الجزائر

لو كان لي سلطة؟!



 لو كان لي سلطة لأمرت بمنع تدريس مكيافيلي وخاصة كتابه الأمير، ولأمرت بمنع تداوله وقراءته كلية، لا لشيء إلا لأنه يعلم الحكام والطامعين في الحكم والعاملين على الاستمرار في الحكم، تقنيات البقاء في الحكم وتقنيات إدارة المناورة حتى بين عصب الحكم.
ما يحتويه هذا الكتاب، إضافة لما يعرف بالاستبداد الشرقي، ينتج لنا حكاما باستبداد بشع وبإتقان عالي المستوى لكيفية حماية السلطة من الناس ومن المنافسين السياسيين.
ولو كان لي سلطة لأمرت بتعميم تدريس كتاب ''طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد'' لعبد الرحمن الكواكبي، ولأمرت بتوفيره في كل مكتبة وفي كل بيت وعلى مكتب كل مسؤول، صغيرا كان أو كبيرا، خاصة الرؤساء والوزراء والجنرالات والولاة وغيرهم، لا لشيء إلا لأنه يعلم الكل معنى الاستبداد وأوجهه.
عندما طرحت الفكرة على أحد الأصدقاء ضحك ملء شدقيه، بعربية قريش، وقال: مشكلة الكثير من ناس الحكم والسلطة أنهم لا يقرأون لا الغث ولا السمين من الكتب والأفكار، ويكتفون بممارسة الحكم وفق ''ثقافة الحكم''.
نعم، بعض مأساتنا في ''ثقافة الحكم''، إن كان للذين يحكمون ''ثقافة ما''. فثقافة الحكم الكولونيالية مثلا ما تزال سائدة حتى اليوم، وثقافة حكم الانكشارية ما تزال حاضرة حتى اليوم، وثقافة فرق تسد ما تزال طاغية حتى اليوم.
إنهم يقسموننا متعمدين إلى قبايل وعرب وشاوية، إلى شرق وغرب، إلى شمال وجنوب، تلك ثقافة فرق تسد استخدمتها الانكشارية واستخدمها الاستعمار وبإسراف، وتستخدمها السلطة بشكل متواصل.
إنه منطق السلطويين، وهو يصرف أغلب الذكاء، إن كان هناك ذكاء، في التحايل على الناس وفي تبرير الفشل. لماذا فشلت الاشتراكية ولماذا فشل التحول إلى الديمقراطية ولماذا تصر السلطة على استمرار نظام ينشر الفساد ولا يحمي الجزائريين بما يكفي منه ومن الفاسدين فيه؟
لهذا تمنيت لو اتخذ قرار بتعميم تدريس ''طبائع الاستبداد'' لأنه جمع حكمة الشرق ومعارفه بمعارف الغرب وحكمته، لبناء ثقافة مناهضة للاستبداد ونشرها في الناس.


mostafahemissi@hotmail.com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)