الجزائر

فتح نقاش ديمقراطي يسمح بتجاوز تبعات الأزمة الاقتصادية



فتح نقاش ديمقراطي يسمح بتجاوز تبعات الأزمة الاقتصادية
شدّدت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان في تقريرها السنوي لسنة 2016، على ضرورة فتح نقاش ديمقراطي يسمح بتجاوز تبعات الأزمة الاقتصادية الحالية وتجنّب نقص التجانس في الحوكمة والسياسة الاجتماعية - الاقتصادية وذلك ضمن مسار تنمية الجزائر للفترة ما بين (2020-2030).في تقريرها السنوي لسنة 2016، الذي يعدّ الأخير عقب استخلافها بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، قدمت اللجنة تشخيصها للظرف الاقتصادي الوطني في ظلّ الأزمة الاقتصادية الراهنة، حيث أكدت على أن الجزائر «لا يمكنها أن تعيش مرة أخرى الأزمة المالية التي كانت قد حدثت سنة 1986»، غير أنها لفتت بالمقابل إلى «السنوات الصعبة التي تلوح في الأفق وتأثيرها على أسعار البترول، و هو ما يستدعي تكريس «حوكمة رشيدة وإعادة توجيه السياسة الاجتماعية -الاقتصادية الحالية المتمحورة حاليا حول المنشآت».وأوضحت في هذا الإطار بأن «ديناميكية التنمية تستند على مؤسسات مركزية و محلية عالية الجودة ومجردة من البيروقراطية، مبنية على اقتصاد المعرفة»، محذرة من أن الوضع الراهن «يبعث على الانشغال ويستوجب رد فعل في مستواه».وإزاء ذلك، يستوجب على السلطات المعنية - مثلما أكد عليه التقرير- «التوفيق بين نجاعة اقتصادية وعدالة اجتماعية حقيقية وعميقة» وكذا محاربة الفساد، مع تكييف الجزائر مع رهانات العولمة وهو تكييف «لا يمكن فصله عن دولة القانون والديمقراطية»، يضيف التقرير. الحوار بين الفاعلين الحل الأمثل للنهوض بالتربية والتعليم وبشأن قطاع التربية والتعليم، تقترح هذه الهيئة «إقامة تشاور ملائم، موجه لجمع كافة الفاعلين الوطنيين، قصد التفكير ودراسة واعتماد مسعى موحد مع حل نقاط الخلاف بينهم»، كما دعت إلى وضع الإصلاحات الناجمة عن التشخيص المعد من قبل جميع هؤلاء الفاعلين حيز التنفيذ لتجاوز الأزمة التي يعرفها هذا القطاع.كما ترى اللجنة بأن هناك عنصرين ينبغي أن يدرجا في الحسبان قبل الدخول في أي إصلاح وهما «إدراج سير منظومة التربية في منظومة اقتصادية واجتماعية يمكنها الاستجابة لمتطلبات التنمية» و»إدخال شروط ضمان الجودة في التعليم على كافة المستويات».واستندت اللجنة في تحليلها إلى التقييم الأخير الذي وضعته الوصاية والذي تقرّ من خلاله بأن منظومة التربية الوطنية «تعيش أزمة نمو، حيث يتعلق الأمر بالانتقال من استثمار كمي كان همه ضمان تمدرس كل الأطفال الجزائريين إلى إعادة انتشار نوعي»، وهو ما يجعل بالتالي، عامل الجودة يبرز كتحدي أساسي للقطاع.وعلى صعيد ذي صلة، يتعلّق بالعنف الذي يجتاح الأوساط المدرسية، سجلت اللجنة إدراك و وعي الوصاية بالأبعاد الخطيرة لهذه الظاهرة حيث شرعت في جملة من الخطوات، لاسيما منها «حظر العقاب البدني عن طريق تدابير تشريعية وتنظيمية وكذا العقوبات المهينة، مع اتخاذ تدابير إدارية قد تصل حدّ الشطب في حقّ كل مخل بهذه القاعدة»، يقابلها في الجانب الآخر تعليم التلاميذ ضرورة احترام معلميهم وجميع أعضاء الجماعة التربوية، حسب ما تنصّ عليه المادة 20 من القانون التوجيهي للقطاع. قطاع الصحة يواصل معاناته مع أزمة اقتصادية وتنظيمية في آن واحد أما فيما يتعلّق بقطاع الصحة، فترى اللجنة بأن هذا الأخير يشهد منذ سنوات عديدة «أزمة اقتصادية وتنظيمية في آن واحد»، مضيفة بأن الحل يكمن أساسا في مجموعة من الآليات المتمثلة في «إشراك جميع الأطراف الفاعلة في المساعي التشاركية» و»القضاء على التصدّعات المهنية» و»تطوير أدوات التحسيس والتكوين ذي الجودة»، مع «ضبط أهداف واقعية لكن طموحة».