تقِفُ المَعاني حِينَ أكتُبُ أحْمَدا
و أرى حُروفي في القصيدةِ سُجَّدا
*
فكأنّما لِلْمُفْرداتِ صَلاتُها
و إمامُها المُختارُ يَقرأُ سُؤدَدا
*
ركَعَتْ أزاهِيرُ المِدادِ وراءهُ
و بِعِشقِهِ حتّى الكَلامُ تَعَبَّدا
*
مَعَهُ القوافي المُشتهاةُ تبَسْمَلَتْ
لِتطيرَ أذكاراً إلى أذُنِ المَدى
*
و تَحَمْدلَ الحِبرُ المُتيّمُ باسْمِهِ
و مضى يَخُطُّ الأمْنِياتِ مُحمَّدا
*
فهُو الخصالُ المُسْتَضيئةُ بالتُّقى
فَتَحَ اعْتِزازاً و المَذلّةَ أوْصَدا
*
لَيَسِيرُ قُرآناً بِدربِ مَحَبَّةٍ
و يَضُخُّ في شِريانِ عالَمِنا الهُدى
*
و يسيلُ منْ قلبِ الحِراءِ ضِياؤهُ
حُلُماً أنِ اقرأْ وجهَ ملْحَمَةٍ غدا
*
تتضمّخُ الدنْيا بعِطرِ دعائهِ
و يفُوحُ نبضٌ مِنْ مكارمِهِ صدى
*
فلَهُ الغَمَامُ الطّفلُ يَعزِفُ ظِلَّهُ
و يدُرُّ ضَرعُ الجُوعِ يعْشَقُهُ يدا
*
و تبِيضُ في ثغرِ المغارةِ لحظةٌ
لِيسُلَّ جُرحَ الذكْرياتِ فيُغمَدا
*
و ترى وفاءً عنكَبوتُ هُيامِهِ
بخُيُوطِ حَقٍّ تَسْتفيقُ لِتشْهَدا
*
هوَ سَيِّدُ الألْوانِ يرْسُمُهُ النّقا
و تهُدُّ أشْواقٌ بأبْيَضَ أسْوَدا
*
رجُلٌ غَزيرُ الحِلْمِ يُتْعِبُ ظُلْمةً
و يجيءُ نوراً نحوَ يثربَ سَرْمَدا
*
و أخٌ يكادُ الكَونُ يَحْضُنُهُ أخاً
فكأنّما الطّينُ البَريءُ توَحَّدا
*
بِعُيُونِ بدرٍ أيْقظَ النّغَمَ الذي
حطَبَ الدّنايا و الفضائلَ أوْقَدا
*
فتبرْعمَ التّوحيدُ يُثمِرُ عزّةً
و يُصافِحُ المجدَ المُرقْرَقَ أمْلَدا
*
و أتى شفيفَ الأبجديّةِ مُلْقِياً
بحديثِهِ حينَ البهاءِ زبرْجَدا
*
دفَنَ الأكاذيبَ العصيّةَ عزمُهُ
و أبى لِصِدقٍ أنْ يتيهَ و يُوأَدا
*
ضحِكَتْ لهُ الآمالُ في حدَقاتِها
و تفتَّحَتْ زهْراً يُبارِكُهُ النَّدى
*
لِمُروْنِقِ الأخلاقِ يبتَسِمُ النِّدا
و يُطِلُّ مِنْ أهدابِ سيرَتِهِ الفِدا
*
و تُرتِّلُ الأمجادَ مكَّةُ حُلْمِهِ
و يكونُها فخرَ العُروبةِ سيِّدا
*
فلكَمْ دموعٍ بايَعَتْهُ مُكَفْكِفاً
و لكمْ جِراحٍ بايَعَتْهُ مُضمِّدا
*
يطأُ الأسى كيْ تُعشِبَ البسَماتُ أوْ
تتنَرْجسَ الأفراحُ مُذبِلةً عِدا
*
خجِلَ الثرى .. منهُ المواجِعُ تستحي
و يظَلُّهُ خدُّ الحَيا مُتَورِّدا
*
فهُوَ انقِشاعٌ للدّماثةِ إنْ يَقُلْ
وهَجَ الأماني يَعذُبِ الفمُ مَوْرِدا
*
و هُوَ انْسِكابُ العدلِ يُطفئُ ظالماً
و يشُقُّ جورَ الجاهليّةِ مُرشِدا
*
يَئدُ الهوانَ المُرَّ ذاتَ كرامةٍ
و يَشيدُ عِزّاً بالمودّةِ مسْجِدا
*
لِيُحوْقِلَ الحبُّ الكبيرُ بقلبِهِ
و يُؤذّنَ الصُّبحُ السعادةَ مُنْشِدا
*
و تُسبِّحَ الرحمنَ عينُ وئامِهِ
فتَقَرَّ أنْ صِرْ يا إخاءُ مُغَرِّدا
*
لِرسولِنا تُحني الخطوبُ جباهها
و تمرُّ خرساءَ الجِراحِ لِيُسْعِدا
*
فيُبلْسمَ الهمَّ الطويلَ بحِكمةٍ
نبَوِيَّةِ التِّرياقِ تصدُقُ موْعِدا
*
و يُمَشْهِدَ الدّينَ المُظفّرَ نوفلاً
فيُزيحَ أسقامَ البريّةِ مُزْبِدا
*
مُتوَقِّدَ التِّحْنانِ يُحرِقُ كُرْبَةً
مُتلألئَ الإيمانِ يهْطُلُ مُرْعِدا
*
مُتَشَرْنِقَ الإسلامِ يُطلِقُ ودَّهُ
كفَراشِ بوحٍ في الرّبى مُتجدِّدا
*
مُتَدَفِّقَ الإحسانِ يُنبتُ بِرَّهُ
أفُقاً حنيفيَّ العُلا متَمَدِّدا
*
يتشقّقُ البدرُ الصبيُّ أمامَهُ
و يحوكُ أنوارَ الشهادةِ مُشْهِدا
*
فأحَبُّ مَنْ تخطو إليْهِ مشاعرٌ
لأحَنُّ وجْداناً و أكرَمُ مَوْلِدا
*
بِصِفاتِهِ أرضُ الكرامِ توضّأتْ
فجرى ابتِهالُ التُّرْبِ يغسِلُ مُلْحِدا
*
بُعِثَ ابْتِهاجاً من شفاهِ قُريْشِهِ
يصِلُ السرورَ المُستحيلَ مُهَدْهِدا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/01/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : شعر بغداد السايح مغنية
المصدر : www.eldjazaireldjadida.dz