الجزائر

فرز "لفوضى" الساحة السياسية وتكريس لحق الأغلبية



فرز
اختلفت مواقف نواب المجلس الشعبي الوطني، حول مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بالإنتخابات والهيئة العليا المستقلة لمراقبتها. بين مؤيد ومبارك من جهة ورافض ومندّد من جهة أخرى. وشكّلت المواد 73،94 و86 فضلا عن حذف المادة 80 من القانون الحالي للانتخابات، محور الخلاف الذي أبانته جلسة مناقشة المشروعين أمس، ففي الوقت الذي رأى نواب حزبي الأفلان والأرندي في القانونين عودة إلى تصويب الأوضاع ومطابقتها مع حقيقة المشهد السياسي من خلال تنظيم الساحة السياسية وتعزيز الممارسة الديمقراطية في البلاد، عبّر نواب أحزاب المعارضة عن رفضهم للمشروعين. وندّدوا ببعض الأحكام التي جاءت حسبهم لغلق اللعبة السياسية وحصرها في الأحزاب المحسوبة على الموالاة. فيما قاطع حزب جبهة القوى الإشتراكية جلسة مناقشة المشروعين.النقاش حول مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بالانتخابات والهيئة العليا المستقلة لمراقبتها والذي تم تمديد فترته إلى سهرة أمس، بالنظر إلى الكم الكبير من النواب المتدخلين، تمحور بالأساس حول المواد المذكورة سالفا والتي تتحدث عن النسبة الإقصائية سواء عند تقديم الترشيحات أو عند توزيع مقاعد المجلس الشعبي الوطني.المادتان 73 و94 تشترطان حصول الأحزاب السياسية لقبول ترشحها في انتخابات المجالس الشعبية البلدية والولائية على نسبة 4 بالمائة على الأقل من الأصوات في الانتخابات السابقة، فيما تنص المادة 86 من المشروع على أن القوائم التي لم تحصل على نسبة 5 بالمائة على الأقل من الأصوات المعبّر عنها في الانتخابات التشريعية، لا تؤخذ في الحسبان عند توزيع المقاعد.ووجدت هذا المواد فضلا عن حذف المادة 80 من القانون الحالي للانتخابات والأحكام التي تنظم تشكيلة الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، اعتراضا شديدا من قبل نواب أحزاب المعارضة التي اعتبرتها موادا "تضييقية" و"إقصائية"، "تتعارض مع المكاسب التي جاء بها الدستور وتكرس تراجعا مفضوحا في الممارسة الديمقراطية في البلاد".الأفلان : ارتياح لعودة حق الأغلبية والمطالبة بالتشديد على الأحزاب المجهريةلم يخف نواب حزب جبهة التحرير الوطني أمس، ارتياحهم الكبير لحذف المادة 80 من القانون العضوي المتعلق بالانتخابات الحالي من مشروع القانون الجديد المطروح حاليا للنقاش على مستوى الغرفة البرلمانية السفلى، وإقرار استبدالها بالمادة 65 من قانون البلدية والتي تحيل رئاسة المجالس الشعبية البلدية لمتصدر القائمة التي تحوز على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات، واعتبروا الإجراء الجديد إنصافا لحزبهم الذي يكون قد فقد 341 بلدية خلال الانتخابات الماضية بفعل تطبيق المادة 80 "التي كانت سببا في حالات الانسداد التي عرفتها وتعرفها العديد من البلديات" على حد تعبير نواب الحزب العتيد.كما لم يكتف نواب حزب الأغلبية بمباركة الأحكام التي تضع نسبة إقصائية كشرط لقبول ترشح الأحزاب السياسية في الاستحقاقات، واعتبروا الأجراء كفيلا بتطهير الساحة السياسية من "الدخلاء" "والمتطفّلين" ووضع حد للممارسات المسيئة للعمل السياسي، على غرار شراء القوائم والذمم و"البزنسة" بالانتخابات باستعمال "الشكارة" لكسب المناصب السياسية، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك بالمطالبة برفع مستوى نسبة الإقصاء من عملية توزيع مقاعد المجلس الشعبي الوطني من 5 إلى 7 بالمائة، واعتبروا أن هذا التنظيم الجديد سيمكّن الأحزاب "الحقيقية" من لعب دورها في الساحة السياسية، فيما لم يتوان النائب عن الحزب محجوب بدة، إلى المطالبة بسحب اعتماد أي حزب لم يحصل على نسبة أعلى من النسبة الإقصائية.الأرندي: تثمين أحكام المشروعين والدعوة لتوسيع صلاحيات المنتخبينمن جهتهم نواب التجمع الوطني الديمقراطي، رحبوا بالأحكام الجديدة المتضمنة في مشروعي قانوني الانتخابات والهيئة العليا المستقلة لمراقبتها، والتي جاءت حسبهم لتجسّد المكاسب الدستورية الجديدة على أرض الواقع، وتعزّز الممارسة الديمقراطية في البلاد من خلال تحسين التدابير المرتبطة بتنظيم الانتخابات ومراقبتها.