تأسس قصر المشرية الصغرى في القرن السادس عشر ميلادي و بالتحديد سنة 1564 م الموافق لـ 981 هـ على يد أبناء سيد ي علي الخليفة وهم سيد ي عبد الرحمن و سيد ي الحاج و سيدي أمحمد وهم أبناء سيدي علي خليفة بن علي بن يحي ويمتد نسبهم إلى الحسن السبطي بن علي كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد كان جدهم سيدي علي بن يحي يسكن مدينة فاس بالمغرب الأقصى ثم انتقل إلى منطقة غليزان بالمكان المسمى حاليا بلدية سيدي أمحمد بن عودة أين تزوج هناك وتوجد قبيلته حتى الآن وسيدي أمحمد بن عودة الولي الصالح الذي سميت عليه بلدية سيدي محمد بن عودة هو من أحفاد سيدي علي بن علي يحي حيث انتقل إلى جبل كسال وجبل استيتن أين ترك ابنه سيدي علي الخليفة الذي يوجد ضريحه الآن ببلدية استيتن .
حيث كان سيدي علي الخليفة يمكن باستيتن ثم انتقل إلى أين عمه سيدي الحاج بن عامر وثم جبل كسال حيث قام أحفاده ببناء القصر القديم بعد شراء المشرية سنة 1564 م بالقرب من العين الموجودة تحت القصر القديم أين قاموا بإنشاء مزارع وقاموا بتحسين الصور حول القصر خوفا من هجومات العصابات التي كانت تنشط في ذلك الوقت والتي كانت تذهب كل شيء تجده أمامها والتي كانت تسمى في ذلك الوقت بـ
( زقدو) وقد امتاز القصر بارتفاعه وإشرافه على مناطق شاسعة بحيث أن ويذكر أن القبيلة التي كانت تعمر بالقصر قبل إعادة بنائه وتوسيعه هي قبيلة أولاد عيسى أي قبل القرن الرابع عشر ميلادي حيث أن الأرض كانت لهم قبل شرائها من طرف سيدي الحاج بحوص وسيدي عطاء الله بلعابد بمقدار 110 بقرات لفائدة أولاد سيدي علي بن يحي ، فهذا حسب الوثيقة التاريخية التي كتبت بتاريخ 15/12/1804 .
مساحته :
تقدر مساحة قصر المشرية الصغرى بـ 1000 م² وهو مبني فوق مرتفع صخري كانت تنبت فوق هذا المرتفع أشجار العرعار و البلوط التي كانت منتشرة بكثرة عبارة عن غابات شاسعة ، أما شكل القصر فبني على شكل مستطيل له ثلاثة أبواب احدها مازال حتى اليوم .
الأبواب :
لقصر المشرية الصغرى ثلاثة أبواب .
الباب الأول نحو الشرق
الباب الثاني نحو الغرب باتجاه العين و المزارع .
الباب الثالث نحو الجنوب باتجاه المزارع و المقبرة .
منازله وخصائصها:
منازل القصر هي عبارة مساكن تتوفر على جميع المرافق الضرورية أولها الماء حيث أن كل مسكن يتوفر على بئر أما المساكن العلوية فيتم جلب المياه من العين أما بالنسبة للضوء فهناك نوافذ باتجاه دوران الشمس حيث تدخل الشمس في أوقات اليوم ، أما عن التدفئة فان المنازل تتوفر كلها على المدخنة التي يوضع فيها الحطب لأجل التدفئة أو طهي الطعام. أما عن البناء فان مساكن القصر مبنية بالحجارة ومسقفة بأشجار العرعار .
العوامل التي تحكمت في كيفية وأشكال البناء : إن العوامل التي تحكمت في البناء وأشكاله هي كالأتي:
وجود القصر فوق مرتفع صخري حيث توجد مادة البناء بكمية هائلة وهي الصخور مما دفع ببنائيه وسكانه باستعمال الحجارة المصفحة ، أما عن السقف فكما ذكرنا سابقا أن القصر كان بجانب غابة كبيرة لأشجار العرعار مما جعلهم يقطعون هذه الأشجار واستعمالها لتسقيف منازلهم وللتدفئة كذلك و مازالت هذه الأخشاب إلى يومنا هذا.
المواد المستعملة في البناء ولماذا؟:
استعمـــــال مادة الحجارة في البناء لتوفرها بكثرة في المنطقة إذ لا يعقـــل أن يتركوا الحجارة ويقومون ببناء القصر بالطوب الذي لا يقاوم الأمطار و الثلــوج التي كانت تتهاطل بكثرة على جبل كسال في ذلك الوقت فالحجارة هي التي تقاوم العوامل الطبيعية وتهطل في عمر المسكن، أما عن السقف فهو من خشب العرعار التي كانت تزخر المنطقة به خلال القرن الخامس عشر والسادس عشر حيث كانت المنطقة عبارة عن غابات كثيفة من أشجار العرعار والبلوط . و القصر في حد ذاته عندما شرع في البناء كان يتواجد بجانب غابة العرعار مما جعل سكان القصر يستعملون هذه المادة وكان الاستعمال المفرط لهذه الغابة إلى أن اختفت جميع هذه الغابات بالمنطقة .
