لماذا تتساقط أوراق الشجر في الخريف؟ انخفاض درجات الحرارة ليس السبب!

رغم الحرارة المرتفعة التي شهدناها أخيراً، بدأت أوراق الأشجار تصفرّ (أو تحمرّ) ومنها ما تساقط ليفترش الارصفة والشوارع.
أما الغابات فشرعت ترسم لوحات لطالما ألهمت الرسامين والشعراء، وشكّلت الموضوع الرئيسي لأغانٍ اشتهرت.
ويتكرر هذا المشهد عاماً بعد آخر.
ومن المعروف أنه خاص بشمال أميركا فلا نشهد هذه الألوان الخريفية المنوعة بين الأصفر والبرتقالي والأحمر في أي منطقة أخرى، لذا أصبحت كندا مقصداً للسياح ومحبّي الطبيعة في هذا الفصل.
ولعلّ التعرّف الى المقاربة العلمية لهذه الظاهرة الطبيعية لن يخفف من شاعريتها بل ربما يزيدها رونقاً.
فما سرّ الطبيعة في جعل الخريف فصلاً جميلاً؟
أول ما علينا معرفته هو أن ليس انخفاض الحرارة السبب في إطلاق عملية تغير الالوان إنما الضوء.
فالاشجار تدرك، عندما يقصر النهار ويتقلّص عدد الساعات المضاءة بنور الشمس، أنه حان الوقت للتحضّر للخريف.
وهي عبر تخليها عن أوراقها، تحتفظ بالمزيد من الطاقة لفترة الرقاد الشتوي حيث يتوقف النمو موقتاً بسبب البرد.
وتترجم عملية رقاد الاشجار بتكوّن “سدّة” من الفلين في أسفل عنق كل ورقة فتمنع انتقال المواد المغذية الى الورقة، هكذا تتوقف عملية التمثيل الضوئي la photosynthèse للورقة.
وبالتالي تختفي مادة الكلوروفيل التي تعطي الأنسجة النباتية لونها الاخضر، فيصبح لون الاوراق برتقالياً أو أصفراً.
يذكر ان كميات صغيرة من هذه الالوان هي موجودة اصلاً في اوراق الاشجار لكن وجود الكلوروفيل يجعلها غير مرئية.
ومع اضمحلال الكلوروفيل، تظهر تدريجاً الالوان الطبيعية للاوراق وهي الاصفر والبرتقالي.
أما اللون الأحمر فيخلقه تغيّر في الأيض الغذائي للشجرة يتسبب به تراجع السكريات.
وحين يصبح الليل بارداً واليوم قصيراً، ينشط هورمون الإثيلين فيسرّع في التفاعلات الأنزيمية التي تحلّل جدران خلايا الاوراق فتصبح الأخيرة هشّة وخفيفة جاهزة للسقوط عند أول لفحة هواء أو مع المطر الغزير.