“فتواكم لن تطبق هنا” هو عنوان كتاب أصدرته أستاذة الحقوق الجزائرية الأمريكية، كريمة بن نون، نجلة عالم الاجتماع الراحل محفوظ بن نون، عرضته منذ يومين على هامش معرض الكتاب بنادي الصنوبر.الكتاب غاص بعيدا في جراح الأزمة الجزائرية سنوات التسعينيات وبداية الألفية الثالثة، ونقل قصصا أخرى مع الإرهاب الأصولي من العراق وباكستان وأفغانستان وبلدان أخرى، كما تعرض إلى قصص مرعبة مثل قصة آمال زيواني التي اغتيلت في براقي، لا لشيء إلا لأنها رفضت ارتداء الحجاب والتوقف عن الدراسة، دراسة الحقوق، وقصة المحامي بوشايب الذي ما زال في عداد المفقودين إلى الآن، وقصص موجعة أخرى من البليدة والجزائر والكاليتوس، وغيرها العشرات من جرائم الإرهاب...تقول الكاتبة إنه من الضروري تدوين كل هذه القصص ونشرها ليعرفها الجميع، وليعرف الجميع ما معنى الإرهاب الأصولي وما معنى الإسلام السياسي، الذي لا تفهم كيف يصنف بعضه بالمعتدل مثل ذلك الذي تروّج له بعض الأوساط في أمريكا وفي جهات أخرى؟!لكن ما الفائدة من التدوين والنشر ورواية القصص المفزعة، وتلك التي تنشرها الجماعات الإرهابية تحت جميع المسميات، إذا لم تؤد هذه إلى التأثير على الموقف الأمريكي وعلى رسم سياستها الخارجية، خاصة وأن الكتاب موجه أولا إلى القراء الأنجلوفونيين؟سؤال طرحته أمس على كريمة بن نون، لكنها لا تملك الرد، فقط تتمنى أن تكون كذلك، وأن تؤثر هذه الحكايات المفزعة ليس فقط على موقف الخارجية الأمريكية، بل على الجميع، وعلى الرأي العام العالمي والأمريكي تحديدا، فحتى جرائم 11/09 لم تغير كثيرا من نظرة الأمريكيين إلى الإسلام السياسي، بينما وضعوا الجميع، إرهابا ومسلمين عاديين، في سلة واحدة! مازالوا يعتقدون بأنه يجب أن تتاح الفرصة للأحزاب الأصولية أن تقدم تجربتها في الحكم. مازالوا لا يفهمون أن الإسلام السياسي سواء كان إخوانيا أو سلفيا أو داعشيا لا يؤمن بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان ولا حقوق المرأة، وما زالت نظرتهم للمرأة عالقة في مرحلة القرون الوسطى مبنية أكثر على العادات والتقاليد التي كانت سائدة في شبه الجزيرة العربية أكثر منها انتسابا إلى تعاليم الدين الحنيف.فهل بعد كل هذه الجرائم التي يطلع عليها العالم يوميا والفظائع التي ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي على انتشارها، والترويج لها، كما ساعدت على تجنيد الآلاف من شتى بلدان العالم للانخراط فيها، ما زالت أمريكا تعتقد أنه من حق الإسلام السياسي تحت مسمى الاعتدال المزعوم أن يحكم؟! والكل يعرف أنه إن حكم فإنه سيوئد كل الحريات ويكفّر قيم الديمقراطية وسيقترف المزيد من الجرائم، مثلما يجري الآن في إيران، فمنذ أسبوع فقط تم تنفيذ حكم الإعدام شنقا في طالبة شابة لأنها قتلت رجلا كان اغتصبها، ولم تستفد من ظروف مخففة ولا من حملة المساندة التي طالبت بوقف تنفيذ إعدامها.العالم صار أقل من قرية، والكل يعي أنه إذا ما حدث تحول في الرأي العام الأمريكي تجاه ما يلحق بالعالم من جرائم على يد المتشددين، فإن ذلك سيؤثر حتما على السياسة الامريكية تجاه بلداننا وتجاربنا المؤلمة، لأنه رغم ما تدعيه أمريكا من ملاحقة القاعدة وداعش وحربها على الإرهاب، إلا أنها بطرق ملتوية ما زالت تستعمل هذه الظاهرة لبسط سيطرتها ونفوذها على المشرق والمغرب، وبالتالي تبقى الصرخات التي نقلتها السيدة بن نون في كتابها “your fetwa don't apply here“ مجرد صرخة وسط مجتمع أصم؟!
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 03/11/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com