للأديب الروائي سعيد القلم مولود فرعون

كل شيء إنتهى، لا يمكن إصلاح الأمر
تلك هي العبارة من مذكرات رائد الأدب الجزائري مولود فرعون قبل أن تتم تصفيته من قبل الجيش السري الفرنسي وذلك سنة 1958 عند وصول الرئيس ديغول إلى الحكم وهي العبارة التي دلت عن قناعته وخلاصة تجربته ويأسه من الإصلاح، وتدل أيضا أن مسار أفكار الرجل تغير تدريجيا وهو صاحب نجل الفقير وهي رواية كان يتحدث فيها عن الفروق الاجتماعية بين السكان الأصليين والمعمرين،
يكتبها: أحمد العربي
وبالمناسبة لا أثق مع هذا المصطلح الذي أسند إلى المحتلين الذين استولوا على أملاك الدولة والعباد، فالمصطلح الأجدر بهم هو المبتزون وتلك الرواية كتبها يوم كان يافعا في الثامنة عشر من عمره، وكانت تلك الفكرة المبكرة لشاب سيتحول إلى إسم ثقيل في ساحة الأدب والنضال، وكانت أيضا إعلانا عن ميلاده الأدبي، فقد توجت بجائزة مدينة الجزائر للرواية، ومنحته حق الوجود بين أسماء كبيرة وفي روايته اللاحقة الدروب الوعرة أعاد صياغة أفكاره ليقف على الفوارق في القيم، وبدا يائسا من الوصول إلى حالة امتزاج بين أفكار طرفي صراع.
ولد مولود فرعون يتيزي هبيل في 18 مارس 1913، وتلقى تعليمه الأول في مسقط رأسه، قبل أن يستفيد من البعثة البروتستانية التي منحته فرصة مواصلة دراسته، تمكن من دخول مدرسة المعلمين ببوزريعة وتخرج ليلتحق بسلك التعليم، ويندرج من معلم بمقسط رأسه إلى غاية وصوله لمنصب مفتش سنة 1960، وكان أدبه يتميز عن غيره من الجزائريين كون أنه كان باللغة الفرنسية، الشيء الذي أحدث زوبعة من الانتقادات في الثمانينيات خاصة بهؤلاء مزدوجي اللغة، فمن النقاد من يعتبر أدب هؤلاء أدبا فرنسيا وأنه باللغة الفرنسية، بينما يدافع هؤلاء عن أدبهم بأنه جزائري خالص مترجم إلى اللغة الفرنسية، ووصل الإشكال إلى غاية الجامعات أين كان يطلب منهم آنذاك بالقيام ببحوث لتزيل ولو قليلا غبار الخلاف أوالاختلاف.
وفي الخامس عشر من مارس 1962 نفذت منظمة الجيش السري الإرهابية عمليتها الجبانة واغتالت مولود فرعون إلى جانب خمسة من رفاقه لتضع الآلة الهمجية حدا لأفكار كانت تتجه نحو التفتق أكثر.
سجل فرعون حضوره الاستثنائي في الذاكرة الأدبية والنضالية الجزائرية كشهيد فكر وحرية، كما سجل حضورا بارزا لدى نخبة من مثقفي القرن العشرين الذين راسلهم أوالتقاهم ومايزال إلى اليوم يلقى إجماعا تشكله مشهدية وجوده قبل أن يشكله أدبه وأفكاره.