الجزائر

للجزائر إمكانيات مواجهة الظرف الراهن



للجزائر إمكانيات مواجهة الظرف الراهن
تطور الاقتصاد الوطني مرهون بتغيير أسلوب التسيير ومحاربة البيروقراطيةرفع الإنتاج الفلاحي ينهي كابوس الاستيراديرى الخبير الاقتصادي الدولي مبارك مالك سراي أن الانفتاح الاقتصادي الوطني على السوق الإفريقية جاء متأخرا، لكن ذلك لا يعني التخلي عن هذا الفضاء الذي سيتوج بأول منتدى للاستثمار بالجزائر مطلع شهر ديسمبر، في حين أكد إمكانية مواجهة الجزائر للظرف الاقتصادي الراهن، مشيرا إلى أن البيروقراطية تعيق الاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء، الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر في التسيير.هل فعلا الاقتصاد الوطني يمر بوضعية صعبة جراء تراجع عائدات النفط؟الوضعية صعبة فعلا، لكن ليس بمفهوم الكثير من الناس والخبراء الذين يهولون الأمور أكثر مما هو واقع، فالجزائر تملك إمكانيات هائلة للتحكم في الوضع من خلال إعادة النظر في التسيير، ومحاربة البيروقراطية التي تعيق اقتصادنا الوطني، و أؤكد أنه لدينا إمكانات مالية وقدرات بشرية لا بأس بها، بالخصوص مواد أولية جد هامة ومنها ما هو غير مستغل إطلاقا.بالتطرق إلى المواد الأولية والخدمات بصفة عامة والسياحة بالخصوص إلى التحليلات الجديدة للفلاحة، نرى أن الجزائر تملك مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية لاسيما في الجنوب، مع وجود كميات هائلة من المياه الجوية التي تتجاوز المليارات متر مكعب، وهي إمكانات نحسد عليها ومن خلالها نرفع التحدي.دعم الفلاحة يجنّب الدولة فاتورة الاستيرادفتح المجال للاستثمار والتوجه نحو قطاع الفلاحة ذلك سيحقق فعلا إنتاجا وفيرا في الحبوب على غرار القمح والشعير، وكذلك الاستثمار في تربية الثروة الحيوانية التي تدخل في إطار توفير اللحوم البيضاء، وبذلك نجنب الدولة أعباء فاتورة الاستيراد المرتفعة التي تثقل كاهل الدولة سنويا باستيراد كميات كبيرة من الحبوب على سبيل المثال، و كل هذا يتم بحسن الاستغلال والتسيير.لدينا إمكانيات كبيرة وباستطاعتنا دعم الاقتصاد الوطني بتفادي الإجراءات البيروقراطية، ومنح الشباب المتمكن فرصة المساهمة في دعم التنمية ، فالجزائر تملك كفاءات كبيرة وخبراء في مختلف المجالات، بإمكانها تجاوز المرحلة الصعبة الحالية في ظل وعي الحكومة بالوضع لاسيما من الناحية السياسية والاجتماعية، لكن الخوف قد يكون من غياب الوعي لدى المواطن بهذا الظرف.قلت أن الخوف يأتي في حال غياب وعي وطني بالظروف الراهنة، كيف ذلك؟في حال لجوء الحكومة إلى إضافة بعض إلى الجبايات والزيادات على مواد غذائية معينة وهذا جد مطروح مستقبلا لتفادي التبذير المسجل من طرف المواطنين وكذلك في إطار ترشيد النفقات، فأنتم تعرفون أن المواطن الجزائري معروف بالتبذير، وهذا سلوك سلبي يؤثر على الاقتصاد الوطني من خلال ارتفاع فاتورة الاستيراد. فالوعي هو تحلي المواطن بثقافة الترشيد في الإنفاق، فالتبذير سجل حاليا 30 بالمائة، وفي حال خفضناه بهذه النسبة سوف نرجع إلى الأرقام الحقيقية المعمول بها دوليا، والتي تشير إلى ارتفاع معدل التبذير رغم المستوى المعيشي الضعيف، وهذا يعني وجود خلل في السلم الاجتماعي.الانفتاح على السوق الإفريقي جاء متأخراالجزائر ستحتضن مطلع ديسمبر منتدى الاستثمار لرجال الأعمال الأفارقة في إطار التغلغل نحو السوق الإفريقية، ما مدى نجاح ذلك ؟انفتاح الجزائر على السوق الإفريقية جاء متأخرا جدا، لكن هذا لا يعني التوقف عند هذا ولكن مواصلة الجهود لإيجاد أسواق مختلفة في حال قمنا بدفع عجلة الإنتاج إلى الأمام، حيث يحتاج ذلك إلى فضاءلت للتسويق، و أنا منذ سنة 1984 أطالب بالتوجه نحو السوق الإفريقية وهذا كتبته الصحافة الوطنية وفي مقدمتها «الشعب» آنذاك، لأن الجزائر لديها مكانة عالية في البلدان الإفريقية انطلاقا من مبادئ الثورة والعلاقات التي نسجها الرئيس الراحل هواري بومدين مع الزعماء الأفارقة التي وطدت كثيرا الجانب الاقتصادي وهذا ما يؤكد نجاح هذا التوجه في المرحلة المقبلة.