الجزائر

فرعون تومي لم يجد موسى



لوزيرة تومي احتفلت بفرعون ونسيت موسى.. احتفلت بالكاتب الذي راح ضحية عملية إرهابية نفذتها المنظمة السرية في حقه أياما قبل إعلان وقف إطلاق النار، مع أن الرجل لم تكن مواقفه واضحة من الثورة، بل كان اندماجيا يحلم بوطن يسع الجميع؛ فرنسيين وجزائريين.

صحيح أنه لا يوجد كاتب صور يوميات الإنسان القبائلي ومعاناته بالصورة التي برع فيها كاتب ”ابن الفقير” و”الدروب الوعرة”، لكن هذا لم يصنع منه المناضل الفكري والسياسي الذي مهدت كتاباته للاستقلال والحرية، نعم كان يريد رفع الظلم عن الجزائريين وينادي بالمساواة في الحقوق بين السكان من فرنسيين وجزائريين وهذا لم يجعل منه رمزا نضاليا يستحق الاحتفال بخمسينية اغتياله.

أم أن السيدة الوزيرة التي عملت طوال سنوات وزارتها للثقافة على إحياء الكتاب والأدباء الأمازيغ ممن طمسهم النسيان دون غيرهم، تسهر هي الأخرى على تطبيق الأجندة الفرنسية خلال الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين للاستقلال، فالتقطت بسرعة الإشارة، وراحت تهلل لهذا المشروع الاندماجي الجديد، فجاء الملتقى الذي احتضنته المكتبة الوطنية، نهاية الأسبوع الماضي، حول مولود فرعون مندرجا في هذا الإطار، كتابة التاريخ المشترك للبلدين، مع أننا لا نملك تاريخا مشتركا ولا صلة لنا بهم إلا المظالم التي ألحقوها بشعبينا، والاحتفال بفرعون، هو احتفال بالفكر الاندماجي، وبفلسفة الوطن الواحد الذي يسع الجميع.

وإلا فما علاقة جان بيار شوفنمان بالأمير عبد القادر، مع احترامي لشخصية شوفنمان كمفكر ومثقف مثلما لا علاقة لبيجار بالعربي بن مهيدي.

ثم ما دخل وزارة الثقافة بأحداث التاريخ، أليس هذا فضاء وزارة المجاهدين، التي يبدو أنها تغط في نوم عميق، وتركت لــ ”الحميراء” اللعب في برنامجها المخلد لهذه الذكرى.

مافتئت الوزيرة تبحث عن فرصة للتقارب مع الضفة الأخرى، وها هي الفرصة أتتها حتى بابها.

لا أدري من الاندماجي الآخر الذي ستبعث خليدة رفاته من تحت التراب، لكن الأكيد أنها لن تحتفل بمحاولة اغتيال الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر، الذي كان أكثر جزائرية من خليدة وفرعونها ضد فرنسا وأعمالها الإجرامية في الجزائر


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)