تعريف العقيقة
تُعرَّفُ العقيقةُ لغةً بأنَّها الذّبيحةُ التي تُذبَح عن المولود عند حلق شعره، أو أنَّها الشّعرُ الذي يُولَدُ به الطّفلُ، يُقال: عَقَّ فُلانٌ فلاناً، إذا حلقَ عقيقةَ مولودِهِ، ويعُقُّ عنه، إذا ذبح عن مولوده. وأمّا تعريفُها شَرعاً فالعقيقةُ ما يُذكَّى عن المولودِ شُكراً لله تعالى بِنِيّةٍ وأحكامٍ مَخصوصة، وتُسمّى: نسيكةً، أو .
حكم العقيقة
اختلف فقهاءُ في حُكم العقيقة؛ فاختار المذهب والحنبليُّ أنَّها سُنَّةُ مؤكَّدة، واختار المَذهب المالكيُّ أنَّها مندوبةٌ (والمندوبُ أقلُّ رُتبةً من المَسنون)، بينما نصَّ المَذهبُ الحنفيُّ على أنَّ العقيقةَ جائزةٌ مُباحةٌ (أي: يجوزُ فعلُها ويجوزُ تركُها، وهُما سِيَّان)؛ حيثُ يقولون إنَّ العقيقةَ من أفعالِ الجاهليّة التي لم يحرِّمْها الإسلام، لكنَّ بقيّة المذاهب لم ترْتَضِ هذا الحُكْم، لوجود أحاديثَ ثابتةً تدلُّ عليه، ومن تلك الأحاديث:
- قول النبيِّ عليه الصّلاة والسّلام: (الغلامُ مُرْتَهَنٌ بعقيقِتهِ يُذبح عنه يومَ السابعِ، ويسمَّى، ويحلقُ رأسه).
- و في روايةٍ أُخرى: (كلُّ غُلامٍ رهينةٌ بعقيقتهِ تُذبَحُ عنهُ يومَ سابِعِهِ، ويُحلَقُ، ويُسمَّى).
- وقد وردَ (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمرهم عن الغلامِ شاتانِ مُكافَئَتانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ).
- وكذلك ورَدَ (أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَقَّ عن الحَسَنِ والحُسَينِ كبشاً كبشاً).
توزيع لحم العقيقة
- كيفيّة التّوزيع: إنَّ الأفضلَ في حقِّ العقيقةِ أن تُطبَخَ كلُّها، ونصَّ فقهاءُ المذاهب الأربعة على أنَّ العقيقةَ تُعامَلُ معاملةَ الأُضحية من حيثُ كيفيّةُ توزيعِ لحْمِها وتفريقهِ؛ فمِنَ السُّنَّةِ أن يأكُلَ ثُلُثَها، ويُهديَ ثلُثَها، ويتصدَّقُ بثُلُثِها، ولا يجبُ عليهِ ذلك، بل يجوزُ لهُ أن يتعامَلَ بها كما يشاء، إلّا أنَّ الواجبَ عند الحنبليّة والشافعيةِ أن يتصدَّقَ ولو بِجُزءٍ يسيرٍ منها إذا لم يُرِدِ بالثُلُث، ويُستحبُّ كذلك أن يُعطيَ القابلةَ فَخْذاً، ونصَّ المذهب الحنبليُّ على أنَّ الحالة المُثلى هي أن يتصدَّقَ بالثلُثِ الأفضل، ويُهدِيَ الثلثَ الأوسط، ويُبقي لأهله الثلثَ الأقلَّ.
- الدّعوةُ إليها: الأفضلُ أنْ يطبخها ويُطعِمَ أهلهُ وجيرانَهُ، ويبعثَ بها إلى النّاس، وألّا يدعوهم إليها، فإن دعاهم إليها يجوزُ ذلك، وهذا في المذهب الشافعيّ، ويقول (من فقهاء المذهب الشافعيّ): (قَالَ أَصْحَابُنَا: وَالتَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا وَمَرَقِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ بِالْبَعْثِ إلَيْهِمْ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ إلَيْهَا، وَلَوْ دَعَا إلَيْهَا قَوْماً جَازَ، وَلَوْ فَرَّقَ بَعْضَهَا وَدَعَا نَاساً إلَى بَعْضِهَا جَازَ)، وعند المالكيَّةِ تُكرَهُ الدّعوةُ إليها، وأمّا في المذهب الحنفيِّ فيجوزُ أن يدعوَ النّاسَ إليها أو أن يبعثَ بها إليهم ولا فرق.
