الجزائر

في ظل حرمان الولاية من المشاريع الترفيهية يوميات سكان بشار تتحول إلى روتين قاتل



في ظل حرمان الولاية من المشاريع الترفيهية                    يوميات سكان بشار تتحول إلى روتين قاتل
من التساؤلات التي يكررها سكان ولاية بشار بإلحاح دون أن تجد لها تفسيرا، هو لماذا الولاية تعد الوحيدة التي ينعدم فيها مركز ترفيه عائلي؟، ولماذا رفض مقترح فكرة مشروع استثماري في هذا الإطار في عهدة الوزير حميد طمار، بحجة أنه لا يشكل في نظره أولوية لدى سكان بشار ؟، والأكثـر من هذا؛ لماذا أصاب المسؤولين سواء المحليين أو المنتخبين الشلل في توفير زلاجة أطفال على مستوى القرى والبلديات، فضلا عن التجمعات السكانية؟.  إذا كان منطلق هذه التساؤلات مبررات كثيرة، أنه لا يعقل أن ينعدم مركز ترفيه في ولاية تعد مساحتها ضعف مساحة المملكة الأردنية، سيما وأن غياب هذا المرفق تعدى ليحرم سكان بشار من متعة الترفيه إلى حرمانهم من فلذات أكبادهم وتحويل أعراسهم إلى مآتم، بعد أن تحولت السدود المكان المفضل لهذه العائلات لقضاء أوقات الفراغ وعطلة نهاية الأسبوع، إلى درجة لا يمر فيها أسبوع حتى تسجل حالات غرق، خاصة خلال فترة الصيف، التي يكثـر لجوء السكان إليها في هذه الفترة، خصوصا مع كثـرة الأفراح التي يقضي فيها العرسان ما يصطلح عليه في الولاية بـ المقيل ، وهي أول خرجة للعريس رفقة زملائه بعد يومين من ليلة دخلته، يتقاسمون معه فيها فرحته بدخوله القفص الذهبي.البرك المائية.. ترفيه قاتل!كما يشهد موسم الصيف، سنويا، حالات غرق كثيرة في عدد من البرك المائية، يكون ضحاياها من الأطفال وبعض الشباب الذين يؤدون الخدمة الوطنية في هذه المناطق، وقد ساعد على هذه السلوكات انعدام مرافق السباحة في بعض عدد المناطق، رغم أنه في هذا الإطار يثمن الكثير انتباه مديرية الشباب والرياضية لهذا النقص، وتسجيلها لمشاريع تخص مسابح ومركبات نصف أولمبية، إلا أن الكثير منها لم يتسلم لحد الساعة، فيما لايزال البعض منها موصدا في وجه الشباب المحتاج لها.ويعتبر من أثاروا هذا الموضوع لـ الخبر ، أن هذا الواقع الذي بات يفرض على الجهات الرسمية التدخل لوضع حد تجاه تكرار حوادث الغرق من جهة، ومن جهة أخرى الاهتمام بهذه السدود وترقية محيطاتها إلى مراكز ترفيه عائلية، عبر استغلال قسم منه كمسبح أو مجمع عائلي، لتمكين العائلات من قضاء أوقات الفراغ القاتلة خصوصا في هذا الفصل، الذي باتت فيه الحرارة المرتفعة التي تعرفها المنطقة، تفرض على سكانها تحويل تلك العزلة المطبقة على السدود طول السنة، إلى حركة كثيفة بها، فتبدو مشاهد الشمسيات وكذا صنارات صيد الأسماك يجعل حقا الناظر لها يشعر بأنه متواجد على شاطئ البحر.لكن عند معرفة ما يدفع هواة الصيد إلى القدوم مساء كل يوم أو في نهاية الأسبوع، هو ما يثير الاستغراب، لأنه ببساطة التنافس حول من يصطاد عدد كبير من الأسماك الكبيرة الحجم من نوع الشبوط، والتي تحولت إلى الطبق المفضل لقطاع كبير من العائلات البشارية.وحسب تصريحات من استجوبتهم الخبر سابقا، فإن إجاباتهم اتفقت على أن مجيئهم اليومي أو الأسبوعي آنذاك هو لنصطاد هذا السمك الكبير. وعند سؤاله عن السبب، يقولون بأنهم يقومون بذلك بدافع الهواية والتخفيف من وقع الحرارة الشديدة وأعباء العمل اليومية، بعد أن صارت السدود المتنفس الوحيد للترفيه عن العائلات البشارية من ضغوط وأعباء الحياة اليومية.