إن الاعتداءين الإرهابيين على مسجدي مدينة كريسترتش بزيلاندا الجديدة، يؤكدان أن اليمين المتطرف أصبح يشكل خطرا على الانسجام المجتمعي من خلال إنتاجه للكراهية ونبذ الآخر ويؤكدان أن الآخر عند هذا التيار هوالمسلم وكيف لا وقد أصبح الرهاب من الإسلام «الإسلاموفوبيا» برنامجا سياسيا للأحزاب اليمينية المتطرفة وفي الكثير من الدول بداية من أوربا وصولا إلى أمريكا اللاتينية التي تشهد هي الأخرى تصاعدا لموجة اليمين المتطرف لتطال سمومه الفكرية هذه المرة، نيوزيلاندا التي تعد نموذجا في التعايش والقبول بالآخر؟ماقام به الإرهابي برنتون هريسون تارانت منفذ اعتداء مدينة كريسترتش يثبت أن جريمته لم تكن تصرفا فرديا ولم يكن مجرد ذئب منفرد وإلا كيف نفسر أنه وبعد ساعات قليلة فقط تشهد العاصمة البريطانية لندن هجوما على أحد المصلين المسلمين بواسطة مطرقة بالقرب من أحد المساجد، كلمة السر واحدة هي المسجد، فهل هذه مجرد صدفة؟
منفذ هجوم استراليا ولدى مثولة أمام المحكمة قام بحركة يد جمع خلالها بين الإبهام والسبابة في شكل دائرة وهي الإشارة التي يستعملها أصحاب أيديولوجية تفوق العرق الأبيض وقبلها كان أعلن في رسالته المطولة التي نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتبر - حسبه - رمزا لهذه الهوية البيضاء المتجددة التي تعادي الأجانب؟ وهذا بالإضافة إلى ردود الأفعال التي أعقبت الهجوم، حيث أوردت وكالة «روسيا اليوم» الإخبارية نقلا عن موقع إخباري إسرائيلي أن مواقع التواصل الاجتماعي داخل الكيان الصهيوني عجّت بعبارات الإشادة بالهجوم على المسجدين؟ أفلا يؤكد هذا أن الدوافع التي حركت هذا المجرم أكبر من اختصارها في لون بشرة أو عقدة تفوق؟
حيثيات وملابسات الجريمة تؤكّد أن منفذ الهجوم الإرهابي حرّكته دوافع إيديولوجية تحمل كرها دفينا للمسلمين وليس لكونهم أجانب وهي الفرضية التي قد تجد تبريرها في استهداف مسجدين رغم أن المسافة التي تفصل بينهما تصل إلى 4 كيلومترات، بمعنى أن منفذ الاعتداء الإرهابي قام بالهجوم الأول على مسجد ثم انتقل إلى المسجد الآخر لارتكاب جريمته الثانية؟ مما لا يدع مجالا للشك أن هناك سبق إصرار وترصد وأن هناك قتل على العقيدة وليس على لون البشرة؟ ومن بين المصلين، ضحايا الاعتداء كان هناك بيض وقد يكون من بينهم نيوزيلنديون حتى، فهل تكفي بعد كل هذا فرضية نظرية تفوق البيض لتفسير جريمة كل المؤشرات تبين أن دوافعها تعتمد على تمييز ديني وليس عنصري فقط؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/03/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أمين بلعمري
المصدر : www.ech-chaab.net