واعتمدت الهيئة في إعداد هذا الشقّ من التقرير على التقييم المقدم من قبل الوصاية الذي انصب على مجموع هياكل الصحة العمومية منها والخاصة، حيث رفع جملة من المشاكل المتصلة بالتسيير، من بينها «النقص غير المبرر لبعض الأدوية والمنتجات الصيدلانية» و»الديون التي تثقل كاهل الصيدلية المركزية»، وكذا «عدم تطبيق القوانين الأساسية الخاصة وأنظمة التعويض لمختلف الأسلاك على الرغم من صدورها، مما جعل منها مصدرا للاضطرابات الاجتماعية».أما فيما يتعلّق بالمشاكل ذات العلاقة بالتخطيط، فتبرز عدة عراقيل من أهمها «عدم وجود خريطة صحية» علاوة على كون «إنجاز المنشآت وتطوير الأنشطة غير مرتبط آليا بأمراض وعاء السكان الذين يخضعون للعلاج».كما يبرز أيضا جانب آخر يتصل بالمشاكل المتصلة بأخلاقيات المهنة، حيث توقفت الوصاية عند «تغيب و تراخي مهنيي الصحة مما يفرز عنه اضطراب قوي في سير المصالح والتكفل بالمرضى» وغيرها.أما فيما يتصل بالتقييم الذي قدمه المهنيون، فقد ارتكز على «غياب سياسة حقيقية للصحة» و»تفاقم عدم التساوي في الحصول على العلاج» و غياب التكامل بين القطاعين العمومي و الخاص».غياب المصادر المؤكدة في التقارير الدولية حول الجزائر يمسّ بمصداقيتها وكما جرت العادة، تضمن التقرير السنوي للجنة موقفها من التقارير الدولية المعدة بخصوص وضع حقوق الإنسان في الجزائر على غرار البرلمان الأوروبي وكتابة الدولة الأمريكية، حيث أشارت فيما يتعلّق بهذه الأخيرة، إلى «عدم تسجيل أي تغيير في مسعى ومنهجية إعداد التقارير»، علاوة على استنادها على «حالات فردية، معتبرة منظمات المجتمع المدني مصدرا رئيسيا في هذه العملية».أما فيما يتصل بتقارير المنظمات غير الحكومية كمنظمة العفو الدولية و»هيومن رايش ووتش» و»مراسلون بلا حدود»، فقد لفتت الهيئة إلى أن تقاريرها المنشورة تعتمد على «منهجية التنديد وليس التشجيع» في معالجتها للمسألة، كما أن مصادر المعلومات التي تغذي تقاريرها هي «غاليا فضفاضة يصعب التأكد منها»، مؤكدة أن مضمون هذه التقارير «المتتابعة والمتشابهة» يعكس في الغالب «نظرة ليست توافقية بالضرورة بين كل الأطراف».وفي هذا الإطار، ترى اللجنة أنه «يستحسن الشروع في حوار مع الممثليات الدبلوماسية للبلدان التي تصدر عنها هذه التقارير وتطوير قنوات الاتصال معها قصد إطلاعها على كافة المعلومات المفيدة حول الإنجازات المحقّقة في مجال حقوق الإنسان بالجزائر».المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مواجهة التحديات اعتبرت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية و حماية حقوق الإنسان أن استخلافها بالمجلس الوطني لحقوق الانسان يندرج ضمن تعزيز دولة القانون والديمقراطية تماشيا مع المعايير الدولية في هذا المجال، حيث تنتظره تحديات عديدة من أهمها المرافعة للتصديق على عدد من المعاهدات أهمها تلك المتعلقة بمناهضة التعذيب والمعاملات اللاإنسانية وغيرها.وأشارت اللجنة في تقريرها السنوي لسنة 2016، إلى أن هذا الأخير «مدعو، في ظرف حساس، لمواجهة حزمة من الالتزامات الناجمة عن المعاهدات الدولية والإقليمية التي صادقت عليها الجزائر في مجال حقوق الإنسان».كما يتعين على هذه الآلية الجديدة، المستحدثة بمقتضى التعديل الدستوري الأخير، أيضا رفع جملة من التحديات، لا سيما منها «المرافعة للتصديق على وثائق جديدة كالبرتوكول الإضافي لمناهضة التعذيب وغيرها من العقوبات أو المعاملات القاسية واللاإنسانية أو المهينة»، يضاف إلى ذلك «متابعة تطبيق القاضي الوطني للمعاهدات الدولية والإقليمية التي صادقت عليها الجزائر والوقاية من الاتجار بالأشخاص ومحاربته».


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)