أليس غريبا أن أحنّ لنصر في عيد النصر؟
نعم أحنّ في عيد النصر لاستكمال الاستقلال
وأحنّ لنصر نهائي على الاستدمار وعلى الرجعية من أنصار الاستعمار
وعلى قوى التخلف والدمار
أحنّ لنصر على الظلم وعلى الجهل
أحنّ لنصر على البطالة وعلى الرداءة
أحنّ لنصر على الاحتكار وعلى الفساد
توقفنا عن تحقيق الانتصار لندخل زمن التراجع والخوف من الانهيار
توقفنا عن البناء وعن التقدم ودخلنا زمن النهب وزمن استئساد الدينار على الإنسان
توقفنا عن اعتبار العامل والفلاح حليف السلطة والدولة
توقفنا عن تفضيل الصناعة والفلاحة وعن اعتبار العمل والجهد سبيل النجاح
صار التاجر وصاحب المال حليفا بل جُعل النموذج والمثل
أذرف دمعة.. دمعتين على واقع نرى فيه الاستقلال يتآكل يوما بعد يوم
بل تنهمر دموعي غزيرة وأنا أجوب الشوارع لأشاهد هذا الحزن على محيا الناس
لأشاهد هذه الأعداد من الشباب البطال
لأشاهد بؤس المظاهر ومظاهر البؤس بؤس الشوارع وشوارع البؤس
الحرف اللاتيني في كل مكان يعتلي جل الواجهات واللوحات
أستمع للكثير من الجزائريين فأسمع ألسنة تلوك فرنسية ركيكة أحيانا كثيرة
عن أي نصر يمكن أن نحكي؟!!
يستأسد اليمين الفرنسي فيتهم الثوار بالجرائم ويذهب حد سنّ قانون لتمجيد الاستعمار
ويسكت صاحب حق سكوتا مريبا ومخيفا فأقف حائرا متضرعا للعلي الستار
خمسون سنة وأنا أحلم أن أبي هزم الاستعمار وأحلم أني سأكمل نصره ببناء دولة الاستقلال
ولكني أعترف أن هذا الانتصار مؤجل وأخاف أن يتأخر تجسيده سنوات عجاف طوال
وأخاف أنني في حاجة لـ''ثورة'' على نفسي على واقعي
نعم ينبغي أن نعترف أن النصر لا يتحقق يوميا
فالانتصار ينبغي أن يتحقق يوميا أو أنه منقوص
ينبغي أن يتحقق يوميا أو أنه يضيع
ينبغي أن يتحقق يوميا أو أنه مرهون
السلطة لا تريد للشعب أن ينتصر عليها
لا تريد له أن ينتصر على الظلم وعلى الفشل المتكرر وعلى الفاشلين المفسدين
السلطة لا تريد للشعب أن ينتظم من أجل تحقيق نصر دائم نصر أكيد نصر لا رجعة فيه
حاولنا النصر بالاشتراكية ثم بالليبرالية ولكن من دون مؤسسات ففشلنا في تحقيق الغايات
قد نكون أرقنا من دمائنا أكثـر مما وفرنا من عوامل النصر
وقد نكون تراجعنا عن استقلالنا أكثـر مما بنينا دولة الجزائريين الأحرار
قد نكون سكتنا طويلا عن السلطة فأفسدناها بسكوتنا وضيّعنا الدولة
قد نكون رهنا بسكوتنا ما تحقق من نصر أو من بعض الاستقلال
هل نملك اليوم أن نعلي صرخاتنا ـ مع كل من ما زال حالما بالنصر ـ لن نسكت على كل ما يقف في وجه النصر
لن نسكت بعد اليوم على من يقف في وجه استكمال الاستقلال
لن نسكت عن اضمحلال الدولة عن غياب المؤسسات وعن غياب الغايات وعن انحناء الهامات
لن نسكت عن هيمنة المال وعن انتشار الفساد
لن نسكت لأن النصر في حاجة لصرختنا في حاجة لتضحيتنا في حاجة لنضالنا
لن نسكت وحتى إن كان السكوت من ذهب ومن مليارات
لن نسكت لأن أمانة الشهداء تكاد تضيع لأن تضحيات ملايين الجزائريين تكاد تضيع
لأن وديان الدماء تكاد تباع في سوق الفساد
لأن حسابات الجهل والطمع السفيه تكاد تنتصر في الانقضاض على الدولة بعد الاستحواذ على السلطة وعلى الثـروة
عيد النصر يذكرنا أن الانتصار ممكن مهما كان صعبا
ويذكرنا أنه ما زال في حاجة للمشاعر وللإرادات ما زال في حاجة لنكران الذات
أليس غريبا أن نحنّ لنصر ونحن نحتفل بعيد النصر؟
نعم إنه غريب والأغرب منه أن نشعر أن النصر الغالي جدا يضيع منا
من ضيّع النصر ومن يأتي بالنصر ومن يجدّد عهد الشهداء في حماية نصرهم؟ لست أدري
إنها صرخة ضعف وصرخة استنصار
فهل أسمعت إن ناديت حيا أم لا حياة لمن أنادي؟!
mostafahemissi@hotmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : مصطفى هميسي
المصدر : www.elkhabar.com