جزائريات تعتز بمكاسبها لإثباث مكانتها
أحيت المرأة الجزائرية يومها العالمي الموافق ل8 مارس بخصوصية متفردة هذه السنة، في ظل تغير جذري في النظام السياسي الجديد الذي اقر حقوقها كشريك سياسي واقتصادي واجتماعي رائد في شتى المجالات، وبين معوقات وتحديات محورية اجتماعية تحاول أن تقزم مكانتها ومكتسباتها. رغم الانجازات الجبارة والمكانة المرموقة التي احرزتها المرأة الجزائرية بفضل كفاءتها واجتهادها في شتى المجالات، لازلت بحسب المحللة الاجتماعية، زهرة فاسي، تعاني من ضغوطات المجتمع وتبحث عن منافذ بين القانون المنصف والواقع الجائر، فلازالت بعض النسوة يقهرن في منازلهن وفي الشارع بسبب العقليات والقناعات الرجعية المستوردة بين مفهوم التربية بأسلوب التعنيف وتطبيق كل التناقضات المجتمعية. وقالت زهرة فاسي، إن المجتمع الذي لا تساهم فيه المرأة في عجلة التنمية الوطنية، مجتمع مبتور ولا يمكن له ان يرقى للفعالية الضرورية لبنائه على أسس متينة، وشددت على أن المرأة الجزائرية تؤمه للبطولات بتاريخها الثوري وبصمتها التحريرية الكفاحية الى نضالها المجتمعي السياسي الجمعوي الى اليوم.
القانون الجزائري يسعى للقضاء على أشكال العنف والتميز العنصري ضد المرأة
وأكدت المحامية المعتمدة بمجلس قضاء ولاية سطيف، نسرين ساعي، أن المشرع الجزائري اقر عدة قوانين تضمن للمرأة حقوقها، وتمنع عنها شتى مظاهر العنف الجسدي واللفظي، على غرار التشريعين 15-12 المتعلقين بحماية الطفل، و15-19 المعدل والمتمم لقانون العقوبات، ومن هنا تجلت عدة قوانين، منها المادة 266 مكرر من قانون العقوبات التي تكفل حماية المرأة، خاصة الزوجة، من الاعتداءات العمدية التي تفضي الى ضرر جسدي. وأشارت المحامية الى إرتفاع درجة الوعي لدي المرأة الجزائرية، التي اصبحت تبحث وتسأل عن حقوقها وتطرح الاشكالات وتريد فهم القوانين.
لابد من تحدي الواقع والإجتهاد في العمل لنصبح عنصراً مكملاً للرجل في شتى المجالات
وبالحديث عن الانجازات الريادية التي حققتها المراة الجزائرية، رغم المعوقات والتحديات، شددت مديرة المشروع الوطني المتعلق ببروتوكول ناغويا للحصول على الموارد الجينية وتقاسم المنافع المكرسة في اتفاقية التنوع البيولوجي العالمية، آسيا عزي، على ضرورة الاخلاص والاجتهاد في العمل لأنه السبيل الوحيد الذي يمكن المرأة الجزائرية عامة والرائدة في مجال الهندسة الفلاحية وإدارة الغابات، خاصة من تبوء مكانة مكملة لمكانة الرجل في مجال كان منذ مدة ليست بالبعيدة حكرا عليه نظرا للذهنيات السابقة التي كانت تحد من فاعلية المرأة في هذا المجال.
المرأة الجزائرية ضمنت لنفسها موقعاً متقدماً في مجال المقاولاتية
وكشفت المقاولة صاحبة المؤسسة الناشئة Bit bait algerie، زينو رفعات، على المكانة التي احرزتها المرأة الجزائرية في مجال المقاولتية، خاصة في ظل المناخ الاقتصادي الحالي المشجع، لكل ما من شأنه ان يدعم عجلة التنمية الوطنية. وقالت زينو رفعات، صاحبة براءة الاختراع في مجال المبيدات صديقة البيئة والانسان، الاولى والوحيدة من نوعها في العالم، إن مشاركتها في المعرض الدولي بجنيف احرزت مكانة رفيعة شرفت الجزائر، وذلك بشهادة خبراء دوليين ثمنوا انتاجها ودعوها الى تسويقه للعالم. كما دعت كل النساء الجزائريات اللواتي يحملن افكارا ابتكارية من شأنها ان تدعم الاقتصاد الوطني، خصوصا في ظل السياسة الجديدة الداعمة للمؤسسات الناشئة و الطاقات الشبابية، من اجل خلق الثروة للنهوض بالاقتصاد الوطني، الى تجسيدها على ارض الواقع. وقد استطاعت المرأة الجزائرية، بحكم خصوصيتها، من تحطيم الصورة النمطية للمرأة المغلوب عن أمرها، فرفعت التحدي ليس فقط في بناء أسرة متماسكة، بل بالعمل عندما اقتحمت كل المجالات التي لم يكن لأحد أن يتصور بأنها ستنجح فيها يوما من الأيام، لتحجز لنفسها بذلك مكانة في عالم الابداع والمهن الصعبة. وتعد كل من نسرين بوخالفة والنقيب جميلة عبودي، من بين النساء اللواتي صنعن لانفسهن مكانة بفضل عزيمتهن والارادة القوية التي تتميز بها كل منهما.
