أول من استعمل منهجية السلم الزمني في دراسة أحداث التاريخ، هو الباحث الألماني كارل بْلُوتْس (1819-1881)عندما نشر سنة 1863 كتابه الشهير "آوُسْتسوغ آوُس دير ألْتَن، مِتْلَرَن، نُوْيَن أُنْد نُويْسْتَن غَشِشْتَه" الذي ترجم إلى الانجليزية سنة 1883 تحت عنوان: ملخص التاريخ القديم والحديث وتاريخ العصور الوسطى، وبعد ذلك نقح الكتاب ونشر عدة مرات أعيد طبعه مرة ثانية بالانجليزية سنة 1915تحت عنوان: "كتيب التاريخ الكوني".
وعلى اثر اعتماد هذه المنهجية العلمية الفريدة والناجحة من طرف الأكاديميين في تفكيك مجريات التاريخ وفهمه حيث تعتمد على وقائع الزمن من حيث تسلسل الأحداث والتدقيق في مجرياتها، تبناها الكثير من معاهد التاريخ والأكاديميين، ومن أبرزهم العالم الفيزيائي الألماني فيرنر شتاين (1913-1993) الذي نشر عام 1946 كتاب كُلْتُوَرْفارْبْلاناي أي (جدول الثقافة الزمني)، وظف فيه الخطوط الزمنية التي واكبت تطور النشاط الإنساني على مدار السنين في مجالات الأدب والثقافة والتكنولوجيا والعلوم الأخرى ..
ومع التطور التكنولوجي تم إدماج تدوين التاريخ طبقا لمنهجية الألماني كارل بلوتس في برمجيات الإعلام الآلي من خلال إعداد برامج لوغاريتمي يساعد على فهم التاريخ بإدماج الخرائط والصور والوثائق.
وبتشعب مسار السلم الزمني للأحداث وتفتحها على مختلف المحطات في أزمنة وأمكنة متفرقة ومتعددة صعب على المؤرخين الانتباه لتناقضاتها أو لتضاربها إلا بشق الأنفس وكل ذلك بفضل البرماجاتية، التي تكشف الأحداث المتكررة في الزمان والمكان .. كما يمكن عرض تلك الأحداث بشكل تفاعلي يمكن الطلبة والمهتمين من فهم أفضل للتاريخ من جهة، وحتى الباحثين والمؤرخين من التعمق في بعض الأحداث التي قد تبدو متناقضة أو ناقصة.
وقد استعانت مجلة التايمز يوم 5 ديسمبر 2003 في سرد تاريخ نيلسون مانديلا بطريقة تفاعلية مستخدمة أداة التسلسل الزمني، الشيء نفسه مع موقع CNN استخدم بتاريخ 4 جوان 2006 أداة التسلسل الزمني في تحقيقه الصحفي الخاص بكوريا الشمالية، ومن جهته عرض موقع Mashable يوم 4 مارس 2014 تحقيقا صحفيا مستخدماً أداة التسلسل الزمن في تحطم الطائرة الماليزية.
لقد صارت منهجية العالم الألماني كارل متداولة لدى المؤرخين والمهتمين بالتاريخ عبر العالم وحتى في الجزائر أيضا، نظرا لأهميته في فهم ما عاشته من أحداث ووقائع وهو ما لمسناه في السنوات الأخيرة من اهتمام كبير لدى المثقفين الذين يعملون بمقولة المفكر مصطفى محمود “أن من يقرأ التاريخ لا يدخل اليأس إلى قلبه أبداً”، ما أحوجنا لمثل هذه المقولة التفاؤلية في مثل هذا الوقت العصيب التي تمر به البلاد لرفع التحدي.
لا عذر للمثقفين الجزائريين مهما كان اختصاصهم حتى ولو كان علميا بعدم اطلاعهم ومعرفتهم لتاريخ بلدهم، ولا عذر لهم أيضا في عدم إيصاله لأجيال هذا التاريخ الذي يمتد على نحو 500 ألف سنة، ويكفينا فخرا أننا طردنا الغزاة من بلادنا 19 مرة دون ملل ولا كلل.
في تقديرنا يحتاج تاريخنا المزيد من التعريف به بكل اللغات وهذه نقطة ضعفه، فهو غير مكتوب لا بالانجليزية ولا بالألمانية ولا بالاسبانية إلا ما كتبه الفرنسيون بطريقتهم، كما يحتاج تاريخنا للإثراء، وحتى تنقيح بعض الأحداث التي دست لنا مازلنا نعتقد أنها من البطولات!؟ أو رفع اللبس عنها بإماطة اللثام عن بعض الشهادات الجديدة أومن خلال كشف بعض الوثائق التي ما تزال حبيسة الأدراج..
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/04/2018
مضاف من طرف : himo2h