الدول الأجنبية، ولو سموا أنفسهم ملوكا، ورؤساء، وأمراء، ولعن الله الاشتراك اللفظي، كما يقول الإمام الإبراهيمي، فأصغر "رئيس" عند العرب يحمل الاسم نفسه الذي يحمله رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. ولهذا نرى الحكام العرب لا يحرصون على شيء كحرصهم على هذه الألقاب الجوفاء، وما تشبّثوا بها إلا يوم فقدوا معانيها الحقيقية من الجلالة والفخامة والسمو، فصاروا كما قال الشاعر ابن رشيق المسيلي فيمن سبقهم من أمثالهم:مما يزهدني في أرض أندلس ألقاب معتصم فيها ومعتضدألقاب مملكة في غير موضعها كالهرّ يحكي انتفاخا صولة الأسدفلتطمئني يا إسرائيل إن شئت أن تتمددي كما شئت فلا تخافي ممن يسمّون أصحاب الجلالة وأصحاب الفخامة وأصحاب السمو، فهم أحرص على شهواتهم أكثر من حرصهم على شرفهم وكرامتهم.. وانتظري حتى يأتي الله بقوم لا يكونون أمثالنا، وأمثال حكامنا، فإذا جاء أولئك فاستعدي لوعد الله، ذلك وعد غير مكذوب..وسلام عليكم أيها المرابطون وأيتها المرابطات في الأقصى وما حوله، وأفرغ الله عليكم صبرا، وربط على قلوبكم، وثبت أقدامكم




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)