وإذ ركزت مداخلات نواب الأرندي على ضرورة توسيع صلاحيات المنتخبين المحليين وتمكينهم من الوسائل والآليات والإمكانيات الكفيلة بتسهيل إسهامهم في مساعي التنمية وخدمة المواطنين، لم ير بعض نواب التجمع على غرار فوزية سحنون، أي مبرر لمخاوف أحزاب المعارضة أو الأحزاب الصغيرة والجديدة من أحكام المادتين 73 و94، على اعتبار أن المادتين تنصان على أنه في حال لم يستوف الحزب شرط ال4 بالمائة من الأصوات في الانتخابات السابقة، بإمكانه جمع 250 توقيعا عن كل مقعد.تكتل الجزائر الخضراء: تضييق على الأحزاب وتراجع في المكاسب الدستوريةاستغرب نواب تكتل الجزائر الخضراء، ما اعتبره "عودة إلى الوراء في مجال الممارسة الديمقراطية في البلاد"، والتي كرستها حسبهم بعض أحكام المشروعين العضويين المتعلقين بنظام الانتخابات والهيئة الوطنية العليا لمراقبتها.وفي حين تساءل هؤلاء في مداخلاتهم عن سبب تغييب الأحزاب السياسية في تشكيلة الهيئة الوطنية لمراقبة الانتخابات، التي لم يتوان النائب نعمان لعور، في وصفها ب"الهيئة الإدارية"، اعتبر بعضهم أن اعتماد نسبة إقصائية في مرحلة الترشح يعد مساسا بالحقوق السياسية للمواطن المكفولة بموجب الدستور، وبرأي النائب محمد الهادي عثامنية، فإن النسبة الإقصائية يمكن تطبيقها في "الانتقاء الخاص بالتمثيل وليس في الترشح". كما تساءل نواب التكتل في سياق متصل عن عدم إدراج مواد في مشروع القانون العضوي تنص صراحة على معاقبة كل من يشتري الأصوات ويتلاعب بالقوائم الانتخابية دعما لجهود مكافحة البزنسة في الانتخابات.حزب العمال: معارضة المشروعين وانتقاد "التسرّع" في طرحهمالم يختلف موقف حزب العمال كثيرا عن مواقف الأحزاب الأخرى التي تعارض مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بالانتخابات والهيئة الوطنية العليا لمراقبتها، حيث اعتبر كل من جلول جودي، رئيس كتلة الحزب في مداخلته وكذا النائب رمضان تعزيبت، في تصريحاته أن المشروعين فيهما تراجع عن المكاسب الديمقراطية التي تحققت للشعب الجزائري "ومن أبرزها مكسب التعددية الحزبية الذي لا يمكن حسبهما أن يوضع له حدود من خلال قانون الانتخابات".واعتبر جلول جودي المادتين 73 و94 متناقضتين مع الحقوق والحريات الدستورية وتشكلان حاجزا أمام حرية التنظيم السياسي والتعبير الديمقراطي في البلاد، مشيرا إلى أن حزب العمال يتفهّم المبررات التي اعتمدتها الحكومة في وضع هاتين المادتين المتمثلتين في مكافحة التفسّخ السياسي والمظاهر السلبية التي شوهت العمل السياسي "إلا أنه رغم ذلك لا يمكن أن يدعم هذه التدابير التي ينبغي استبدالها حسبه بإقرار قوانين ردعية.كما ذكر المتحدث بأن مشروع قانون الانتخابات لا يمكن أن يعتمد كمرجع الانتخابات التشريعية لسنة 2012 "بالنظر لما شابها من غموض"، منتقدا في الأخير بدوره تغييب الأحزاب السياسية ضمن تركيبة الهيئة الوطنية العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات.جبهة العدالة والتنمية: المشروع تكريس للقطبية الحزبيةمن جانبه اعتبر النائب لخضر بن خلاف، عن حزب العدالة والتنمية مشروع القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، تكريس لنظام القطبية الحزبية، حيث أن هذا المشروع حسبه "جاء ليخدم حزبا سياسيا واحدا" في إشارة منه إلى حزب جبهة التحرير الوطني، وأضاف في مداخلته بأن مشروعي القانونين محل المناقشة فيهما تقهقر عن المكتسبات التي حققها النضال السياسي في الجزائر، متسائلا عن أسباب عدم استغلال تقارير اللجنة الوطنية المستقل لمراقبة الانتخابات، التي تم تشكيلها في الانتخابات الماضية من ممثلي الأحزاب السياسية في إعداد مشروعي القانونين.كما اعتبرت النائب مريم دراجي، اعتماد نسبة إقصائية للترشح بموجب مشروع قانون الانتخابات، ممارسة لرقابة قبلية على الأحزاب الغاية منها غلق اللعبة السياسية وحصرها في عدد محدود من الأحزاب.الأفافاس يختار المقاطعةبخلاف الأحزاب المعارضة للمشروعين، اختار حزب جبهة القوى الاشتراكية إعلان مقاطعته عن جلسة مناقشة المشروعين، وذلك "تساوقا مع مقاطعة الحزب لجلسة التصويت على تعديل الدستور"، حسبما أوضحه النائب شافع بوعيش، خلال لقاء نظمته الكتلة البرلمانية للحزب مع الصحافة والذي أشار فيه إلى أن الأفافاس يرى أن النّصين فيهما تضييق للخناق على الديمقراطية "ومحاولة لرسكلة أساليب تزوير قديمة".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)