نسرين بوخالفة.. النّجارة التي عقدت العزم على عيش هوايتها بكل شغف
تعد نسرين بوخالفة، الشابة البالغة من العمر 33 سنة، الوحيدة التي تمارس مهنة النجارة بولاية تيزي وزو، والتي عقدت العزم على عيش هوايتها المفضلة في مهنة الحطب وفرض نفسها، في مجال لطالما كان حكرا على الرجال. نسرين، ابنة بلدة اسياخن أومدور بتيزي وزو، فتاة ولدت وترعرعت وسط عائلة نجارين، فأخوالها قد مارسوا هذه الحرفة أيضا.، كما أن رائحة الخشب المقطوع وصوت المناشير والمصنوعات الخشبية كانت الميزة التي طبعت مجرى طفولتها. وأوضحت نسرين، أنها بدأت منذ سن الرابعة عشر في نحت الخشب لصنع قطع حيوانات وآلات قيتارة، ثم تحولت بعدها إلى تصليح الأثاث العائلي وصناعته، مما سمح لها بالتحكم في أدوات النجارة واتقانها (مناشير، والأزاميل والمقصات والمطرقات). وفي إطار عزمها على العمل في نجارة الخشب وجعلها مهنتها اليومية، خاضت نسرين تجربة أولى بالعمل مع أحد الخواص الذي يملك مؤسسة للبناء والأشغال العمومية، وهو الذي اكتشف موهبتها في هذا الفن. وتذكر الشابة النجارة هذا الأمر بابتسامة تطبع سمات وجهها، قائلة: يعود الفضل في اكتشاف مواهبي من قبل هذا المتعامل الخاص إلى إبريق شاي كنت قد نحتته وفق نموذج من الجنوب الجزائري، ليقترح علي فيما بعد العمل لصالح مؤسسته في الوق الذي لم أكن أملك فيه أي شهادة في النجارة . كما تتذكر الشابة بفخر أول شيء صنعته في ورشات هذا المستثمر، قائلة: لقد كان أول شيء صنعته في الأشغال الخشبية هو كرسي للضيوف . وعملت الحرفية أيضا لدى متعامل خاص في مدينة تيزي وزو، قبل أن تقرر، بتشجيع من عائلتها، مواصلة تكوين خاص لأجل الحصول على شهادة تفتح لها أوسع الأفاق في ممارسة هوايتها. واستطردت تقول: في 2003، خضت تكوينا لمدة 18 شهرا في النحت على الخشب في مركز التكوين المهني والتمهين للفنون التقليدية بوخالفة، حيث كنت الفتاة الوحيدة في قسم من 48 رجلا ، مضيفة إن كونها الفتاة الوحيدة في القسم لم يشكل أي عائق لأن المتربصين الآخرين ومُكوّنهم كانوا يعاملونها بدون تمييز. وما إن تحصلت نسرين على شهادتها، حتى قررت العمل لحسابها الخاص. وهكذا استفادت سنة 2014 من قرض عن طريق الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب (أونساج)، وفتحت ورشة نجارة في عقر دشرتها إسياخن . لقت نسرين قبولا بكل سهولة بفضل جدّيتها واحترام مواعيد تسليم أغراض الناس وكذا نوعية إنجازاتها. ولاحظت المرأة النجارة التي تتنقل إلى البيوت في إطار عملها، أن النساء هن من قبلنها في الأول، لأنّه وببساطة بإمكانهن إبداء رأيهن بشأن تثبيت المواد المنجزة على غرار الأبواب والخزانات أو حتى تصليح الأثاث، عكس ما يحدث لما يتنقل زملائي الرجال، فلهن أفكار جميلة ولكم تسعدن لتقاسمها ورؤيتها تتجسد على الواقع. وتخبرنا نسرين المتفاخرة بعملها أنّ خشب الزّان هو المادة المفضلة لديها، ومع أنه يصعب العمل عليه، إلا أنه يبقى بمثابة مادة نبيلة يسرني استعمالها في كل مرة بحكم اتساقها وقوتها، وتمكّن من التفاني في استخدامها. ولكن مع بروز نجارة الألمنيوم في السنوات الأخيرة، تضاءل الطلب لدى نسرين مقارنة ببداياتها، إلى جانب عدم استقرار سوق الخشب (نظرا لتقلبات الأسعار ونفاد التموين)، ولكن لحسن الحظ لايزال هواة الخشب يطالبون به. وتستمتع المرأة النجارة بين الطراز القبائلي الذي يتوافد عليه، لاسيما القادمون من الخارج والنماذج العصرية المطلوبة بكثرة، بالتفاني في إنجازاتها، باعتبار النجارة فن، لذا كان لزاما علينا أن نكون فنانين، حتى أني أرغب دوما في ترك بصمتي الخاصة وإن كان ذلك على طاولة بسيطة. يروق لي الاستمرار في عيش هوايتي للخشب وتحسين أدائي أكثر، إذ أعشق الخشب والنجارة وهذا كل ما في الأمر.