الحِكمة من العقيقة
تتجلّى الحِكمةُ التشريعيّةُ في ذبحِ العقيقةِ في معانيَ كثيرةً، ومنها:
- إظهارُ البِشارةِ والفرَحِ بنعمةِ الله تعالى بقدوم الولَدِ.
- عمومِ الخيرِ والفرَحِ بين النّاس، فتنتقل فرحةُ أهل المولود إلى مَن حولَهم عند باللّحم وتوزيعه.
- نشرُ النَّسَبِ وإشهارُهُ حتى يُعلَمَ قدوم الولَدِ لدى النَّاس.
أحكام تتعلّق بالعقيقة
- يُسَنُّ أن يُعقَّ عن الولد الذّكر شاتَيْن (مُثنّى شاة من الغنم)، وعن الأُنثى شاةً واحدةً، ويجوزُ أن يُعقَّ عن الذّكرِ شاةً واحدةً كذلك لأنَّه قام بأصل السنّة، وهذا في المذهب الشافعيّ، والحنبلي وأما عند المالكيّة والحنفيّة فالعقيقةُ عن الذّكر أو الأُنثى شاةٌ واحدةٌ، وأمّا إذا أنجب ولدَينِ فلا تكفي الشّاة، بل لا بدُّ من أن تكون اثنتين.
- نصَّ المذهب الشافعيُّ على أنَّهُ يجوزُ أن يشتركَ جماعةٌ من النّاس (سبعة أشخاص على الأكثر) في ذبحِ العقيقةِ عن أولادهم إنْ كانَتْ الذّبيحةُ بقرةً أو إِبِلاً، ويجوز كذلك أن ينويَ بعضُهم العقيقةَ وينويَ بعضُهم ، وفي المذهب المالكيّ والحنبليِّ لا يجوزُ الاشتراك.
- يُشترَطَ أن ينويَ عندَ ذبحِها أنَّها عقيقةٌ، ويُستحبُّ أن يُسمِّيَ اللهَ، ثم يقول: (اللهمَ لكَ وإليكَ عقيقةُ فلانٍ).
- يعقُّ عن المولودِ مَن يُنفِقُ عليهِ من مالِهِ لا من مالِ المولود (في حالِ كانَ للمولود مالٌ، كالتَرِكَة، والوصيّة، وغير ذلك).
- من المكروهِ أن يلطِّخَ رأسَ المولودِ بدمِ العقيقة لأنّه من أفعال الجاهليّة، ولا بأسَ أن يلطِّخَهَ أو شيءٍ مُماثل.
- يُستحبُّ حلقُ رأسِ المولودِ يومَ السّابعِ من الولادة، وفي المذهب الشافعيّ القول الرّاجح أن يكونَ قبل الذّبح، كما يُستحَبُّ أن يتصدَّقَ بوزنِ شعرهِ من الفضَّة.
وقت العقيقة
- وقت الجواز: الوقتُ الذي يجوزُ أداءُ العقيقةِ فيه عندَ المَذهبين الشافعيِّ والحنبليِّ هو من لحظة انفصالِ المولودِ عن أُمِّهِ، وأما المذهبان المالكيُّ والحنفيُّ فهو اليوم السّابع من ولادة المولود ولا يجوز أداءُ قبلَهُ.
- وقتُ الاستحباب: اتفقَ فقهاءُ المذهب الأربعة على استحباب أن يكونَ أداؤها في اليوم السّابع، كما يُستحَبُّ أن يكون الذّبح في صدرِ النَّهار.
- كيفيّة حساب الأيّام: يُحسَبُ يومُ الولادةِ من الأيام السّبعة إذا وُلِدَ المولودُ قبل الغروب، أما إن وُلِدَ ليلاً فلا تُحسَبُ الليلةُ، بل يبدأ الحسابُ من اليوم الذي يليها.
