رواية بشير مفتي «لعبة السعادة» الصادرة سنة 2016، عبارة عن مسار لشاب أتى من قرية إلى العاصمة وقد قام خاله، الرجل النافذ في السلطة، برعايته و أدخله إلى الجامعة و بطرق ملتوية، و كان يحضره لمستقبل زاهر و قد زوجه من ابنته التي ارتكبت الخطيئة مع شخص آخر و قبل بالأمر مكرها و ذلك نزولا عند رغبة خاله الذي يسعى لحفظ شرف عائلته و انتهى الأمر بالشاب القروي إلى الموت و لم يتحقق ما كان يريد من حب و ربما جاه وسلطة، أي السعادة.و الملاحظات التي يمكن تقديمها في هذا الحيز الضيق و في هذه الوقت القصير ة هي كالتالي، أولا سبق لي و أن قمت بمطالعة معظم نصوص بشير مفتي، مما يسمح القول أن هذا الروائي له قدرة عجيبة على اختلاق أجواء روائية جديدة مع كل نص و أن يأتي بموضوعات لم يسبق أن تم تناولها -على الأقل بالشكل الذي أتى به بشير، و الحقيقة أن الموضوعات شائعة بين الناس.كما تهيأ لي و أنا أطالع النص أن بشير مفتي يتحدث معي و أنا أتحدث معه من خلال النص، كون النص شدني منذ البداية و أنا الذي تعودت على مطالعة نصوصه، وجاءت مطالعة هذا النص سهلة و ممتعة وهي من النوع السهل الممتنع. و الكاتب يحضر القارئ للاحق في كل فقرة و في كل لحظة، لكنه يرواغه في النهاية ليتركه حائرا. ما هو مصير شخصيات الرواية، هل تم قتل الشاب القروي أم أرتكب جريمة في حق عشيقته/زوجته الأولى التي اكتشفت «خيانته» لها مع زوجته إبنة خاله؟ و من هنا رمزية الرواية التي على الرغم من بساطتها و عدم تعقيد معمارية نصها فهي عميقة وغامضة غموض موضوع السعادة.- و على الرغم من الأجواء و الموضوعات الجديدة التي يؤسس لها الروائي، فإن هناك أشياء أو موضوعات تتكرر عبر مختلف نصوصه وهي على سبيل المثال لا الحصر : 1- الحب المستحيل أو الصعب أو الخطير الذي تكون نهايته -غالبا- مأساوية -2- تعرية وجوه العنف والاستبداد من خلال شخصيات نافذة و بالتالي نقد الوضع السياسي للبلاد و نقد الطرح الرسمي للسياسة الجزائرية3- اختيار شخصيات مركزية من الطبقة الوسطى من المتعلمين و المثقفين من أساتذة وصحافيين وغيرهم - 4 توظيفه للضمير المتكلم كثيرا في نصوصه، وهذه ميزة وفرصة للبوح. هذه ملاحظات تجعلني أقول أن روايات بشير مفتي هي «كتابة للذات» تحتاج مقاربة نفسية موضوعاتية و أيديولوجية ضمن تحليل عميق للخطاب و للبنية. كون الأشياء التي تكرر هي «أساطير و هواجس» يعايشها الكاتب و الأسطورة هي ما تعرض له الكاتب من صدمات نفسية و اجتماعية في طفولته وفي سنوات عمره اللاحقة، و تبقى تشتغل في عمقه و في مخياله النفسي وتبرز في نصوصه المختلفة كلها و تكرر-ربما- دون وعي منه، وعلى الناقد الكشف عنها لكن ضمن رؤية شاملة ودون تعسف،كون هذا النوع من الدراسات قليلة في حق لنا النقدي، إن لم تكن غائبة تماما..
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/09/2017
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : محمد داود
المصدر : www.eldjoumhouria.dz