النقيب جميلة عبودي.. امرأة المهمات الصعبة
تلقب النقيب جميلة عبودي، من مديرية الحماية المدنية لولاية تلمسان، بإمرأة المهمات الصعبة ، نظرا لتفانيها في أداء مهامها وتعدد الخدمات الإنسانية التي تقوم بها لصالح المجتمع. وكانت لعبودي، البالغة من العمر 43 سنة، والحائزة على شهادة مهندس دولة في تخصص هيدروجيولوجيا، رغبة كبيرة في الالتحاق بالحماية المدنية ولقت فكرتها ترحيبا وسط أسرتها، خاصة والدها، الذي كان سندا لها ومحفزا لها دوما لولوج هذا الجهاز وتقديم خدمات إنسانية للمجتمع. وقد تفوقت في إمتحان المسابقة وإلتحقت بالمدرسة الوطنية للحماية المدنية بمدينة برج البحري بالجزائر العاصمة، أين تلقت تكوينا نظريا وتطبيقيا على مدار سنة كاملة حول مختلف تدخلات وحدات الحماية المدنية المتعلقة بالإسعاف والحرائق، وغيرها من المهام الأخرى وتصدرت قائمة دفعتها سنة 2007 وتقلدت رتبة ملازم أول. وأبرزت جميلة عبودي، بأنها لم تجد أي عراقيل لدى ولوجها لمديرية الحماية المدنية بتلمسان، حيث تداولت على عدة مكاتب هناك أهمها مكتب التكوين ثم الإحصائيات والإعلام ثم مكتب الإسعاف الطبي وترقية الإسعاف الذي شغلت به لمدة 5 سنوات ونصف، حيث كانت تقوم بزيارات للبدو الرحل وسكان المناطق النائية لتقديم الإسعافات ثم عادت إلى مكتب الإحصائيات والإعلام خلال السنوات الأخيرة. وأضافت أنها كانت تحس بنبل المهمة عندما كانت تشتغل بمكتب الإسعاف الطبي، كونها كانت تحتك بمختلف شرائح المجتمع خاصة الأطفال والمسنين وتدرك وتعيش معاناتهم وتخفف عنهم بتقديم المساعدة. وأشارت الى أن عملها لا يقتصر على مكتب الإحصائيات والإعلام فحسب، بل تساهم في تقديم يد المساعدة لزملائها الأعوان في الميدان، خاصة خلال تدخلاتهم لإسعاف المواطنين في حوادث المرور أو إخماد الحرائق. وذكرت النقيب عبودي، التي تعد أم لطفلين، بأنها تؤدي واجباتها داخل البيت بشكل عادي وتقدم كل الرعاية لأسرتها بدعم كبير من زوجها وتفهمه لوضعها، خاصة خلال مهماتها التي تجبرها على التنقل إلى ولايات أخرى. وترغب صاحبة هذه الشخصية المميزة التي لا تفارقها الابتسامة في تطوير قدراتها في مجال الإعلام وتوسيع نشاط الإعلام بالمديرية الولائية للحماية المدنية لتلمسان، مثلما تمت الإشارة إليه. كما عبر زملاء عبودي بمقر المديرية الولائية للحماية المدنية عن وفاء هذه المرأة لمهامها النبيلة وحضورها الدائم ومتابعتها لكل تدخلات أعوان الحماية المدنية في مختلف التخصصات وتوجيهاتها وتخطيطها الدقيق لإيجاد حلول لكل الصعوبات التي قد يواجهها الأعوان في الميدان.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/03/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : بشرى ر
المصدر : www.alseyassi.com