- وقت فَوات العقيقة: نصَّ المذهب المالكيُّ على أنَّ العقيقةَ تفوتُ (أي لا يمكنُ أداؤها بعد ذلك) بانتهاء اليوم السّابع، بينما ينصُّ المذهب الحنبليُّ أنَّ العقيقةَ إذا لم تُؤَدَّ في اليوم السّابع فإنّها تنتقِلُ إلى اليوم الرابعَ عشرَ، فإن فاتَ ذلك اليوم تنتقلُ إلى اليوم الحادي والعشرين، وأمّا المذهب فيقول أنّه ينبغي للأب أن يعقَّ عن ولدِهِ قبل البلوغِ، فإنْ بلغَ الولَدُ فيعقُّ هو عن نفسِهِ ولا يعقُّ غيرهُ عنهُ.
لحم العقيقة
- نوع الذّبيحة: ينبغي أن تكونَ ذبيحةُ العقيقةِ كما هو محدَّدٌ في ؛ وهي الأنعامُ من إبِلٍ وبقَرٍ وغَنَمٍ (الغنم: الضأنُ والماعز)، وتفصيلُها كالآتي:
- الضَّأنُ: يجبُ أن تكونَ جَذَعةً، وهي التي بلَغَتْ سَنةً عندَ الشافعيِّ عند المذهب المالكيِّ، وأتمَّت ستّةَ شهورٍ في المذهب الحنبليِّ والحنفيّ.
- المَعْزُ: يجبُ أن تكونَ ثَنِيَّةً، وهي التي بلغَتْ سنتَينْ في المذهب الشافعيِّ، وأما المذهب المالكيُّ فينصُّ أنَّها ما أتمَّتْ سَنةً ودخَلَتْ في الثّانيةِ دُخولاً بيِّناً، والمذهبُ الحنفيُّ والحنبليُّ يُعرِّفها بأنَّها التي أتمّت سَنَةً.
- البقر: يجبُ أن تكونَ ثنيَّةً، وهي التي بلغَتْ سنتينِ في المذهبِ الشافعيِّ والحنبليِّ والحنفيِّ، وأما المالكيّة فيقولون بأنَّها التي بلغت ثلاثَ سنين ودخلَتْ في الرّابعة..
- الإبِلُ: كذلك هي الثنيَّةُ، وهي التي دخَلَتْ في السّنة السّادسة عند المذهبين الشافعيِّ والمالكيِّ، وينصُّ المذهبانِ الحنفيّ والحنبليُّ على أنّها التي في سِنِّ الخامسة.
- يُشترَطُ سلامةُ العقيقةِ من العيوبِ الفاحشةِ التي يُشترَطُ سلامةُ منها، وهي العيوبُ التي تُنقِصُ الشَّحمَ أو اللَّحم، ومن هذه العيوب: أن تكونَ عمياءَ، أو عوراءَ بَيِّنٌ عَوَرُها، أو عرجاءَ بيِّنٌ عرَجُها، أو مريضةً بيِّنٌ مرَضُها، أو مقطوعةَ عُضْوٍ كأنفٍ أو لسانٍ أو أُذُنٍ أو ذَيْل، أو ما ذهب كثيرٌ من لسانِها، أو إحدى أُذُنَيْها، أو كثيرٌ من أَلْيَتِها، أو يَبِسَتْ ضُروعُها، ونحو ذلك.
- يستحَبُّ فصْلُ أعضائها، وعدمُ كسْرِ شيءٍ من عِظامِها، ولا يُكرَهُ ذلك لكنَّهُ خِلافُ الأَوْلى.
- يُستحَبُّ عَدَمُ التصدُّقِ بلحمِها نَيِّئاً، بل يَطبخُهُ كلُّهُ، وهو رأيُ جمهورِ من المذاهب الأربعة سوى الحنفيَّة؛ حيثُ يقولون بجوازِ تفريقهِ نيِّئاً ومطبوخاً.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 03/07/2019
مضاف من طرف : mawdoo3
صاحب المقال : احمد عايش
المصدر : www.mawdoo3.com