وشهدت مثلا السنة ما قبل الماضية، إقبالا منقطع النظير على السدود في ظل غياب مرافق الترفيه العائلي المنعدمة الوجود أصلا بولاية بشار، كما أن قطاع كبير من العائلات البشارية عزفت آنذاك عن التوجه إلى ولايات الشمال للاستجمام، لسبب وحيد هو أن كل العائلات تفضل تفويت شهر رمضان الكريم في جو عائلي، يشترط فيه عدم غياب أي فرد.وفي ظل هذه الظروف الصعبة، إلا أن مشهد الطبيعة فرض منطقه على السكان للحضور وللاستمتاع بقضاء أوقات مريحة، سيما خرجة اليوم الثالث بعد الزفاف وهي العادة التي لاتزال قائمة إلى غاية يومنا هذا بمنطقة بشار، حيث يقضي العريس رفقة زملائه نهارا كاملا، وتلذ أنفسهم بأشهى الأطايب ومختلف أنواع الطعام، وهي العادة التي يصطلح عليها محليا بـ المقيل .وعند الحديث عن صيد سمك الشبوط الكبير الحجم، نجد أنه تحول إلى هواية لدى البعض، ناهيك عن تحوله إلى حرفة أو وسيلة لكسب الرزق، فيما أصاب هوس صيده، الأطفال الصغار الذين باتوا يخاطرون بأنفسهم، في سبيل الظفر بسمكة واحدة، إذ صار المشهد الذي يثير فضول قاصدي السدود هو الاستمتاع يتسابق الصيادين على من يصطاد عددا أكبر من الأسماك، لهذا يستخدم بعضهم أكثر من صنارة ويصرفون وقتا طويلا، علهم يكونون أكثر حظا وغنيمة من غيرهم في الصيد، ليعودوا بعدها إلى بيوتهم محملين بكميات كبيرة من الأسماك يتقاسمونها في ما بينهم، ويوزعون بعضها الآخر على الأهل والأصدقاء، أو يبيعونها.وبالتالي تحولت السدود لدى سكان بشار على مختلف أعمارهم مقصدا للترويح عن النفس وممارسة هواية صيد السمك، فيما أصبح صيد السمك عند آخرين حرفة يحصلون منها على مداخيل من خلال بيع ما يصطادونه أو استهلاكه ذاتيا.الوالي يرمي الكرة في يد منتخبي البرلمانالغريب في الأمر، أن والي الولاية رمى الكرة بـ ذكاء في يد منتخبي البرلمان بغرفتيه، حينما بات يستغل أي مناسبة يردد فيها أن وجه مراسلة رسمية للوزير طمار بخصوص المشروع الاستثماري لمركز الترفيه العائلي، إلا أن رفض الوزارة جاء في عبارة من ست كلمات أن المشروع لا يشكل أولوية لسكان بشار ، ما يعني ببساطة أن منتخبي البرلمان علموا بهذا الرد الجميل إلا أنهم التزموا حياله الصمت وكأنه لا حدث ، ما يعني ببساطة حرمان أكثر من 200 ألف نسمة من مركز ترفيه عائلي، باستثناء ذلك التابع للجيش الوطني الشعبي، الذي سمحت قيادة الناحية فيه للعائلات البشارية طيلة أيام الأسبوع، مادام لا ملجأ لها سوى سوقي البراريك وتندوف الشعبيين بوسط مدينة بشار.أما تلك التي تتواجد بمناطق نائية على غرار دوائر العبادلة وبني ونيف وبني عباس، وغيرها من قرى وبلديات قرى الساورة، فالروتين القاتل رفيههم اليومي، وهنا يفتح الكثير بابا للتساؤل عن دور منتخبيهم في البرلمان، الذي يبدو أن البعض منهم مصاب باضطراب في تحديد الأولويات، وبات مشغولا بمواضيع هامشية لا تلقى أدنى اهتمام من أبسط مواطني المدينة.وفي ظل هذه الوضعية، فإن العديد من العائلات وجدت نفسها ملزمة بالخروج ليلا إلى الشوارع والساحات العمومية، إذ أنه بمجرد أن يرخي الليل سدوله تسارع هذه العائلات كتلك المتواجدة بحي 400 مسكن والايسكادروا إلى حجز مكانها بمساحة صغيرة موجودة على مستوى طريق دائري وفي الهواء الطلق، متجاهلة الخطر المحدق بها نتيجة السرعة المفرطة التي يسير بها أغلب السائقين زادها أصحاب الدراجات النارية، رغم أن البعض عبر لنا عن تذمره من هذه الوضعية التي أصبحوا عليها جراء انعدام برامج ترفيهية الأمر الذي أجبرهم على البحث عن مكان مريح لكنهم اصطدموا بهذه الأخطار التي أصبحت تؤرقهم خاصة وأن المكان يقصده من هبّ ودبّ، مما عكر صفو راحتهم، ومتعة الجلسة العائلية.