الجزائر

لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت.. كل الشعوب تحاسب السارقين



لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت.. كل الشعوب تحاسب السارقين
عدالة البرازيل تحكم على رئيس الجمهورية السابق دي سيلفا (72 عاما)، بالسجن 12 سنة بتهمة تلقي رشاوى، وعدالة كوريا الجنوبية تحكم على الرئيسة السابقة بارك غيون هاي بالسجن 24 سنة كاملة، بتهمة استغلال نفوذ منصبها لممارسة المحاباة لمصلحة صديقةٍ لها تدير مؤسّسة؛ وإجبار شركاتٍ كورية عملاقة على إبرام صفقاتٍ ضخمة معها، ومنحها وابنتها هدايا غير مستحقة، علما أن الفضيحتين قد دفعتا برلمانيْ البلدين إلى الإطاحة بهما من الحكم.

أما عدالة فرنسا فتحقِّق مع الرئيس الأسبق ساركوزي في قضية تمويل القذافي لحملته الانتخابية، وقد تُحاكمه لاحقا وتحكم بسجنه. وحتى الكيان الصهيوني الذي طالما اشتهر بجرائمه وعنصريته مع الفلسطينيين والعرب، يساوي بين مواطنيه جميعا أمام القانون، فقد سجنَ رئيس وزرائه السابق إيهود أولمرت 3 سنوات بتهمة تلقي رشوة في مشروع سكني بالقدس، ويمكن أن يسجن نتنياهو لاحقا بعد أن حققت معه الشرطة 7 مرات منذ ديسمبر 2016 و”أوصت” منذ أسابيع بمحاكمته بتهم رشاوى وخيانة الأمانة.

في دول الغرب لا فرقَ أمام القانون بين حاكم ومحكوم، بين مواطن بسيط وأيِّ مسؤول سام في الدولة حتى لو كان بمنزلة رئيس جمهورية أو رئيس وزراء.. في الغرب القانون فوق الجميع فعلا ولا يحمله شعارا أجوف للضحك على ذقون شعوبها كما يحدث في الدول العربية والإسلامية.

بـ “القانون فوق الجميع”، يجسِّد الغرب ضمنيا الحديث النبوي “لو أن فاطمة بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدها”، ويضرب أروع الأمثلة في العدالة المطلقة بين مواطنيه؛ حكاما ومحكومين، أما العالم الإسلامي الذي من المفترض أن يكون الأولى بتطبيق حديث نبيّه الكريم، فهو يطبّقه على الوضيع لا الشريف، بعد أن أبتُلي بأنظمةٍ استبدادية فاسدة، حوّلت دولها إلى مزارع خاصة لها ولعائلاتها، وأمعنت في نهب ثروات شعوبها وخيراتها من دون رقيبٍ ولا حسيب.

في عالمنا العربي والإسلامي استشرت شتى أشكال الفساد وأضحت كابحا حقيقيا لتنمية الأوطان، وسببا رئيسا في هدر ثرواتها وتخلّفها وفقر شعوبها، ويكفي متابعة قوائم منظمة شفافية دولية كل سنة لنرى بوضوح أن أكثر البلدان فسادا في العالم هي الدول العربية والإسلامية، ومع ذلك كله لم نر – خارج دائرة تصفية الحسابات – حاكما واحدا يمثُل أمام القضاء ولا رئيسَ وزراء ولا وزيرا وكأنهم كلهم معصومون من الخطإ، وقد رأينا خلال محاكمة حسني مبارك وأبنائه بتهم الفساد والتربّح غير المشروع كيف تلاعب النظامُ الانقلابي بـ”العدالة” بشكل سافر وحوّلها إلى مهزلة، وهذا مجرد غيض من فيض..

في بلداننا العربية الحكامُ فوق القانون، لا أحد يحاسبهم أو يعاقبهم.. “العدالة” مكبّلة ومجرّد لعبة في يد السلطة التنفيذية، وهي تكتفي بتقديم كباش فداء في كل قضية يُتهم فيها عليّة القوم، لذلك فإن وصفها بـ”القضاء” هو الأدقّ ما دامت لا تستطيع تطبيق “العدالة” على الجميع، حكاما ومحكومين.

من الأسباب الرئيسة لتقدّم الغرب تحقيق ديمقراطيةٍ حقيقية تقوم على حرية اختيار شعوبه لحكامها وعزلهم، وإقامة مؤسسات رقابية قوية على المال العام، ومنها عدالة مستقلة تتابع أيّ مواطن يخالف القانون ولو كان بمنزلة رئيس جمهورية، وللأسف لا يتوفّر أي شيء من ذلك لبلداننا، وهذا من أكبر أسباب تخلفها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)