الجزائر

لقاء حول الحمامات تاريخيا سوسيولوجيا وعمارة بمكتبة شايب دزاير



لقاء حول الحمامات تاريخيا سوسيولوجيا وعمارة بمكتبة شايب دزاير
*- أماكن للطهارة واللقاء كان لها دور محوري في الحياة الاجتماعية وحتى المقاومةتناول لقاء مكتبة شايب دزاير التابعة للمؤسسة الوطنية للإعلام والنشر والإشهار"لاناب" الأخير، موضوع "تاريخ الحمامات سوسيولوجيا وعمارة " الذي نشطه سيدعلي صخري، لما له من وثيق الصلة بالنظافة الجسدية وعلاقته مع النظافة الروحية التي يهبها رمضان وشهر الصيام، وما للدين الحنيف من علاقة طردية ارتباطية مع النظافة والطهارة.حضر السهرة الرمضانية الثالثة ضمن برنامج المكتبة لهذا الشهر الكريم عدد من المهتمين بالموضوع ومرتادي الفضاء الثقافي والجمهور العريض.بدأ سيد علي صخري حديثه عن الموضوع بتقديم حكاية عن الطبيب الصامت والذي ليس هو سوى الحمام، حيث أن أحد المرضى المصاب بأعداد هائلة من الأمراض، قصد طبيبا عاما ليحكي له عن ألامه، عن فرط سمنته وضيق تنفسه وغير ذلك، فنصحه هذا الأخير بزيارة الطبيب الصامت.وكلمة حمام بالعربية تعني الماء الساخن وهو حمام بخاري عالي الرطوبة، وقد ظهرت الحمامات منذ العصور الرومانية، وورد الكثير من الشّروح والتفسيرات لأصل كلمة "حمّام" في المعاجم العربية، فنجد الرازي بن محمد يعود بأصل الكلمة الى "الحمّة" بفتح الحاء وتشديد الميم، والتي يعرفها بأنّها العين الحارة التي يستشفي بها الأعلّاء والمرضى.ووردت الكلمة في عدة مواقع من كتب الجغرافيين والرحالة، فقد أورد لنا ياقوت الحموي مثالا عن حمّة الإسكندرية التي تشفي من البرص ومن جميع الأدواء، ويرجع البعض الآخر أصلها إلى كلمة "الحميم" والتي تعني الماء الحار، فنقول حمّ الماء، أي سخّنه، واستحمّ أي اغتسل بالحميم، وأحمّه أي غسله بالحميم، فيقول هذا هو الأصل، ثم صار كل اغتسال استحماما بأي ماء كان سواء كان باردا أو ساخنا، كما سمي حماما كل مسبب للعرق.قال صخري أن الحمامات قديما كان لها ثلاث مستويات يمر عليها ويجتازها المرء تباعا، ولا تزال البعض منها إلى غاية اليوم في بعض البلدان، "ريجيتا ريوم" أقساه 20 درجة مئوية، "تيبي داريوم" 30 درجة واخير "كالداريوم" إلى غاية 50 درجة، وقال بأن حمام "صونا" هو ابتكار فينلندي يشتغل دون بخار.وقد اعتنى المسلمون بالحمامات، كما في البصرة، وكان في العراق وسوريا ألاف الحمامات، 700 حمام في سوريا وحدها في القرون الماضية، وكان في العاصمة الجزائر 150 عين ماء يغتدي منها الحمامات الكثيرة في المدينة القديمة. كما ذكر فضل العلماء الأولين في الحديث عن فضائل الحمام كما عند الرازي ابن رشد وغيره، إلا أن ابن سينا كان يوصي بعدم البقاء فيه لمدة طويلة.وأكد صخري على ما للحمامات من دور محوري في الحياة الاجتماعية، وهي تتواجد لدى كل الطبقات الاجتماعية، وهي تلقب بالنسبة للنساء "مقاهي النساء"، وتعتبر المكان المناسب للتعرف على العرائس المفترضة للأبناء المقبلين على الزواج، ويتم التعرف على الحالة الاجتماعية آنسة أو متزوجة أو مطلقة من خلال ما تلبسه في الحمام من "فوطة".وتبقى ميزة الحمام هي النظافة، ووظائف أخرى لمعالجة من به ألام عن طريق التدليك، وتستعمل النساء صابون حلب أو الصابون الأسود أو صابون "دزاير" بمساعدة وسائل أخرى تساعد على التنظيف التام، بينما يذهب الرجال للحمام للحديث عن المشاريع والأعمال. وبالإضافة إلى دورها في الطهارة البدنية، تستعمل للطهارة الشرعية وللقاء، لكن مع وجود صالونات الحمام في كل بيت تغير الوضع وعزف البعض عن الذهاب إليها دوريا كما كان الشأن في الماضي.هناك العديد ممن تحدث عن الحمامات كما في كتابات آسيا جبار وعمر كارلي. وفي الجزائر كان هناك الحمام الموريسكي وليس التركي.يسجل بأن الحمامات كانت لفترة تمثل مراقد للفئات الفقيرة والغريبة عن المدن وبدأت تتلاشى مع الوقت. كما أن هذه الفضاءات عرفت دراسات كثيرة في السابق من طرف مختصين. ويبقى الحمام طقسا من الطقوس وعادة أكيدة تحرص عليها العروس وأهلها العائلات العاصمية كثيرا، بل والمجتمع بكامله.ذكر أحد الحاضرين أن المساجد كان لها دخل من هذه الحمامات المتعلقة بالمساجد من أجل تسييرها في مرحلة ما قبل 1830. وتشير أكثر المصادر إلى أن إنشاء الحمامات الشعبية يعود إلى العصر الروماني في إيطاليا أو في الولايات الرومانية، في القرن الثاني قبل الميلاد، وكانت الفكرة في إنشائها بسيطة للغاية، تقوم على مجموعة من الأحواض الصغيرة التي تحتوي على الماء البارد والساخن، وبعض دهانات المساج وبعض التدليك، وكانت مفتوحة أمام العامة صغارا وكبارا دون مقابل، وتواجدت حمّامات خاصة بالأباطرة مثل نيرون و دقلديانوس وغيرهم، اتسمت بضخامتها إذ ضمّت في جنباتها مكتبات وملاعب وحدائق، فكانت بذلك تقوم بدور ترفيهي استجمامي إلى جانب دورها في عملية الاغتسال.أما الحمامات الشعبية أو العامة في البلاد العربية الإسلامية، فظهرت مع بداية العصر الإسلامي، واشتهرت بلاد الأندلس المفقود بحماماتها الكثيرة وخاصة مدينة قرطبة، التي تجاوز عدد الحمامات بها التسعمائة، فكانت ملازمة لدور العبادة، وتقرن دوما بكلمة المسجد، فنجد ابن حيان يروي قائلا إن عدة المساجد عند تناهيها-أي قرطبة- في مدة ابن أبي عامر ألف وستمائة مسجد والحمامات تسعمائة حمام.إنتهى اللقاء بهذا المثل "اسمع بالحمام عرّى فالزنقة"، كناية عن التهيء للنظافة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)