الجزائر

قليل من المطر.. كثير من العيوب؟!!



________
كميات الأمطار القليلة التي عرفتها عدة جهات من الوطن كشفت، وبشكل واضح، وباعتراف الجميع، ان مشاهد التقاعس واللامبالاة من طرف الجميع قد عمت مختلف مناحي الحياة ودواليب الإدارة وغير ذلك ممن كلفوا رسميا وشعبيا بإدارة الشأن العمومي، وفي مقدمته العناية بالمواطن والمحافظة على أمنه وحياته أيضا.
امطار سبتمبر، والتي تفاءل لها الناس والفلاحون واستبشروا بها خيرا، تحولت إلى نقمة فأهلكت الزرع والضرع وأغلقت المدن والشوارع وأحدثت كثيرا من الرعب والخوف في أوساط العوام، دون أن يكون لهؤلاء جميعا دخل مباشر فيما حصل وسيحصل مرة أخرى إن بقيت الجهات المعنية متقاعسة ومنتهجة لسياسة النعامة وهي تضرب النح وتخفي رأسها في الطين و تحت التراب.
الولاة والمنتخبون المحليون الذين التزموا في خطاباتهم العنترية بواجب المحافظة على أرواح الناس وصون ممتلكاتهم والوقوف إلى جانبهم في مثل هذه المحن ، نرى أغلبهم قد ضرب النح وسارع بالظهور أمام الشاشات ليعدد للمنكوبين أن الخطأ تتحمله بالدرجة الأولى مؤسسات الرصد الجوي التي لم تبلغ السادة الولاة والمنتخبين المحليين عن قرب موعد حلول العواصف وسقوط المطر.. وتلك نكتة بايخة أصبحت لا تضحك حتى الأطفال الرضع.
والحقيقة المرة هي لماذا لا يعترف هؤلاء وأولئك أن ما وقع ليس بالضرورة أن نصنفه دوما في خانة القضاء والقدر ونضرب النح عن مظاهر الغش في البناء والترافيك في شق المجاري المائية، والعبث في إسناد المشاريع العمومية بالتراضي والمعارف، وما تشهده هذه القضايا من قصص ومحاباة دون تقدير حجم العواقب والمهالك؟!!
ثم يتظاهر هؤلاء أمام عدسات الكاميرا بلبس (البوط) والسترات الصفراء (الواقية) في مشهد كوميدي أصبح لا ينطلي حتى على الأطفال الرضع.
الناس المحترمون في مجتمعات أخرى، واعترافا بذنب التقصير، يسارعون بالانسحاب والاعتذار ويقدمون استقالتهم اقرارا منهم بارتكاب جرم التقصير وقلة التقدير ، ومعتذرين عما حصل.
اما عندنا، وعند أقوام أخرى متشابهة، فإن المسؤول المباشر لا يتحمل عواقب ما حصل ، بل يحمل المسؤولية إلى من هو دونه ؛ ومن هو دونه يرمي بها إلى الطرف الأدنى حتى يصل جرم المسؤولية ليتحمله في الأخير المواطن المنكوب المسكين، وذلك لأنه ببساطة صفق على هذا الوالي أو على هذا المير ، وزوجته شطحت أو ضربت زغريدة حارة وقوية في خاطر الوزير أو الوالي وهما يدشنان على أنغام الزرنة والبارود مشروعا يقر الجميع انه سيتهاوى أمام اول قطرة مطر تجود بها سماء الخريف؟!!
المؤسف أن ما حدث في قسنطينة ومناطق أخرى في الشرق والغرب والجنوب يكشف بالدليل والبرهان أن من يطلق عليهم ولاة الأمور، أو المتخرجون من (صناديق الاقتراع) لم يكونوا مع الأسف الشديد أوفياء لقدسية المهمة التي شرفتهم بها قيادة البلاد أو تزكية جزء من الشعب ؛ والذي كان ينتظر أن يكون (سيدا) فوجد نفسه عند نزول اول قطرة ماء من السماء منكوبا متشردا ينتظر رحمة الآخرين أو وعود ذات الوجوه أمام عدسات الكاميرا دون خجل أو حياء!!
منذ مدة كتب الرواة والمبدعون عن حكاية (الطوفان) وكشفوا بلغة أدبية وشعرية راقية أن المدينة الفلانية في الشرق الجزائري أو في الغرب والوسط والجنوب معرضة إلى مثل هذه الكوارث الطبيعية. وحذر هؤلاء الكتاب من خطورة البناء على مقربة من سفوح الجبال وفي المنحدرات وأمام مجاري المياه.
ولكن صرختهم ذهبت أدراج الرياح عندما سكت الوزير والوالي والمير عن جرم من يتطاولون هذه الأيام في البناء على مقربة من الوديان وسفوح الجبال.. ثم يأتي من يحمل في الآخير الله سبحانه وتعالى مسؤولية ما أصابنا من قضاء وقدر. ويبرئ الفعلة الحقيقيين لحاجة في نفسه والتي أصبحت مع الأسف الشديد معلنة ومكشوفة للجميع؟!!
ولا حول ولا قوة الا بالله.
[email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)