وصف الأحياء :
يتوفر القصر على حيين اثنين :
1/ الحي الأول يسمى الحاف الفوقاني .
2/ الحي الثاني يسمى الحاف التحتاني .
وصف الأزقة :
تختلف أزقة القصر القديم عن بعضها البعض حيث توجد أزقة طويلة وأخرى قصيرة كما توجد أزقة عريضة تسمح حتى بمرور السيارات حاليا وأخرى ضيق تسمح بمرور شخصين على الأكثر أو الحيوانات المستعملة من جياد وبغال وحمير في ذلك الوقت.
وصف الساحات :
توجد بالقصر عدة ساحات لغرض إقامة الأعراس و الاجتماعات والتقاء كبار واعيان القصر وهذه المساحات هي:
*ساحة حجرة الماء: وهده الحجرة هي عبارة عن ساعة شمسية يتم تحديد أوقات السقي عندما يصل ظل الشمس عند هذه الصخرة وهي موجودة حتى اليوم، حيث كانت ملتقى لكبار القرية ينتظرون وصول الظل لكي يأخذ كل واحد حصة من ماء العين ليسقي مزرعته .
* ساحة حويطة غزالة : هي عبارة عن مساحة يجتمع فيها كبار القرية وغالبا ما تخصص للأعراس و الوعدة حيث كان الشيوخ يقومون برقصة الكرابيلة أثناء الاحتفالات الدينية .
* ساحة القهوة : هي ساحة تقع عند المدخل الجنوبي للقصر وتسمى ساحة القهوة لوجود مقهى في هذه الساحة حيث كانوا يلتقون هناك كذلك في هذه الساحة يوجد دكان موجود لليوم.
القباب:
توجد بضواحي القصر 07 قباب لأولياء الله الصالحين الذين تعاقبوا على المنطقة وهم: سيدي الحاج الحفيظ الذي توفي عام 1777م و كذلك سيدي البشير- سيدي احمد بن يوسف – سيدي محمد مولى الخلوة – سيدي إبراهيم بن سعيد.
وسيدي عبد الرزاق لخضر و أخيرا سيدي احمد بن احمد وكانت هذه القباب تحضى بتقدير كبير عند سكان القصر وحتى يومنا هذا مازالت هذه القباب تحضى باحترام وتقدير السكان حيث يوجد جد قبيلة أولاد مومن وكذلك جد قبيلة أولاد زياد ضمن هذه القباب.
المرافق الاقتصادية: يوجد بالقصر خمسة دكاكين تجارية مازالت قائمة حتى اليوم حيث كانت هذه الدكاكين تقدم خدمات مختلفة للسكان وكان دخل الفرد يأتي من بيع الحطب للمدينة وكذا بيع الخضر خصوصا اللفت الذي كان يزرع بكثرة بالمشرية حيث كانت القوافل حتى سنة 1955 تأتي من الرقاصة لتأخذ اللفت وتأتي بالسمن وكذلك كانت قافلة تذهب إلى الصحراء تأخذ السمن و الصوف و الشعير إلى الجنوب وبضبط تيميمون ويقومون بالمبادلة بالتمر وتعود القافلة إلى القصر وهذا لا يكون إلا في فصل الشتاء وتدوم الرحلة حوالي 40 يوم ذهاب وإياب .
النشاط الاقتصادي : كان النشاط الاقتصادي مزدهر جدا بالرغم بساطة هذا النشاط حيث كان الجميع يشارك والجميع ينتج دون ملل أو تعب وكان هذا النشاط يعتمد على مايلي:
-النشاط التجاري: كان سكان القصر يذهبون في الصباح إلى الغابة ويقومون بقطع الأشجار وتحويلها إلى المدينة في شكل مجموعات متقطعة حيث يبيعون الحطب لسكان المدينة لأجل التدفئة كما كان سكان القصر يذهبون في المدينة أو استعمالها، ومن النشاط التجاري المتنوع هو بيع الصوف و السمن إلى الجنوب عن طريق القوافل التي تذهب في الشتاء وتعود بالتمر و التوابل .
الصناعة التقليدية : كانت الصناعة التقليدية في قصر المشرية تعتمد على :
النسيج وصناعة الزرابي : كان سكان القصر يعتمدون على صناعة النسيج حيث تقوم النساء بنسيج الأغطية الصوفية والألبسة الصوفية إذ كان الصوف و الشعر هو المادة الأولية الوحيدة في ذلك الوقت.
صناعة الأواني الفخارية : و بيعها إلى المدينة حيث مازالت أماكن صناعة الفخار موجودة حتى الآن.
صناعة مادة القطران: كان سكان القصر يقومون بصناعة مادة القطران وبيعها في المدينة وهذه المادة تصنع من الأخشاب بعد حرقها وأماكن صنعها تسمى ( الخابية ) وهذه كذلك موجودة حتى الآن.
