الجزائر - 01- Généralités

فصل عن ديانة الكاهنة و قومها قبل الإسلام



فصل عن ديانة الكاهنة و قومها قبل الإسلام
قبل انتشار الأديان السماوية التوحيدية – أو اعتناقها الواسع على الأقل – كانت شريعة الموتى أو le culte des morts هي العقيدة السائدة بين معظم الأمم الإنسانية في ما اتفق على تسميته بالعالم المعروف آنذاك . بما في ذلك الفراعنة و اليونان و الرومان و السومريين و العرب و غيرهم.......و تقوم هذه الشريعة على تبجيل الموتى من البشر المميزين في حياتهم او الابطال و المحاربين و إقامة التماثيل لهم بعد الموت للتبرك بها بالإضافة لإعمال السحر و الكهانة التي لم تكن هذه الشعوب تراها من المنكرات بل من ضمن الخوارق التي تميز صاحبها و ترفع من شانه بينهم .
....و قد أخطا المؤرخون كثيرا عندما اعتقدوا أن هذه الوثنية عبثية عشوائية و أهالوا عليها غبار التجاهل و النسيان . لأنها و رغم انفلاتها عن معاييرنا الحالية ..الأخلاقية منها و العقلية إلا أنها ليست أبدا عشوائية بل تخضع لقواعد و ظوابط غاية في الصرامة و الدقة .
إذ أن الأمم القديمة كانت شديدة التدين و لو على ظلالها .و هو أمر طبيعي لان مثل هذا الإيمان المتطرف عادة ما يصاحب الجهل ...فالدين ليس فقط طريقة للارتباط الطبيعي المتناغم مع الحياة و لكنه أيضا نوع من التواصل الزمني مع الأجداد من خلال تخليد ذكراهم و تكريم شعائرهم ..و إعادة بعثها .
و من الغريب كيف أن الكثير من الباحثين الحاليين يجزمون بيهودية البربر أو مسيحيتهم قبل الإسلام . بل إن البعض منهم يذهب بعيدا عندما يجزم باريوسيتهم ..- باعتبار اريوس رحمه الله كان بربريا من ليبيا حسب بعض الروايات .
ذلك لان الديانة الأولى للبربر لم تختفي في يوم من الأيام .... و لا نزال نرى الكثير من طقوسها بيننا دون إدراكنا لأصولها الوثنية ربما بسبب إسقاط الصفة الدينية عنها او تلاشيها في الديانة الإسلامية تحت مسميات و مبررات كثيرة عدة .
فما هي شريعة الموتى ....................و أين هي تجلياتها في حياتنا اليومية ..................
و في الحقيقة إن كل الشواهد التاريخية اليوم تشي لنا أن الإسلام لم يعرف انتشاره الواسع بين بربر الجزائر مع الفتوحات الإسلامية مباشرة بل من المرجح أن الأمر تم في فترات متأخرة جدا ربما تعود للنزوح الأندلسي إلى ارض المغرب و انحسار الحكم بها لصالح دولة المرابطين الذين كانوا رغم زهدهم الظاهر و دعوتهم الإسلامية إلا أنهم كانوا في الحقيقة اقرب إلى الهرطقة منهم إلى الإسلام الصحيح مما عجل بأفول هذه الدولة التي لن تدم أكثر من 80 سنة و أعطى حجة بالغة لقيام دولة الموحدين .
و قد كنا تحدثنا في احد مقالاتنا السابقة عن الأصول الأندلسية لفرق المرابطين الأوائل – المرابط في الإسلام هو المجاهد و لا نقصد بهم سلالة المرابطين - .
و ثم توقفنا عند ظاهرة تحول قبورهم إلى مزارات و تكايا و قلنا أن تحولهم إلى ما يشبه أنصاف الآلهة يذكرنا بالميثولوجيا اليونانية و الرومانية .
ذلك أن هذه الظاهرة ما هي في الحقيقة إلا استنساخ أخر لشريعة الموتى السائدة منذ قرون بالمغرب . فالبربر الذين شهدوا كيف تحولت طقوس ديانتهم إلى المسيحية .لم يترددوا في التعامل مع الدين الجديد بنفس الطريقة .
فكما تحول أبطال المسيحية الأولى إلى قديسين بعد الموت تقام لهم المزارات و النذور – لاحظ حضور المذبح و الكاهن في الكنسية رغم انه لا ذبح و لا كهانة فيها- .كذلك حولوا الأبطال المسلمين الأندلسيين و أعلامهم و محاربيهم إلى أولياء صالحين بالغي القداسة ....تماما كما فعل أجدادهم مع الإبطال الرومان و اليونان و محاربيهم القادمين عبر البحر ......و التاريخ يكرر نفسه .......فانتشرت بذلك صوفية المغرب بطقوسها الوثنية – إلا من رحم ربي - .
بل إن المضحك كيف انه تم احترام حتى التخصصات في تبجيل هؤلاء المرابطين .....فنجد سيدي فلان المختص بأمراض الولادة و العقم ....وسيدي فلان المختص في جلب الحظ و الزواج .. و أخر لتيسير الرزق ..بالإضافة إلى تخصصات أخرى مما يذكرنا بلا شك بتخصصات الآلهة اليونانية و الرومانية ...........آلهة الحرب ...آلهة الحب و الإخصاب ...آلهة الموسيقى و غيرها ..............
و في الصور المرفقة بإمكانكم مشاهدة الأصول الوثنية لبعض الطقوس الصوفية التي نذكر منها .....
- تقديم النذور للآلهة أو للأولياء بذبح الخراف و الديكة و غيرها تبركا بها لطرد الشرور و جلب المسرات .
- إهداء الطعام للآلهة .....................و هو ما يعادله في أيامنا ترك الخبز فوق القبور و هي من العادات القديمة التي بدأت في الاندثار و قد لاحظها هايدو خلاله سنوات أسره بالجزائر العاصمة في القرون الوسطى .
- الاحتفالات الموسيقية و الرقص الذي يصاحب إحياء ذكرى الآلهة أو المرابط ..
- تزيين قرون الكباش و الثيران بأكاليل الزهور قبل التضحية بها ....
- رفع الأعلام و السناجق عند مراسيم الاحتفال ....
- المساهمة الرسمية في الاحتفال و المتمثلة في الجنود المدججين بالسلاح و هي ما يعادل فرق الخيالة عند الصوفية .
- ارتباط المعابد الوثنية تماما مثل الأضرحة الصوفية في كثير من الأحيان بأشجار مباركة تستعمل للتبرك و ربط العقد و غيرها .
- اشتراك الكاهنات في الاحتفال ....و هو الدور الذي تقوم به في أيامنا ما يطلق عليها اسم – الوكيلة – في الأضرحة الصوفية و هي المرأة التي تقوم على شؤون الضريح و طقوسه ....و عادة ما يصاحبها أيضا الوكيل .
- إهداء الثياب لتماثيل الآلهة اليونانية و الرومانية تماما كما يفعل في أيامنا مريدي الأضرحة عند إهداء الإزار لضريح المرابط أو الولي .
- تفضيل التضحية بالعجول بدل الخراف في منطقة القبائل – فالعجول كانت خلال الفترة اليونانية من أفضل الاضحيات على الإطلاق .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)