الجزائر

فيلم "تمبوكتو" صرخة ضد "مصادرة" الإسلام في شمالي مالي



فيلم
التشدّد الديني أو فرض الوصاية على معتقدات الناس، من المواضيع الحارقة التي تشكّل نقاط توقّف في حياة سكان شمالي مالي، حيث تتمركز جماعات مسلّحة تضرب حصارا حول الأفكار والمعتقدات، وهي أيضا موضوع اختار المخرج الموريتاني عبد الرحمان سيساكو تناوله في فيلمه "تمبكتو"، الذي حظي بشرف افتتاح الدورة 25 لمهرجان قرطاج السنمائي، في تونس من 29 نوفمبر إلى 6 ديسمبر.الفيلم أعلن عن توجهاته منذ لقطاته الأولى: مجموعة من الجهاديين يدخلون مسجد مدينة "تمبكتو" ليجدوا أنفسهم وجها لوجه مع إمام يحمل خطابه كنوزا من الحكمة والسلام والطمأنينة، في تقابل تام مع ما يدعون إليه بعد أن منع هؤلاء الأهالي من الاستماع إلى الموسيقى ولعب كرة القدم وحتى من الضحك، قبل أن يتوجّه الإمام إلى الجمع المدجّج بالسلاح بالقول: "أنا أيضا أقوم بالجهاد، لكنه جهاد معنوي. جهادكم يسيء إلى الإسلام وإلى المسلمين. الإسلام هو الصفح والحلم والرأفة".اعتمد المخرج على هذا الإمام المتشبّع بروح الدين السميح كي يجعل منه "لازمة"، تتكرر في لقطات كثيرة من الشريط للتذكير بما يجب التذكير به.. مثل الزواج الإجباري ليس من الإسلام في شيء، ما لا يجد أمامه هؤلاء المتطرفون أية حجة وسرعان ما يولون الأدبار مجردين من جميع "أسلحتهم".وقال المخرج أنّ شريطه "ينبع من واقع معاش، من تجربتي الشخصية وتجارب آلاف الآخرين الذين نشأوا في سياق إسلامي متسامح ومنفتح"، مضيفا "أردت أن أندّد بالاحتكار الذي يمارسه هؤلاء على الدين والتذكير بأن الإسلام يبث خطاب سلام، وأنّ روح الدين تتجسد في التعايش مع الآخرين".وفي اختياره لشخصيات الفيلم، تعمّد "سيساكو" إقامة توازن بين الفكر المتطرف ووجوه تتسم بالصلابة المعنوية وقادرة على إقامة جدار منيع ضد التطرف. ومن بين هذه الشخصيات، امرأة تبيع السمك أراد البعض إجبارها على لبس القفازات فكان أن رفضت الأمر وتوجهت إليهم في تحدي قائلة : "اقطعوا يدي إن شئتم، افعلوا ما تشاؤون ولكني لن أستسلم لإرادتكم" في لقطة تختزل الفيلم برمته.ومن مشاهد "مقاومة" الأهالي للزحف المتطرف مشهد جلد امرأة ذات صوت ملائكي لإجبارها على الامتناع عن الغناء، فما كان منها إلا أن حوّلت الصرخات التي كانت تطلقها تحت وطأة السياط إلى أنشودة عذبة تخترق القلوب والنفوس.وكشفت كاميرا المخرج أيضا أوجه التناقض العميق الذي يعيشه المتشددون، ولا أبلغ من ذلك موقف "عبد الكريم" أحد الجهاديين الذي شغف قلبه ب "ساتيما" إحدى النساء المتزوجات وطفق في أحد مشاهد الفلم يمعن النظر إليها وهي تغسل شعرها، ثم كان ان يأمرها بالاحتشام وبتغطيته. ويختم المخرج الموريتاني بنفس تفاؤلي يختزل آمال شعوب برمتها: "نأمل في أن تقوم الدول الإفريقية بثوراتها، من الطبيعي أن نشكك في إمكانية حصول ذلك، ولكن الأمل مازال قائما، نحن نرنو إلى الحرية، وصفاء الإيمان يغنيك عن العيش مدججا بالسلاح. العقيدة شأن بين العبد وخالقه".




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)