حرمان الطفولة من مرافق الترفيه يقابله تزايد رهيب لجنوح الأحداثفي سياق الحديث عن الطفولة، يمكن الجزم إلى أبعد مدى في أنها تعاني من الغياب التام لأدنى فضاءات من شأنها احتضان هذه الشريحة وفي مقدمتها مرافق التسلية، لأن ما يلفت انتباه الزائر لأغلب أحياء الولاية، أنه تنعدم بها أبسط أماكن ومساحات للعب الأطفال، لتبقى الأرصفة والطرق، هي ملاذهم.ولعل هذا الواقع جعل الأجهزة الأمنية وبعض الفعاليات الاجتماعية تستند إلى انعكاساته على واقع الطفولة بالولاية، حيث تسجل مصالح الشرطة العديد من هذه قضايا جنوح الأحداث ومن بينها تعاطي الخمور، ما دفعها للقيام ببعض الحملات التوعية والتحسيسية والتي ترفق أحيانا بدوريات مكثفة، إلا أن هذه القناعة التي باتت راسخة سواء لدى الجهات الأمنية صاحبة المبادرة ومختصين اجتماعيين ونفسانيين أن هذه الحملات سواء التوعوية أو الأمنية لن تؤتي ثمارها إذا لم تقترن بمشاركة فعالة من أسر هؤلاء بدرجة أولى وبالموازاة توفير مرافق ترفيه تحول دون سلوك الأطفال طريق الانحراف، والسبب دائما هو غياب عوامل التسلية واللهو والنشاط الثقافي والرياضي، ورخص أسعارها وجعلها في متناول هذه الفئة العمرية.انعدام المبادرة على المستوى المحلي ووعود في مهب الريحيستشف من تصريحات مسؤولي ولاية بشار على اختلاف مستوياتهم حول هذا الموضوع، أن دورها لن يتجاوز عتبة تقديم تسهيلات الاستثمار في هذا المشروع الهام وتوفير مناخ مساعد لإنشاء مركز ترفيه على الأقل بعاصمة الولاية، وهي التصريحات التي جاءت عقب رفض الوزير السابق حميد طمار فكرة مشروع استثماري التي ذكرت السلطات الولائية أنها تقدمت به، ما يعني أن المسعى الحالي سينصب نحو البحث أو انتظار مستثمر سيكون بمثابة منقذ لمئات الآلاف من العائلات التي حرمت بقرار رسمي من متعة الترفيه.لكن التساؤل الذي يردده الكثير من المواطنين، ما الذي يمنع السلطات المحلية من اقتطاع أغلفة مالية لتخصيص أماكن خاصة للعب أطفال حتى لا يقال بمبالغة مراكز ترفيه ؟، والواقع يعكس بكل أسف ما تحياه هذه الشريحة من تهميش، بلغت درجة حرمان قرى وبلديات بأكملها من توفير زلاجة واحدة لأطفالها.وهنا تجد السلطات الولائية في صمت المنتخبين عن المطالبة بهذا الأمر وتغاضيهم عن إثارتها، مبررا في أن استجابتها تكون وفق ما يقدمه المنتخبون من طلبات التي لا تخرج عن دائرة ما يوصف بـ المجالات الحيوية ذات الأهمية القصوى والممثلة في التهيئة العمرانية، السكن، الري، الكهرباء، الصحة.وهو ما يعني ببساطة أن وعود كثير من المنتخبين في تخصيص أماكن للعب الأطفال، ذهبت أدراج الرياح سيما وأنه لا تفصلنا عن نهاية هذه العدة أقل من سنة ونصف، وبلغت مستويات الوعود التي تلقاها السكان آنذاك درجة تصوروا فيها أن تجمعاتهم ستتحول إلى مدن ألعاب، ليتبين بمرور ثلاث سنوات أنها سراب أحلام.يضاف إلى كل هذا غياب الاهتمام السياحي بمثل هذه المناطق، ونظيراتها من الأماكن، والتي لم تجد نداءات السكان للسلطات المحلية بتحويل هذه المناطق إلى مرافق سياحية وترفيهية آذانا صاغية، حيث يجمع بعض المختصين في الحقل السياحي وبالخصوص السياحة الصحراوية، أن المقومات السياحية التي تزخر بها المواقع المحيطة بهذين السدين الذي تفوق طاقتهما الاستعابية 400 مليون متر مكعب من المياه وتحيط بهما آلاف الهكتارات من المساحات الخصبة التي تحتوي على أشجار كثيفة، يمكن تحويلها إلى أقطاب سياحية من شأنها أن تفتح أبواب الاستثمار في السياحة الصحراوية في هذه المناطق.      نسخة للطباعة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)