تعرض "قاعة الموڤار" في العاصمة إلى غاية ال 28 أكتوبر الجاري، فيلم "الأندلسي" لمحمد شويخ، وذلك بمعدل ثلاث حصص في اليوم عدا الأحد، حيث يعود المخرج بعد سنوات من الغياب إلى السينما بمقاربة تاريخية عن تاريخ الأندلس والجزائر، ويبتعد صاحب "عرش الصحراء" عن الأفلام الاجتماعية التي قدمها بجرأة وشاعرية صادمة، كما في "القلعة و"دوار النساء" ليقتحم أغوار التاريخ في فيلمه الجديد "الأندلسي" بحثا عن مفاتيح لفهم الحاضر. ويرصد هذا العمل، تداعيات سقوط غرناطة على الجزائر، حيث لجأ المسلمون الفارون من بطش الإسبان في الأندلس، ولاحقهم الإسبان إلى وهران، أول إمارة تسقط وتلحق بالعرش الإسباني، ليتوالى سقوط الممالك أمام هجمات الإسبان في مستغانم وتلمسان وبني صاف وتنس والجزائر العاصمة. ودفعت هذه الحرب غير المتكافئة كما يرويها الفيلم بعض الأمراء إلى الاستنجاد بالأتراك، لتصبح الجزائر ساحة صراع لقوى خارجية، واقتتال بين الأمراء على السلطة. ويبدأ الفيلم بسقوط غرناطة وتسليم ملك غرناطة أبو عبد الله الصغير مفاتيح المملكة للملك الإسباني فرناندو والملكة إيزابيل الكاثوليكيين، وقد أعلنا نهاية حكم العرب في الأندلس، ورفعا الصليب الفضي على قصر الحمراء. وعكس سقوط آخر ممالك الأندلس هزيمة أرّخت لمرحلة "انحطاط العالم الإسلامي ودخوله في صراعات دامية على النفوذ والسلطة، وأفول نجم حضارة علمية قائمة على التسامح كانت بالأندلس". سليم الأندلسي ابن قاضي غرناطة أمه كاثوليكية يفر بعائلته مع صديقه اليهودي إسحاق الخياط نحو الجزائر، فيلتقي أمير مدينة مستغانم الذي يعينه السكرتير الخاص لبناته الثلاث، ثم مستشارا له قبل أن يتزوج ابنته الأميرة منصورة. وفي سرد تاريخي لأحداث واضطرابات شهدها المغرب العربي كان سليم في بؤرتها بحكم علاقاته مع أمراء المنطقة، ولإجادته اللغة الإسبانية لعب دور الوسيط في مفاوضاتهم مع الإسبان عند سقوط ممالكهم. ويبين شويخ الخيانات والمؤامرات بين الأمراء وتوزع ولائهم بين الإسبان أو الأتراك، وحجم معاناة شعوب المنطقة من الحرب، حين قال أحد الجنود "الشعب يتحمل عبء قتال الأمراء لأجل مصالحهم".ويقدم الفيلم أيضا، وفق عرض ل"الجزيرة نت"، مقاربة عن التسامح الديني، فالموكب الهارب من الأندلس تضمن شخصيات مسيحية كوالدة سالم بن أبي حمزة، ويهودية كخياط الملكة إسحق وزوجته سارة وابنتهما ماري. وتكون مستغانم وحاكمها ملتقى كل هؤلاء الذين يجدون كل ترحاب. ويؤكد شويخ أن فيلمه وهو إنتاج مشترك جزائري تونسي إسباني لا يعد مجرد عمل سينمائي تاريخي يعنى بسرد الأحداث بل أراده نشيدا في التسامح بين الأديان وعملا إنسانيا يثمن قيم التآخي والعيش المشترك. ويضيف صاحب "الانقطاع" أن كل أفلامه منذ 1968 تحدثت عن ثورة الجزائر وقضايا اجتماعية، وفيلم الأندلسي يعد أول فيلم تاريخي في السينما الجزائرية يتناول تاريخ الجزائر البعيد، وهو يقدم "قراءة لتاريخ علاقة الجزائر بالأندلس، واستلهمت فكرته من الشاعر الجزائري لخضر بن خلوف في القرن ال16، تحدث فيها عن تلك المرحلة التاريخية". وكتب السيناريو المخرج محمد شويخ بالفرنسية، وترجمه إلى العربية الفصحى وتخلله مشاهد بالإسبانية. وقالت منتجة الفيلم أمينة شويخ "زوجة المخرج" إن الفيلم ترجم للفرنسية والإنجليزية للمشاركة في مهرجانات دولية.
تاريخ الإضافة : 18/10/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : كنزة س
المصدر : www.elbilad.net