قطف الخطى طاليس يقيس لنا طولهم؟

ذات 500 سنة قبل التاريخ، رشق الفيلسوف والعالم طاليس عصاه في الرمل ثم قام بحساب ظلها، نتج لديه أن طول الظل هو نصف طول العصا.. وبالطريقة نفسها قام بحساب ارتفاع الهرم الفرعوني.. علّها بديهية هندسية قديمة.. لكن الذي أثارني هو أن القاعدة الأزلية تقول إن الظل أهو نصف الحقيقة؟؟ طبعاً مع حساب السقوط الصحيح لأشعة الشمس.. لأن السقوط الجانبي قد يقدم لنا طولا فارغاً يتجاوز الطول الحقيقي بكثير. هو الظل بكامل فيزياء الحركة والضوء والكتلة يبقى ينحت من تأملنا نقشاً عميقاً ما ينفك يجرنا إلى غيبيات مبهمة.. ويملك من التفصيل ما يخرج عن الدلالة الفيزيائية."يوم لا ظل إلا ظله".. "إنك ترافقني كما ظلي".."ظلال الوطن".. "تحت ظل العمل المشترك".."في ظل الأخوة".. "هذا الكتاب من بين ظلاله الوافرة في دنيا الكتابة والإبداع"إنها ظلال متكررة، تخزّن في دلالاتها معاني مرادفة للظل، لكن ماذا لو طلبنا من طاليس أن يقيس لنا طول بعض مثقفينا بناء على قاعدته التي تقول.. الظل هو نصف الحقيقة.. والإبداع هو ظل الكاتب.. بمعنى أن ما يقدمه لنا الكاتب الحقيقي ما هو إلا نصف ما يملك من حقيقة وثقافة وعلم.. وأنك كلما اقتربت منه عرفت أنه يخبئ نصف ظله لإنسانيته ووجوده الرقيق وتصرفاته الصادقة.. وبمعنى شمولي أنه لا "يقربع".أكيد أن طاليس سيتعب لأن البهرجة عند هؤلاء تفوق قاماتهم وتوهمنا بالصفصافات الهاربة إلى السماء، وما الظل بالنسبة إليهم سوى ترجمة مكسورة لخبايا منتهية.. كيف يمكن لطاليس حساب طول هذا المثقف مثلاً: حائز على جائزتين (أولى عن دار الثقافة لولاية... والثانية لجمعية الكلـ.... + كتاب ضمن منشورات الجزائر عاصمة الثقافة العربية + مشاركة في أسبوع ثقافي بـ..... بعض الأشخاص يعكسون ظلال واهية؟ لا يترجمها حتى التحصيل المعرفي العصامي، وعليه كلما كان الظل شامخا – طبعا بمفهوم تطاولي - كلما كانت الحقيقة بعيدة. الظلال التي تنسجها الصداقات الزائلة كاذبة والظلال التي تنتجها عاهات مستديمة سوف تقعد الحساب الحقيقي للأمور.. الأكيد أن طاليس يردد الآن "تلف الحساب معاكم".هاجر قويدريhadlay@hotmail.com