الجزائر

كاريـــــــــــــــــــــــculture عارية



”تمثّلات الجسد في التراث الثقافي العربي”، عنوان مركّب، مربك، معقّد، جريء، شيزوفريني، مثير، مضحك، مهمّ، وقح، خجول.. وكل المتناقضات فيه، أرادت المشرفات على تنظيم الملتقى الثاني للكتابة النسائية وقضايا المرأة المنعقد أول أمس بالعاصمة، أن يكون محور نقاشاتهم في هذه الطبعة.. وبعيدا عن النظرة التفكيكية لهذا العنوان، ودون تورّط في أسئلة قدرة الصوت الإبداعي النسوي الجزائري  على الخوض في مثل هذه المواضيع، أردت في هذا الكاريـ، أن أتحدّث عن تمثّلات الجسد في الشارع الجزائري، بكل تناقضاته، هذا الشارع الذي - ورغم عينه المغمورة بالشهوة - ينظر بعين الاحترام والإعجاب والتقدير لأجساد بكامل عُريها منحوتة وموثوقة ومرسومة وواثبة على البنايات الكولونيالية، أو في الساحات العمومية في أغلب المدن الجزائرية..  على سبيل الذكر، ومع نهاية القرن التاسع عشر، كثرت تجمّعات المواطنين الجزائريين بقلب مدينة سطيف، وبالتحديد أمام مسجد العتيق، أين كان يقام السوق الأسبوعي، ما أزعج السلطات الاستعمارية آنذاك، فاهتدى مير المدينة حينها إلى فكرة، ظنّ أنها ستفرّق جمع ”العرب المحافظين”، من خلال الاستعانة بجسد امرأة عارية، أبدعته أنامل الفنان الفرنسي فرانسيس دوسان فيدال، في متحف الفنون الجميلة بباريس. بكامل شموخها العاري، وقفت المرأة الرخامية، في قلب المدينة المحافظة، على بعد أمتار من مسجد المسلمين..أسبوع مرّ ولم تتفرّق ”الحشمة السطايفية” من حول المرأة العارية.. شهر مرّ ولم تُرجم المرأة العارية.. عامّ مرّ ولم تجرح أعين السطايفية، لمنظر المرأة العارية، قرن من الزمن مرّ وظلت المرأة عارية تصّب الماء، مثلما ظلت الأعين السطايفية إلى يومنا هذا، عارية من شبهة الشهوة..مع مرور الوقت لبس الجسد المصقول العاري، قداسة حرمة أهل الدار، والتف بملاية رمزية، باركتها كل العمريات في مجتمع لاتزال أعينه ترتبك مع ظهور أول خصلة شعر هاربة من ستر خمار.”عين الفوارة”، لا أدري لماذا استحضرتها بكامل غنجها الطاهر، في الوقت الذي كنت سأتحدث فيه عن شبهة الجسد.. رشدي رضوان


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)