يبدو أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، لم يفهم الرسالة الموجهة إلى بلاده من وراء التفجير، الذي مس أمس، السفارة الفرنسية في طرابلس، تماما مثلما لم يفهم أوباما رسالة تفجيرات سبتمبر في بن غازي والتي راح ضحيتها السفير الأمريكي بليبيا، وإلا لما علق على الاعتداء بالقول إن التفجير الذي استهدف السفارة الفرنسية إنما يستهدف كل الدول التي تخوض حملة لمكافحة الإرهاب!
فكم يلزم من عمليات إرهابية، لتفهم فرنسا أو أمريكا أو غيرهما من دول الناتو، أن الذي صنعوه في ليبيا لا هو ربيع ولا هي ديمقراطية، بل هي فوضى عارمة، ألهبت وستلهب أكثر منطقة الساحل كلها.
ما يجري في طرابلس من تفجيرات ومن عمليات إرهابية، لا تختلف في جوهرها عما تقوم به المجموعات الإرهابية في مالي، تحت جميع المسميات، الفرق الوحيد بينهما، أن فرنسا تقف في مالي في مواجهة أنصار الدين والمجموعات الأخرى، بينما وقفت وتقف في ليبيا في نفس الخندق مع الجماعات الإرهابية التي حاولت أن تلبسها ثوب الثوار، وسلحتها وهبت لنصرتها من أجل الإطاحة بنظام القذافي، رافضة تسمية عبد الحكيم بلحاج بالإرهابي، مع أنه يتبنى كل تاريخه الدموي من أفغانستان حتى ليبيا.
إنه الحل الإسلامي سيد هولاند، الذي اختاره سلفك ساركوزي، وعرابه برنار هنري ليفي، وتبنته هيلاري كحل لشعوب المنطقة! إنه الإسلام المعتدل الذي قتل سفير أمريكا في غزوة بن غازي، مثلما قتل حليفكم عبد الفتاح يونس. أم أن العمليات الإرهابية لا تكون إرهابية إلا إذا استهدفت رجالكم ومصالحكم، وتكون ثورة مباركة عندما تضرب من يقف ضد مشروعكم ومصالحكم؟! وما أكثرها في هذه البلاد التي صارت ثرواتها نقمة على شعوبها، فجلبت لها الويلات تحت جميع المسميات.
سيبرر من دون شك الفيلسوف ليفي التفجير، الذي استهدف سفارتكم، بأن وراءه بقايا نظام القذافي، فهو لن يعترف بأنه من توقيع جماعات سلحتها فرنسا ومولتها قطر، وقاد هو الدعاية ووضع لها الخرائط الحربية والخطط، وسهر على تنفيذها بدقة.
إنه المشروع الإسلامي، الذي أردتم أن تجربوه على أبنائنا وعلى مصير بلداننا، مثلما جربت النازية كل التجارب العلمية والحربية على الأقليات اليهودية في ألمانيا، فهي نفس نظرتكم الدونية للشعوب الأخرى التي ترفضون لها أن ترقى إلى حريتكم، وتتطلع إلى الرقي الذي تنعمون به.
بيان الرئاسة الفرنسية، كان أمس، خاليا من أي اعتراف بالأخطاء الفادحة التي وقعت فيها بلادكم، بالتورط في قلب الأنظمة العربية، ويفتح منطقة الساحل على كل المخاطر بخوضها حربا في شمال مالي بحجة مكافحة الإرهاب، مثلما كانت تصريحات هيلاري كلينتون مجانبة للصواب، عندما قالت منفعلة إنهم جاءوا لتحرير الشعب الليبي وتقديم الدعم له، ونسيتم ومثلما نسيت أن الشعب الليبي يدرك جيدا المؤامرة، ويفهم بدقة اللعبة المحاكة ضده، وكتاب شلقم المعنون ب”نهاية القذافي” يلخص جيدا الموقف الليبي الواعي من ديمقراطية الناتو والجزيرة وشيوخ قطر!!
لن تكون هذه آخر عملية تستهدف مصالح غربية في ليبيا، فأمريكا لم تحرر العراق وما زال العراقيون يضمرون لأمريكا العداء والكراهية!!
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/04/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com