الصناعة الجلدية: كان سكان القصر يقومون بصناعات جلدية مختلفة منها صناعة الأحذية و أواني لنقل المياه إلى القصر فوق الدواب وكان الجلد يستعمل كذلك لصناعة الألبسة خصوصا في فصل الشتاء البارد حيث كانت الأحذية الجلدية لمقاومة البرد و الثلوج التي تتهاطل بكثافة كبيرة.
-الجانب الفلاحي للسكان: إن الفلاحة بالنسبة لسكان القصر القديم بالمشربة كانت لهم العمود الفقري حيث كان جميع السكان يقومون بحرث مناطق شاسعة على الحمير و البغال و الثيران مستعملين محراث خشبي مصنوع من خشب العرعار حيث كانت الأمطار تهطل بغزارة والثلوج لا تنقطع طول فصل الشتاء و الربيع أيضا حيث كانت مردودية هذه الأراضي عالية جدا حيث يحكى أن الإنسان كان لا يظهر في وسط المزروعة أثناء الحصاد حيث محصولهم جماعيا ويقومون بنقل المحصول إلى قصر أين يتم تخزينه في المخازن المخصصة لذلك وهذا ما جعل سكان القصر لا يعانون من أي مجاعة إذ أنهم الوحيدون في المنطقة لم تضربهم المجاعة لتوفرهم على مخازن كبرى من الحبوب إلى جانب ذلك كان سكان القصر يعملون على تخزين الخضر و التين اليابس و الزيتون و المشمش اليابس وحفضها حتى فصل الشتاء . ومن أهم الخضر التي كانت تزخر بها مزارعهم هي اللفت إذ إنهم كانوا مختصين في هذا النوع إذ يعتبر لفت المشرية أحسن الأنواع وكان يتسوق إلى المدينة وحتى قبائل الرقاصة كانوا يأتون بالقوافل لأخذ اللفت إذ انه كان يقاوم البرد وكان الإنتاج متوفر ومتنوع إذ يحكى أن لفتة واحدة وضعت فوق بغل وأعطيت له كعلف يوم ، إلى جانب الفت كان يزرع البصل و الفول و الثوم و خضر متنوعة . أما المزارع فكانت تسقى من عين واحدة مازالت حتى اليوم قائمة ومياهها مقسمة منذ ستة قرون إلى يومنا هذا دون أن يعاد تقسيم المياه حيث إن الطريقة القديمة هي المعمول بها حاليا، ومكتوبة في وثيقة موجودة حتى الآن.
المرافق الاجتماعية :
وجود عيادة طبية : منذ القرن الثامن عشر تقدم إسعافات أولية و تقديم خدمات للمرضى حيث مازالت هذه العيادة إلى يومنا هذا مهددة بالانهيار، كما كانت تستعمل أثناء الاستعمار الفرنسي في استقبال الضباط الفرنسيين لوجودها في ساحة حويطة غزالة هذه الساحة كانت تستعمل من طرف الاحتلال الفرنسي لتجميع السكان وإحصائهم و اعتقالهم كل ما دعت ضرورة المستعمر أثناء سنوات الثورة
وجود مخازن الحبوب : توجد على مشارف القصر القديم مخازن للحبوب كبيرة تحت الأرض تعود للقرن الثامن عشر مازالت في حالة جيدة كانت تستعمل لتخزين الحبوب وعند الحاجة كانت تغطي جميع سكان القصور القريبة من المشرية الصغرى وعدد هذه المخازن ثلاثة منجزة بتقنية عالية وتصميم محكم حيث مازالت صالحة لاستعمال نظرا للعمل المتقن في انجازها ولعبت هذه المخازن دور كبير في التقليل من خطر المجاعة بالمنطقة بنسبة كبيرة لأنها كما يقال كان المحصول الذي يخزن داخلها يأتي في القوافل من ولاية تيارت .
المرافق الدينية:
المسجد : يوجد بقصر المشرية مسجدين
مسجد القوارير : يقع هذا المسجد في قلب القصر حيث يعد أقدم بناء في القصر و هو عبارة عن قاعة للصلاة يتوسطها محراب مبني من الحجارة ومشكل بديكور متواضع كبقية المساجد وتتسع قاعة الصلاة ل 30 مصلي فقط ويوجد فناء المسجد بداخله بئر لاستخراج المياه لأجل الوضوء مازالت موجودة حتى اليوم كذلك وجود حوض بجانب البـئـر لوضع المياه فيه مبني بالحجارة المصفحة .
المسجد العتيق: يقع هذا المسجد في غرب القصر بني بعدما أصبح مسجد القوارير لا يتسع لجموع المصلين وقد بني هذا المسجد في القرن الثامن عشر وهذا المسجد هو الذي تقام فيه الصلوات اليوم وصلاة الجمعة، بعد إعادة تجديده مرات عديدة قبل وبعد الاستقلال
المصلى: يوجد هذا المكان في مرتفعات القصر ومخصص لأداء صلاة العيدين وكذلك صلاة الاستسقاء
تاريخ الإضافة : 16/10/2024
مضاف من طرف : patrimoinealgerie
المصدر : cartes.patrimoineculturelalgerien.org