المقاولة النسوية من أهم المواضيع التي باتت تطرح في عالم حواء بالجزائر، فالطموح إلى إقامة مشاريع جديدة خاصة لم يعد حكرا على الرجل، وإنما حلما لدى الكثير من الجزائريات اللائي يرغبن في الاستقلال بذاتهن، وكذا استثمار معارفهن أو حرفتهن والمساهمة بذلك في التنمية الاقتصادية للبلاد. وساعدت الإجراءات المتخذة في مجال تشجيع الاستثمار عموما ببلادنا، على اقتحام الكثير منهن لهذا العالم. وهو الأمر الذي لم يكن متاحا في التسعينيات من القرن الماضي، كما توضحه السيدة فتيحة راشدي، وهي عضو في جمعية النساء المقاولات ''ساف'' التي بدأت مشروعها الخاص في 1993 في ظروف مختلفة، تحدثنا عنها في هذا الحوار.
-''المساء'': قررت دخول عالم الأعمال بإنشاء معهد تسيير خاص في ,1993 لماذا اخترت عالم المقاولة، ولماذا هذا المجال بالذات؟
* فتيحة راشدي: في الحقيقة، اخترت مجال التكوين في التسيير لأنه قريب من مجال عملي، فقد عملت كإطار في الغرفة التجارية بوهران، وبالتالي، فإن عالم الاقتصاد لم يكن غريبا عني، كما أن إصدار قانون في 1991 يسمح بفتح معاهد ومدارس تكوين خاصة، شجعني على ذلك.
- كيف كانت بداية هذه التجربة بالنسبة لك؟
* يجب التذكير أنه في ,1993 لم تكن أجهزة التشغيل الحالية مثل الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب أو الوكالة الوطنية لتيسير القرض المصغر موجودة، وبالتالي كان مشكل تمويل المشاريع يطرح بحدة. والبنوك حينها كانت تتحفظ من تمويل المشاريع الخاصة، وهو فعلا ماحدث لي حين توجهت إلى البنك، فالمشروع بدأته مع صديقتي المهندسة، أي أننا كنا امرأتان نطمح إلى تحقيق هذا الحلم، ومدير البنك رفض أن يعطينا القرض لأننا امرأتان من جهة، ولأن الاستثمار في التكوين الخاص حينها كان مصدر تخوفات بالنسبة للهيئات المصرفية، لأنه لم يكن منتشرا مثل اليوم. وبفضل عائلتي وبعض الأصدقاء، استطعنا جمع مبلغ مكننا من بدء مشروع صغير كبير مع الوقت.
- اليوم، ماهو تقييمك للمشروع؟
* اليوم، يمكنني القول أن المشروع ناجح، لأننا تمكنا من تكوين مئات الشباب، وهو مايعني أننا منحناهم فرصة لتحقيق النجاح والخروج من دائرة الفشل، فبعضهم اليوم يعمل، وبعضهم الآخر أنجز مشاريع خاصة، وهم اليوم يسيّرون مؤسساتهم.
- ماهي المشاكل التي عانيت منها في مسارك الاستثماري ذات العلاقة، بكونك امرأة؟
* المشكلة الأولى تتعلق بالتكفل بأطفالي، واجهت بعض الصعوبات للتوفيق بين بيتي وعملي، والحمد لله أن أمي -رحمة الله عليها- ساعدتني. أما المشكلة المهنية التي عرقلتني كامرأة مقاولة، هي غياب فضاءات خاصة بالنساء الحاملات للمشاريع. فالرجال مثلا لديهم مثل هذه الفضاءات؛ كالمقاهي وأماكن لقاء أخرى تمكنهم من حل بعض المشاكل التي يواجهونها. لذا فإنني أقول إن المرأة المقاولة تجد نفسها دائما متأخرة مقارنة بالرجل المقاول، وهي لذلك مضطرة للعمل بجهد مضاعف، المرأة قد تضطر للعمل 10 مرات أكثر من الرجل لتصل إلى نفس النتائج التي يصل إليها.
- وكيف تقيّمين الوضع اليوم؟
* أرى أن المجتمع الجزائري تطور في حكمه على المرأة المقاولة، اليوم العائلات تشجع بناتها على اقتحام عالم الأعمال وإنشاء مؤسساتهن الخاصة. كما أن النظرة للقطاع الخاص بحد ذاتها تغيرت نحو الأفضل. اليوم إنشاء مؤسسة أصبح طموحا للكثيرات، لأنه أمر يشرّف المرأة وعائلتها. كما أن الأجهزة التي وضعتها الدولة أصبحت عاملا مساعدا بما تقدمه من امتيازات وتسهيلات لحاملي المشاريع.
- نحتفل ككل عام باليوم العالمي للمرأة. ماذا يعني هذا اليوم بالنسبة للسيدة راشدي؟
* أقول بكل صراحة أنني لا أؤمن بالاحتفالات المناسباتية، ولا أعتبر الثامن مارس لوحدة يوما هاما جدا، لأن المهم بالنسبة لي هو أن يكون نضال المرأة عملا متواصلا يتم كل أيام السنة، وفي كل مكان. فبهذه الطريقة، تظهر الحقائق وتتضح المشاكل التي مازالت تعاني منها المرأة عموما، والمقاولة خصوصا. فالأخيرة محتاجة لمساعدة لتطوير قدراتها، وبالتالي تساهم في تطور المجتمع وتنمية البلاد اقتصاديا. صحيح أن هذا اليوم يمكن أن يشكل وقفة للحديث عن واقع المرأة وتحدياتها، ولكنه غير كاف.
- تحدثت عن المشاكل التي مازالت تعاني منها المرأة المقاولة. هل لنا أن نعرف أهمها؟
* أهم مشكل مازال يطرح بالنسبة للمرأة المقاولة، هو غياب فضاءات خاصة بها لاستقبالها وتوجيهها ومرافقتها في مشاريعها. صحيح أن هناك بعض الجمعيات وبعض معاهد التكوين التي تعمل في هذا الاتجاه، لكن من الضروري توفير فضاءات منظمة ومهيكلة تختص بذلك. وأنا أقترح إنشاء صندوق خاص بالنساء حاملات المشاريع. ففي رأيي، المرأة لاتنطلق في مشروعها متساوية مع الرجل، لذا فأنا لا أتردد في الدعوة إلى إقامة تمييز إيجابي، أي تمييز لصالح المرأة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : أجرت الحوار: حنان حيمرتص/وير: ياسين. أ
المصدر : www.el-massa.com