الجزائر

كيما اهبط الأرض مرتين..



كيما اهبط الأرض مرتين..
في الاحتفالية التي نظّمها الأصدقاء ببوسعادة ، بمناسبة صدور مجموعة "كيما أهبط الأرض مرتين" للشاعر موسى توامة، أكّد الجميع على فرادة هذه التجربة وجدارتها بالقراءة النقدية التي تليق بها وتمكّن القراء من الوقوف على جمالياتها وخصوصياتها.
لكن ما يؤسف له هو أن هذا الشاعر الذي قدّم تجربة ناضجة لم يتمكّن من النشر في وقت سابق وطالما عانى من مشكل النشر، ما حرم المدوّنة الشعرية الجزائرية من صوته وتجربته..
مجموعة "كيما اهبط الأرض مرّتين" صدرت في حلّة أنيقة، بدءا من الجماليات العالية التي تضمّنها الغلاف كاختيار اللون البنفسجي الموحي والخط المغربي الذي يأخذ منحى هابطا في جزء منه، وهو يحيط بلوحة الفنانة ريما الزعبي التي شكّلت نوافذ لخّصت الكثير من الحالات الشعرية التي تضمّنها الديوان.
تكاد نصوص الديوان تشكل نصّا واحدا، يتدرج بك من عنوان إلى آخر، حتى يصل بالقارئ إلى ذروته الشعرية وهو يعبر عن حالات شعرية عميقة بواسطة "جمل مهربة" من الواقع المعيش والراهن اليومي التقطت بعدسة الشاعر وبصيرته، وهي التجربة التي تشكّل ملمحا مهما من تجربة الشاعر موسى توامة.
"وفكّت ضفائرها .. قالت أنا أرضك الآن، فأزرع مياهك في كي تنبت السنبلة.. ذا جسدي لوعة أخرى ..عرق يتصبّب ينحدر إلى أسفل المتاهة.. كأن أقضم تفاحة البدء كيما اهبط الأرض مرتين ..."
يشكل هذا المقطع الشعري للشاعر موسى توامة والمأخوذ من مجموعته الشعرية التي حملت عنوان " كيما اهبط الأرض مرتين " الصادرة مؤخرا عن مطبعة ضخري، مدخلا مهما لفهم الهواجس الوجودية التي تدور في فلكها التجربة الشعرية للشاعر، ذلك أن موضوع المرأة بمختلف تفرعاتها وتجلياتها التي تلقي بظلالها على كل الوجود تشكل العوالم الرؤيوية للمجموعة بدءا من عتبة المجموعة، إذ جاء في ما قبل القراءة "الشكل هو الجسد .. المعنى لا يموت".
كثير من الشعراء يتوقون إلى التحليق في السماوات العالية لكن شاعرنا الذي طالما حلّق في سماوات الشعر، آثر أن يهبط إلى الأرض مرّتين، لعلّ المرّة الأولى كانت هبوط أبينا آدم، أما الهبوط الثاني فكانت هبوط الشاعر الرمزي لنفس السبب، متمثلا في افتراقه لقضمه تفاحة البدء، التي قد تكون تفاحة المعرفة أو المعنى..
إن الجسد عند موسى توامة يأخذ بعدا روحيا يقترب أكثر من الرؤية الصوفية بعيدا عن الجسد "التابو" الذي يشكلّ بؤرة للخطيئة، ومن ثم يتحوّل إلى معنى عميق ومختلف..
أحمد عبد الكريم




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)