كشفت الـ24 ساعة الأولى التي أعقبت إعلان مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي، تحرير ليبيا “بالكامل” من مدينة بنغازي، حجم الخلافات التي لا تزال تهدد مستقبل “ليبيا الحرة”، سيما بين القيادات العسكرية والسياسية التي فضلت إعلان التحرير من بنغازي، بينما وجه عبد الحكيم بلحاج كلمته من العاصمة الليبية طرابلس، كما أن طريقة مقتل العقيد معمر القذافي أثارت امتعاض “قبيلة القذاذفة” التي تعتبر واحدة من أهم القبائل في ليبيا التي لم يعرف موقفها بعد من المجلس الانتقالي.
تدخل ليبيا رسميا عهدا جديد بألوان ثلاثة: “أخضر، أسود، أحمر”، بعد أن كان اللون الأخضر ولمدة عقود يشكل رمزا للثورة، وللقومية، وللهوية الليبية. ورغم رمزية تلك الأوان إلا أنها تعكس واقع ليبيا ما بعد القذافي، التي لا تزال تواجه تحديات كبيرة سواء على المستوى القيادي، أو إعادة الأعمار، وهو الملف المثقل بحقوق أسر شهداء ليبيا التي تشير التقارير إلى أن عددهم تعدى 70 ألف قتيل وآلاف المشردين والمفقودين. كما أن طريقة مقتل القذافي رفعت مؤشرات دخول ليبيا في “دوامة” الانتقام.
ودعت منظمات حقوقية دولية المجلس الانتقالي لفتح تحقيق عاجل لمعرفة ظروف مقتل العشرات من أنصار العقيد المقتول معمر القذافي، والذين تم العثور على جثثهم في أحد الفنادق بمدينة سرت التي سيطر عليها “الثوار” في آخر معاركهم ضد القذافي.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير لها، أمس، إنه تم العثور على جثث 53 شخصا يُعتقد أنهم من أنصار القذافي، مربوطين معاً في فندق “المهاري”، الذي كان يسيطر عليه الثوار في مدينة سرت. وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن ممثليها عثـروا على هذه الجثث، وكان بينهم نحو 20 شخصاً من السكان المحليين، وقد تم وضعهم في أكياس للجثث تمهيداً لدفنهم. وقال مدير حالات الطوارئ في المنظمة، بيتر بوكيرت: “لقد عثـرنا على 53 جثة متحللة، من المرجح أنها لأنصار القذافي، في أحد الفنادق المهجورة بمدينة سرت، كان بعضها لأشخاص قيدت أيديهم خلف ظهورهم، عندما تم إطلاق النار عليهم”.
وفي معرض تعليقه على “تهديدات سيف الإسلام” التي قال فيها أنهم سوف ينتقم لمقتل والده، مستعينا بحركة “العدل والمساواة” التي تشير التقارير إلى أنه انضم إليها بعد أن مقتل القذافي، أكد فلاديمير يفسييف مدير مركز الدراسات الاجتماعية والسياسية الروسي، على ضرورة أن يأخذ قادة المجلس الانتقالي الليبي تهديدات سيف الإسلام بجدية وعدم الاستهانة بها. كما يقول فلاديمير في تصريحات نقلتها عنه وسائل الإعلام الروسية: “لا بد من أخذ كلام سيف الإسلام على محمل الجد تماما، لأن المفارقة تكمن في أن معمر القذافي بعد مماته أكثـر خطرا على أعدائه في ليبيا وخارجها مما كان في حياته“. ويضيف فلاديمير يفسييف أن “معمر القذافي حياً ما كان ليجمع حوله ائتلافا يتمتع بقدرة قتالية ما، بينما هو الآن يناسب أطراف المعارضة المتوقعة كراية للنضال ضد السلطات الجديدة”.
وفي ما يتعلق بالكوادر والموارد المادية، من غير المنتظر أن تعاني المقاومة القذافية آية مشكلات. إن حسابات العقيد المالية الشخصية تبلغ، حسب تقديرات الخبراء، حوالي عشرة مليارات دولار، ولم يتم العثور عليها حتى الآن. هذا ولم يعرف حتى الآن مصير الأسلحة التي سحبها أنصار القذافي من المستودعات منذ بداية الحرب. ومن ناحيتها طرحت روسيا أمام مجلس الأمن الدولي مسألة تتعلق بعشرين ألف صاروخ لمنظومات الدفاع الجوي المحمولة التي كانت موجودة في ترسانات قوات الدفاع الجوي الليبيبة واختفت دون أثـر. وبهذا الخصوص عبر المندوب الروسي الدائم لدى المنظمة الدولية، فيتالي تشوركين، عن قلقه من احتمال وقوع هذه الصواريخ في أيدي إرهابيين. ويحذر الخبير في معهد الشرق الأوسط، سيرغي سيرغيتشيف، من أن المقاومة القذافية الوليدة أيضا قد تلجأ إلى ممارسة الإرهاب. ويعيد سيرغيتشيف إلى الأذهان أن الاستخبارات الليبية أقامت أوائل وأواسط ثمانينات القرن الماضي شبكة إرهابية متشعبة في جميع أنحاء أوروبا.
القذاذفة يحملون القرضاوي مسؤولية مقتل القذافي
حمل بيان لقبيلة القذاذفة الشيخ يوسف القرضاوي مسؤوليته حول جريمة اغتيال معمر القذافي، بعد فتواه الشهيرة بإباحة قتله وتحريضه على ذلك، حسب البيان.
وأضاف البيان الذي صدر لهم، أمس الأول، أن أي تحقيق من جهة دولية لا يأخذ بعين الاعتبار هذا التحريض الصريح على القتل، ولا يمكن الالتفات إلى مصداقيته.
وأكدت القبيلة، عبر البيان، أن تلك الفتوى لا تنبني على الشرع الحنيف، بل على الخصومة التاريخية بين القذافي وبين الإخوان المسلمين الذين يعتبر القرضاوي مرجعهم الديني. وأوضحوا أن هناك اتفاقا بين الغرب والإخوان المسلمين عبر قطر والقرضاوي تحديدا للتمكين لهم بشروط وصفقات متفق عليها، تقتضي إذلال بقية المسلمين وقهر بقية الجماعات الإسلامية نفسها، بالإضافة إلى إذلال الدول التي اشتهرت بمعاداة الإخوان. كما توعدت جبهة تحرير ليبيا في بيان لها أنها قد اتخذت قرارها بمعاملة الشيخ يوسف القرضاوي بالمثل، مؤكدة أنها ستقيم عليه حد القصاص أينما كان ومهما توارى أو احتاط. وأضافت الجبهة أن مقتل القذافي جريمة باتفاق كل القانونيين في العالم، موضحة أن هيئات دولية تسعى إلى التحقيق في الأمر، معتبرة إياه تجاوزا يعرض مرتكبه للعقوبة الصارمة.
علال. م
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/10/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : م. ط
المصدر : www.al-fadjr.com