كيف تقيمون أسعار الذهب الأسود وتأثيرها على الاقتصاد الوطني؟ارتباط الاقتصاد الوطني بالذهب الأسود له تداعيات خطيرة، وهذا سيكون له انعكاسات سلبية ما دام الإنتاج الزراعي ضئيل والإنتاج الصناعي ضعيف كذلك، حيث يساهم الأخير ب5٪ فقط في الاقتصاد الوطني،وأود الإشارة إلى أن الزراعة رغم ضعفها إلا أنها في مستويات مقبولة ويسجل ارتفاعا سنوي ب12٪ وهو يغطي حاليا 73٪ من الاحتياجات الاستهلاكية، باعتبار أن الاستهلاك الوطني ينحصر على المواد الزراعية من خضر وفواكه وأركز على الإنتاج الزراعي لأن الإمكانات الحالية التي تتوفر عليها الجزائر بإمكانها تغطية الاحتياجات الوطنية 100٪ خلال سنة واحدة، وهناك استثمارات محلية تنتج الطماطم والبطاطا بولاية أدرار مرتين في السنة، ضمن رقعة جغرافية واحدة، وهذا تحد كبير يؤكد وجود إرادة قوية لدى الفلاحين.ما تقييمك لواقع الاستثمار المحلي والأجنبي بالجزائر؟الاستثمار المحلي في الصناعة والسياحة وخدمات أخرى تحسن كثيرا، ورفعت القيود وأصبح الحصول على الأراضي الفلاحية أحسن من السابق، لكن الاستثمار في الزراعة لا يزال ضعيفا كما قلت وثقيلا حتى من طرف التمويل، إذا توجهنا ودعمنا أكثر الاستثمار في القطاع الفلاحي سنحقق مردودية وارتياحا كبيرا، وتتراجع الضغوطات.بخصوص الاستثمار الأجنبي فهو ضئيل جدا وفي بعض الأحيان يكاد يكون منعدما، وهذا نظرا لغياب محيط محفز، رغم أن القاعدة 51/49 لم تعد عائقا أمام المستثمرين، لكن في إطار قانون الاستثمار يوليو 2016 وكنت أنا شخصيا قد شاركت في صياغته بطلب من وزارة الصناعة والمجلس الشعبي الوطني، لاحظنا توجه شركات أجنبية إلى السوق الوطنية بفضل التحفيزات ولكن إضافة للقانون لابد في من تحسين المحيط، و أود الإشارة إلى أن الجزائر من البلدان التي لا تملك مؤهلات لجذب الأجانب للحياة بها وهذا مخيف جدا رغم التحسن من الجانب الإداري.نحن نحتاج إلى انفتاح على الأجانب للاستفادة من الخبرة والتجارب من خلال تواجدهم ببلادنا وهذا هو النهج في الدول المتقدمة أو التي تسعى إلى تحسين مناخ استثمارها، فالاستثمار لا يعني فقط توفير مناخ عملي ولكن مناخ اجتماعي للمستثمرين.ترشيد النفقات أولا وأبداالمؤشرات الأولية لقانون المالية 2017 تؤكد إضافة زيادات وضرائب جديدة ، هل سيكون لذلك تأثير على السياسة الاجتماعية؟قانون المالية 2017 سيكون جبائيا أكثر منه دعما للاقتصاد الوطني، حيث سيعمل على ترشيد النفقات بعد تراجع أسعار النفط بفعل الأزمة المالية التي مست كل الدول، حيث يهدف إلى رفع الزيادات في بعض المنتجات الموجهة للمواطنين، واعتقد أن ذلك سيكون له تأثير على السلم الاجتماعي للمواطن الجزائري، إضافة إلى هذا سيتم تخفيض مالية التجهيز، وهذا خطأ في رأيي لأن تقليص نفقات التجهيز السنة المقبلة ستكون له انعكاسات سلبية من بينها تراجع المردودية آفاق 2020 وقد تكون ضعيفة جدا، لكن في حال عدم المساس بالجانب الاجتماعي أن يكون كما هو لأن المواطن يحتاج إلى الدعم في الوقت الحالي.أين موقع الجزائر في منظمة «أوبك» خاصة بعد احتضانها للاجتماع الأخير الذي تم بموجبه تخفيض الإنتاج؟الجزائر موقفها في «أوبك» له مستويين، الأول بخصوص الإنتاج فهذا ضعيف جدا، وهذا انطلاقا من الإنتاج الضعيف مقارنة بالدول ذات الإنتاج الكبير على غرار السعودية وإيران، وموقع الجزائر في المرتبة السادسة على مستوى إفريقيا، لكن من ناحية العمل الدبلوماسي وموقفها السياسي لديها موقف على الساحة الدولية واحترام كبير وصوتها مسموع من ناحية الاستشارة.لكن الإنتاج الضعيف يجعل من مكانتها في الأنظمة ضعيفا، رغم أنني قلت المكانة الدبلوماسية والسياسية تحظى باهتمام رفيع على الساحة الدولية لا سيما في الآونة الأخيرة بفضل مواقفها من القضايا الدولية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)