الجزائر

قضايا السياسة في المسرح الجزائري المعاصر



كان من البديهي أن تكون رسالة المسرح الجزائري بعد الاستقلال امتدادا طبيعيا لمهمته التي قام بها قبل الثورة وأثناءها، ويبدو أن مرحلة الاستقلال هي مرحلة الجهاد الأكبر بالنسبة للمسرح، إذ أصبح منوطا بعدة قضايا، منها مسألة التأسيس ومحاربة الأميّة ومحاولة التحرر الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وكان لابد للمسرح أن يكتسب نفسا طويلا وجديدا لنشر الوعي السياسي في إطار ما اختارته الدولة منهاجا لسياستها وهو الدعوة للنظام الاشتراكي والدعاية له، وهذا ما دفع الدولة الجزائرية إلى تأسيسه كإجراء وطني ثوري يخدم الثقافة الوطنية والاختيار الاشتراكي، وقد جاء في اللائحة التي أصدرها المسرح عام 1963 أن المسرح في الجزائر التي تبنت الاشتراكية وجعلتها ملكا للشعب، أصبح معبرا عن الحقيقة الثورية التي تحارب الميوعة، وسيكون خادما للحقيقة في أصدق معانيها وسيحارب كل الظواهر السلبية التي تتنافى ومصلحة الشعب. عاشت الجزائر مدة طويلة تحت تأثير الاستعمار، وكان لابد أن تتحرر وتبدأ خطوتها بتحرير عقل الإنسان وتفكيره وتحرير وسائل العيش عن طريق التعلم والثقافة، وذلك ما لم يغفل عنه المسرح الجزائري في أحلك أيام الغبن والبؤس الذي عاشه الشعب بأكمله، ولم يكن الطريق سهلا آنذاك، كما أن السبيل بعد الاستقلال لم يكن هينا، لأن البناء الاشتراكي للدولة يتطلب متاعب وتضحيات وتقشفا في يومه قبل أن يصل إلى الراحة والتمتع والاستهلاك في غده، وأكثرية الناس غداة متاعب الكفاح من أجل الاستقلال يريدون أن يخلدوا إلى الراحة ويتذوقوا طعم ما حرموا منه أجيالا وراء أجيال، وإذا بالبناء الاشتراكي يطلب منهم المزيد من التضحيات واليقظة وهم في أشد الحاجة إلى الراحة، كما أن المنهج الاشتراكي يتطلب في بناء الدولة كفاءات وإطارات و مثقفين. مما لاشك فيه أن المسرح لقي مجالا واسعا وكان عليه أن يحقق قفزة نوعية في مجال الدعاية السياسية للنهج الاشتراكي، ومواكبة التحدي لفك اللبس ودحض الأفكار الرجعية.

تنزيل الملف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)